تخفيض المساعدات يضع الهلال الأحمر تحت الانتقاد في دير الزور

  • 2023/10/10
  • 5:56 م
توزيع حصص غير غذائية في مدينة دير الزور - 10 من آب 2022 (الهلال الأحمر السوري - فرع دير الزور / فيس بوك)

توزيع حصص غير غذائية في مدينة دير الزور - 10 من آب 2022 (الهلال الأحمر السوري - فرع دير الزور / فيس بوك)

برنامج “مارِس” التدريبي – رهام السوادي العلي

توجه العديد من الانتقادات إلى منظمة “الهلال الأحمر” في مدينة دير الزور في الأشهر الأخيرة، إذ يشك بعض أهالي المدينة بآلية توزيع الحصص الغذائية والمالية وآلية انتقاء المستفيدين دونًا عن غيرهم.

بدأت المشكلة في 13 من حزيران الماضي، عندما أعلن “برنامج الأغذية العالمي”، الداعم الأساسي لـ”الهلال الأحمر”، عن تخفيض مساعداته الغذائية لحوالي 2.5 مليون شخص، بعد أن كان يقدمها لحوالي 5.5 مليون يعتمدون على المساعدات في سوريا، مرجعًا ذلك إلى أزمة نقص التمويل. 

وبدلًا من تخفيض حجم الحصص الغذائية، فضل البرنامج تخفيض عدد المستفيدين باعتباره الحل الوحيد، بحسب ممثل برنامج الأغذية العالمية والمدير القطري في سوريا، كين كروسلي.

وفي تموز عادت “الأمم المتحدة” لخفض جميع الحصص إلى النصف مرة أخرى، بسبب ما وصفته بالنقص “التاريخي” في التمويل. 

ومن هنا بدأت تظهر شكوك الأهالي في دير الزور حول آلية انتقاء المستفيدين، وسط اتهامات بأن “الفساد بدأ يتخلل المنظمة”، وأصبح لأصحاب “الواسطة” و”المحسوبية” الأولوية، أو أن “معظم المساعدات” تعرضت لـ”السرقة” من قبل ضباط ومسؤولي النظام، دون أن يحصل المستحقون على حصصهم، رغم وضعهم المعيشي الصعب. 

كما تدور انتقادات بشأن علاقة مكاتب الحوالات بالمنظمة، إذ ترسل المنظمة المراجعين للمكتب، بحجة “تحكّمه” بأسماء المستفيدين من المساعدات المالية، إضافة إلى دراسة أسماء المستفيدين في المركز الرئيسي بدمشق. 

“تمييز” و”فوقية في التعامل” 

“العديد من العائلات الفقيرة استُبعدت معي من التقييم الأخير الذي أجراه الهلال الأحمر، بينما وزعت الحصص الغذائية على العائلات الميسورة التي يُعرف أنها تمتلك شققًا سكنية وسيارات خاصة وتجارة مربحة”، هذا ما قالته مريم (اسم مستعار، تحفظت على ذكر اسمها لدواعي أمنية)، في حديث إلى عنب بلدي.

وأرجعت مريم ما أسمته بـ”التمييز” إلى اقتراب هؤلاء الأشخاص من الأفرع الأمنية وقادة الميليشيات المسلحة، أو وجود مصالح مشتركة مع مدير المنظمة. 

وقالت إنها المعيلة لعائلتها المقيمة في حي الجورة بعد وفاة والدها، وتعيش مع ثلاثة أشقاء أطفال في بيت صغير مستأجر، بالإضافة لعدم امتلاكها وظيفة حكومية. 

ومع وضعها المعيشي الصعب، استُبعدت من برنامج الحصص الغذائية الشهرية في التقييم الأخير الذي أجرته المنظمة، ما دفعها لتقديم عدة اعتراضات باءت دون رد من المنظمة، بحسب مريم.

رافع (اسم مستعار)، قال لعنب بلدي إنه يملك ملفًا في “الهلال الأحمر” منذ 2015، وكانت حصته مقبولة، ولكن مع تقييم المنظمة الأخير، صارت الحصة الغذائية لا تكفي لسد احتياجات العائلة التي توزع عليها كل شهرين، حسب تصنيف المنظمة الجديد. 

وقال إنه تلقى حصته الغذائية الأخيرة قبل حوالي ستة أشهر، ولم يتلقَ أي حصة مالية عبر مكاتب الحوالات. 

ووصف رافع طريقة تعامل موظفي المنظمة مع المراجعين بـ”السيئة” و”الفوقية”، و”غير المحترمة”، مضيفًا أن العمل لدى “الهلال الأحمر” يعتمد على “المحسوبيات، بعيدًا عن المعايير المهنية”.

