أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرًا خاصًا بالتزامن مع عقد محكمة العدل الدولية أولى جلساتها لمساءلة النظام السوري حول انتهاكات تعذيب المعتقلين في السجون السورية، حيث لا يزال يحتجز نحو 136 ألف شخص معرضين للتعذيب.
وجاء في تقرير “الشبكة” الصادر اليوم، الثلاثاء 10 من تشرين الأول، أن الدعوى التي رفعتها هولندا وكندا ضد النظام السوري أمام محكمة العدل الدولية “خطوة جدية في مسار المحاسبة”.
وكانت هولندا وكندا قد تقدمتا، بصفتهما طرفين في اتفاقية “مناهضة التعذيب”، بطلب في محكمة العدل الدولية ضد النظام، بشأن عدم إيفاء الأخير بالتزاماته بموجب الاتفاقية، كما طلبت الحكومتان من المحكمة أن تفرض على وجه السرعة تدابير مؤقتة لحماية الضحايا.
أوصى التقرير الحكومتين الهولندية والكندية بالطلب من محكمة العدل الدولية اتخاذ أقصى إجراءات تحفظية ممكنة، بما في ذلك وقف التعذيب، والقتل تحت التعذيب، وإلغاء جميع الأحكام الصادرة بحق المعتقلين تعسفيًا لأنها استندت إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب، وتحسين ظروف الاحتجاز كون أغلب الوفيات تكون بسبب سوء الأوضاع الصحية.
كما طالبت “الشبكة” مجلس الأمن والأمم المتحدة حماية عشرات آلاف المعتقلين والمختفين قسريًا لدى النظام من التعذيب حتى الموت وفقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وإيجاد آلية لإلزام كافة أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري لوقف عمليات التعذيب، والكشف عن أماكن جثث الضحايا وتسليمها للأهالي.
83 أسلوبًا للتعذيب
أوضح التقرير تعدد أنماط التعذيب التي استخدمها النظام داخل مراكز الاحتجاز التابعة له، وتباينها في شدتها وقسوتها بحسب كل نوع، وممارستها بشكل واسع بحق معظم المعتقلين.
وصنف التقرير أشكال التعذيب إلى ثمانية أساليب أساسية، يتفرع عن كل شكل أساليب ثانوية عدة بإجمالي 83 أسلوبًا.
ومورست عمليات التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام وفق سياسة “مركزية وشاملة تورطت في ممارستها الغالبية العظمى من مراكز الاحتجاز وامتدت ليشارك في تنفيذها أدنى وأعلى المستويات في الأجهزة الأمنية بأهداف ودوافع مختلفة”، وفق التقرير.
ومن هذه الدوافع، انتزاع الاعترافات عبر التعذيب وتوجيه التهم المتعددة للمعتقلين على اعتبار عدم وجود أدلة مادية تدين المعتقل إلا عبر انتزاعها بالتعذيب، إضافة إلى “التشفي والانتقام الجماعي” الموجه للمعتقلين كافة باعتبارهم معارضين للسلطة لمجرد اعتقالهم أو بسبب أنشطتهم المعارضة، ولبث الرعب والخوف في المجتمع.
وأفاد التقرير أن النظام مسؤول عن مقتل 15051 شخصًا بينهم 190 طفلًا و94 سيدة بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز منذ آذار 2011، وقرابة 136 ألف معتقل أو مختفٍ قسريًا ما زالوا يتعرضون للتعذيب.
وثق المركز الحقوقي تطبيق عقوبة الإعدام بشكل واسع في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام، حتى شملت الأطفال، وأكد التقرير أن ما لا يقل عن 14843 حكمًا بالإعدام صدر عن محاكم الميدان العسكرية في سوريا منذ آذار 2011 حتى آب الماضي، من بينهم 7872 شخص نفذت عقوبة الإعدام بحقهم، وجميعهم لم تُسلم جثامينهم لذويهم، أو يجري إخطارهم بمصيرهم.
في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” صدر في 8 من تشرين الأول، أوضحت أن جلسات محكمة العدل الدولية، التي ستنعقد اليوم الثلاثاء وغدًا الأربعاء ستناقش إمكانية إجراء التدابير المؤقتة.
وقالت، “يتعين على المحكمة الدولية أن تتخذ على وجه السرعة تدابير لمنع المزيد من الانتهاكات ضد السوريين، الذين ما زالوا يعانون في ظل ظروف مرعبة، وحياتهم عرضة لمخاطر شديدة”.
طلبت الدولتان من المحكمة إقرار تدابير مؤقتة من النظام تشمل اتخاذ تدابير فعالة لوقف ومنع جميع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعدم إتلاف أي دليل يتعلق بالقضية الأساسية أو منع الوصول إليه، والكشف عن مواقع دفن الأشخاص الذين قضوا بسبب التعذيب.
كما طلبت الدولتان أيضًا أن تأمر المحكمة بعدد من التدابير المؤقتة المتعلقة بالاحتجاز، تشمل إطلاق سراح أي شخص محتجز بشكل تعسفي أو غير قانوني، وإنهاء جميع أشكال الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والسماح للمراقبين المستقلين والعاملين الطبيين بالوصول إلى مواقع الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.