رأس العين – حسين شعبو
يلقي وجود ثلاث عملات متداولة في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة حملًا ثقيلًا على الأهالي والتجار، ويعقّد معاملاتهم التجارية.
العملة المتداولة هي الليرة السورية، لكن واقعها المضطرب وانخفاضها إلى مستويات غير مسبوقة أرهق الأهالي، أما العملة الثانية فهي الليرة التركية (غير متداولة بكثرة) بسبب متاخمة المدينة الحدود التركية، والثالثة هي الدولار الأمريكي.
حالة التداول ليست جديدة، لكن تدهور الليرة السورية منذ مطلع العام الحالي أمام العملات الأجنبية، وانخفاض قيمة الليرة التركية، تركا أثرًا سلبيًا في حياة سكان المدينة البالغ عددهم نحو 115 ألف شخص.
ويعادل كل دولار أمريكي 14000 ألف ليرة سورية، ويبلغ مقابل العملة التركية 27 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات النقدية.
لا ترضي الزبون ولا التاجر
هيبة عدوان، ربة منزل في رأس العين، قالت، إن عائلتها لم تعد قادرة على مواكبة ارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة الليرة، وبات شراء السلع الأساسية مثل الخبز والسكر والزيت يشكل عبئًا عليها.
وأوضحت لعنب بلدي أن الأسعار ارتفعت بنحو 75%، لافتة إلى أن التجار يحسبون المواد الغذائية بالدولار، والعملة المتداولة وأجور العمال كلها تُدفع بالليرة.
من جهته، عبد العزيز كنعو، وهو أحد سكان رأس العين، قال، إنه كان يشتري كيلو السكر قبل أسابيع بـ13 ألف ليرة، وصار يشتريه حاليًا بـ21 ألف ليرة، لأن التجار يحسبون السعر بالدولار والأهالي يدفعون بالليرة.
مصطفى عز الدين، مالك محل خضار في المدينة، قال لعنب بلدي، إنه تكبد خسائر وصلت إلى 70% من رأس ماله بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية، فهو يشتري الخضار بالليرة التركية ويبيعها بالليرة السورية، ويضطر التاجر إلى استبدال العملتين بشكل يومي.
من جهته، هيثم شلش، وهو صاحب محل مواد غذائية، اعتبر أن وضع التداول غير مقبول، فقيمة العملات صارت تختلف كل ساعة، ويصعب تحديد سعر المنتجات، ويبقى التاجر طيلة يومه يحصي خسائره وكمية البضائع التي يمكنه شراؤها في اليوم التالي.
وطالب هيثم الجهات المعنية بتحديد آلية تداول مرضية للجميع، لأن تقلب سعر الصرف للعملات المتداولة يهدد استمرار الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة في الوقت الحالي.
ويعاني محمد السليم، وهو صاحب محل ملابس، تراجع الإقبال على الشراء بسبب انهيار الليرة السورية، وارتفاع قيمة الملابس نحو 100%، وبات من الصعب على الزبائن مواكبة سعر السوق، لافتًا إلى أن هذه الحالة لا ترضي التاجر ولا الزبون.
وأوضح محمد أن تراجع البيع يهدد باستمرارية عمله وغيره من التجار، مناشدًا الجهات المعنية بضرورة اتخاذ إجراءات لمعالجة ما وصفها بـ”الأزمة الاقتصادية”.
استبدال الليرة التركية بالسورية
مدير غرفة التجارة والصناعة في منطقة رأس العين، هبو الهدار، قال لعنب بلدي، إن استمرار تداول الليرة السورية يشكّل عبئًا اقتصاديًا على الأهالي ويؤدي إلى زيادة نسب الفقر.
وذكر أن هذه التعاملات تؤدي إلى تعطيل النشاط التجاري، ما يتطلب إيجاد حل فعال، لافتًا إلى أن غرفة التجارة تطالب باستبدال الليرة التركية بالسورية على غرار ما تم في الشمال السوري.
واعتبر الهدار أن هذا الإجراء سيعزز اقتصاد المنطقة ويجعله أكثر استقرارًا، ما سيعود بالنفع على السكان والتجار على حد سواء.
المتحدث باسم المجلس المحلي برأس العين، زياد ملكي، قال لعنب بلدي، إن المجلس ملتزم بالتواصل المستمر مع التجار والمواطنين على حد سواء، ويدرك التحديات التي يواجهها التجار نتيجة تدهور الليرة السورية.
وذكر أن المجلس يتعاون مع الجانب التركي لتعزيز تداول العملة التركية ومنع التعامل بالليرة السورية في المنطقة، لكن الأمر يتطلب وقتًا وجهدًا، مضيفًا أن الليرة التركية ستكون متاحة على نطاق واسع في المستقبل القريب، دون تحديد موعد لذلك.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، ومظلته السياسية “الحكومة السورية المؤقتة”، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
ولم تعتمد “الحكومة المؤقتة” الليرة التركية عملة للتداول في رأس العين وتل أبيض، رغم اعتمادها في ريفي حلب الشمالي والشرقي.
واعتمدت حكومتا “الإنقاذ” و”السورية المؤقتة”، العاملتان في الشمال السوري، الليرة التركية عملة للتداول في حزيران 2020، كونها أكثر استقرارًا من الليرة السورية، إلى جانب تداول الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية الخارجية.
وجاء استبدال العملة التركية بالسورية في الشمال بعد وصول سعر الصرف إلى حدود 3500 ليرة سورية للدولار الواحد في حزيران 2020، وسط مطالبات من سوريين بأن يكون الاستبدال حلًا مؤقتًا لحين الوصول إلى حل سياسي.
ورغم اعتماد الليرة التركية، يؤدي انخفاض قيمتها أمام العملات الأجنبية إلى جمود جزئي في الأسواق، وارتفاع في أسعار المواد الغذائية بشكل عام، نظرًا إلى أن حركة الاستيراد تكون من خارج سوريا عبر تركيا، وأي تغير بسعر الليرة مقابل الدولار يؤثر بشكل سريع على السوق المحلية.