تنشر صفحة “هنا دير الزور” في “فيس بوك”، شكاوى مواطنين على الهلال الأحمر بشكل دوري، وقال مدير الصفحة إن العائلات المستفيدة قبل التقييم الأخير كانت 6000 عائلة في دير الزور وريفها، أما الآن فتراجعت إلى 1200 فقط، متهمًا المنظمة بالانحياز إلى أقارب المسؤولين والضباط.

وتبلغ حصة الدعم المالية 1.1 مليون ليرة سورية (73 دولارًا تقريبًا)، مخصصة لمن لديهم مرضى، والأرامل، والفقراء، وغير المستفيدين من السلل الغذائية الشهرية التي توزعها المنظمة. 

ما رد المنظمة

متطوع في “الهلال الأحمر” بدير الزور منذ سنوات، تحفظ على ذكر اسمه لدواعي أمنية وكونه غير مخول بالحديث الإعلامي، قال لعنب بلدي، إن الحصص الغذائية قلّت والدعم انخفض، ولهذا أنشأ “برنامج الغذاء العالمي” (WFP) مشروع “VNR”. 

مشروع “VNR“، هو برنامج على الهواتف المحمولة، يتضمن أسئلة من “برنامج الغذاء العالمي” حول الحالات المقدمة له، يقيّم فيه متطوعو “الهلال الأحمر” احتياجات الضعف لدى الأسرة. 

وأضاف المتطوع أن مهمة المتطوعين الإجابة على الأسئلة بناء على تقديرهم للحالات التي يرونها في الواقع، ولا يعلمون على أي أساس يجري اختيار المستفيدين والمستبعدين. 

وهناك “الكثير” من متطوعي الهلال وحتى متطوعي مشروع “VNR” وأسرهم استبعدوا أيضًا، وفق المتطوع. 

وبالنسبة لدراسة أسماء المستفيدين، أوضح أن المركز الرئيسي لـ”الهلال الأحمر” في دمشق يحلل البيانات ويأخذ باعتباره الأشخاص ذوي الإعاقة، أو الأمراض المزمنة، أو الأطفال الرضع. 

وبناء على ذلك، يحدد المستفيدون وترسل النقود مباشرة من دمشق عبر مراكز التحويل إليهم. 

وتعتمد إدارة دير الزور على فرع دمشق، كونه الفرع الرئيسي، وأكد المتطوع أن جميع عمليات الفلترة والتحليل تجري في دمشق. 

وأشار المتطوع إلى أشخاص يقولون إن حالتهم سيئة، ولكن لديهم منزل خاص، وأبناء يعملون في دول أوروبية، وفي هذا السياق، هناك أشخاص بحاجة أكبر للمساعدة، وهنا يعتبر غير المستفيدين أنفسهم مظلومين. 

أهمية الحصص الغذائية

تعاني دير الزور ما تعانيه بقية المحافظات في سوريا، المصنفة بين الدول العشرة الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، إذ أن 12 مليون سوري يتعرضون للجوع نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفق مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، جويس مسويا. 

وفي تقرير من 19 صفحة قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كانون الثاني 2022، يتناول بالأرقام واقع الوضع الإنساني في سوريا، أكد أن 90% من السوريين تحت خط الفقر، ويعاني 60% منهم انعدام الأمن الغذائي. 

ونتيجة المواجهات الأخيرة بين “قسد” ومقاتلي العشائر، نزحت أكثر من 6700 عائلة، وفق ما نقلته الأمم المتحدة عن “الهلال الأحمر السوري“. 

وبحسب آخر إحصائية لموقع “Trading Economics” المتخصص بالإحصائيات، في كانون الأول 2022، يقدر معدل البطالة في سوريا 9.60%، في حين كان أعلى بمعدل 9.80% في 2021.

واستبعدت حكومة النظام، في شباط 2022، نحو 600 ألف أسرة من برنامج الدعم الذي يشمل الغاز ووقود التدفئة والخبز وسلع أساسية أخرى مثل الطحين والسكر، بحسب التقرير السنوي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش“.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ

مقالات متعلقة

  1. يبيعون الزيت ويشترون الأرز.. سلة المعونات تنخفض في درعا
  2. حلب الشرقية.. المساعدات الإنسانية في قبضة المخابرات
  3. عقب مجزرة "الهلال".. الصليب الأحمر يعلّق إدخال المساعدات إلى المناطق المنكوبة
  4. الاتحاد الأوروبي: 325 مليون يورو إضافية لدعم طالبي اللجوء في تركيا

منصة المتدربين

المزيد من منصة المتدربين