عادت الأوضاع الميدانية شمال غربي سوريا إلى ما كانت عليه قبل التصعيد الأحدث، إذ تشهد المنطقة استهدافات بسلاح المدفعية التابع للنظام السوري على خطوط الجبهات الممتدة جنوبي محافظة إدلب، بينما تتحدث “هيئة تحرير الشام” (صاحبة السيطرة على المنطقة) عن أن النظام طلب هدنة لوقف القصف المتبادل من الجانبين.
وأفاد مراسل عنب بلدي في إدلب أن حملت القصف المكثف التي شنها النظام السوري قبل أيام على مدن وقرى إدلب وحلب توقفت اليوم، الثلاثاء 10 من تشرين الأول، بينما عادت وتيرة الاستهدافات المدفعية المتقطعة إلى المنطقة، إذ قصفت قوات النظام الأحياء السكنية في بلدة الأبزمو بقذائف المدفعية مخلفة جرحى مدنيين.
“المرصد 80” المتخصص برصد الشؤون العسكرية شمال غربي سوريا، قال لعنب بلدي، إن الوضع الميداني عاد ليقتصر على استهدافات مدفعية متفرقة، وتحليق مستمر لطيران الاستطلاع على خطوط التماس.
وأضاف أن رمايات مدفعية من قبل النظام استهدفت قرى التفاحية وكبينة ومحيط بلدة الناجية، ورمايات أخرى على محور حرش بينين، وقذائف طالت مناطق سيطرة المعارضة بريف حلب الغربي.
“الدفاع المدني السوري” قال إن جرحى مدنيين أصيبوا بقصف صاروخي مصدره قوات النظام طال بلدة الأبزمو وآخر تعرضت له قرية السحارة في ريف حلب الغربي اليوم، الثلاثاء.
وأضاف في منشور منفصل أن حملة القصف التي أطلقتها قوات النظام على شمال غربي سوريا تسببت “بدمار كبير” في الأحياء السكنية، إذ تعمل فرقه على إزالة أنقاض القصف من الأحياء المتضررة وفتح الطرقات أمام حركة المدنيين بريفي حلب وإدلب.
هدنة
مع نهاية يوم الاثنين 9 من تشرين الأول، تناقلت حسابات إخبارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن غرفة عمليات “الفتح المبين” (تضم فصائل معارضة تتمركز شمال غربي سوريا)، تتحدث عن أن النظام طالب بهدنة مع فصائل المعارضة بسبب عمليات القصف التي شنتها على مواقعه.
وأكد الجناح العسكري لـ”تحرير الشام” لعنب بلدي عبر مراسلة إلكترونية صحة هذه الأنباء، التي اعتبرت أن موقف “الفتح المبين” واضح، و”من بدأ بقصف الآمنين في المناطق المحررة عليه أن يتوقف عن القصف، وإلا فإن الضربات العسكرية مستمرة نحو مواقع جديدة في عمق مناطق سيطرة النظام”، بحسب غرفة العمليات.
رئيس حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، علي عبد الرحمن كده، عقد، الاثنين، مؤتمرًا صحفيًا تحدث خلاله عن قطاعات تعرضت للضرر إثر التصعيد العسكري الذي تشنه قوات النظام وروسيا على المنطقة، نافيًا وجود اتصالات للتهدئة.
وقال كده في مؤتمر صحفي حضرته عنب بلدي، إن القصف استهدف المباني السكنية والمستشفيات والمراكز الصحية والأسواق والمدارس والجامعات والمساجد، وأسفر عن مقتل 41 شخصًا وإصابة 175 آخرين.
ونفى كده وجود أي اتصالات هاتفية أو تواصلات دولية على مستوى حكومة “الإنقاذ”، من أجل التهدئة مع النظام السوري، لافتًا إلى أن الفصائل في أحسن واقع وفي حالة تأهب لرد أي اعتداء عسكري، مع جاهزية لجميع السيناريوهات.
قصف عنيف
منذ ستة أيام، يعيش السكان في الشمال السوري حالة من الخوف والقلق جراء حملة قصف تنفذها قوات النظام طالت مدن وقرى الشمال السوري من جسر الشغور إلى إدلب وريفها وريف حلب الغربي.
وقال “الدفاع المدني”، إن القصف هو استمرار لسياسة “الإرهاب” التي تمارسها قوات النظام على المدنيين ودفعهم للنزوح من قراهم وبلداتهم.
وذكر في بيان أن التصعيد والهجمات “الإرهابية” على شمال غربي سوريا تهدد استقرار المدنيين في وقت باتت فيه المنطقة الملاذ الأخير لآلاف العائلات التي هجرتها قوات النظام وروسيا ويعيشون أزمة إنسانية حادة.
وتضم مناطق شمال غربي سوريا 4.5 مليون إنسان، 4.1 مليون منهم بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان منهم يعيشون في المخيمات.
تصعيد النظام السوري جاء في اليوم نفسه الذي استهدفت فيه طائرة مسيّرة مجهولة الكلية الحربية التابعة للنظام في مدينة حمص، مخلفة حوالي مئة قتيل وأكثر من مئة جريح، علمًا أن النظام لم يحمل المسؤولية بشكل مباشر للفصائل السورية المعارضة.
واقتصر الاتهام الذي وجهه النظام السوري على مسمى “مجموعات إرهابية”، وهو ما يطلقه عادة على الفصائل المتمركزة شمال غربي سوريا، بينما روّجت حسابات إخبارية رديفة للنظام عن أن القصف جاء ردًا على استهداف الكلية الحربية في حمص.
–