فتحت المعارك التي شنتها حركة “حماس” الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، الحديث عن دور إيراني في المعارك.
ويأتي الحديث في ظل نفي أمريكي لاستفادة إيران من الصفقة الأخيرة مع واشنطن، وحصلت طهران بموجبها على مبلغ ستة مليارات دولار، بالإضافة إلى تصريحات من قادة “حماس”، واتصالات إيرانية بقادة الفصائل الفلسطينية.
وتشير تقارير صحفية إلى إنشاء إيران مركز تنسيق عبر قناة “الميادين” المقربة من “حزب الله” اللبناني في بيروت، لتنسيق العمليات بين “الحرس الثوري” والحزب و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
نفي أمريكي
نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، أن تكون الصفقة الأخيرة بين واشنطن وطهران أسهمت في مساعدة إيران لـ”حماس”، بحسب ما نقله الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية في منصة “إكس”، الأحد 8 من تشرين الأول.
وقال إن صفقة إعادة المواطنين الأمريكيين لا علاقة لها بالمعارك، ولم تستطع إيران إنفاق أي أموال لهذا الغرض.
وأعلنت كل من إيران وأمريكا، في أيلول الماضي، عن صفقة لتبادل السجناء، وتحويل أموال إيرانية محتجزة في كوريا الجنوبية، إلى مصارف قطرية.
وقالت واشنطن حينها، إن الأموال ستستخدم في التجارة الإنسانية فقط، وسط رقابة مشددة.
ورغم النفي الأمريكي الرسمي عبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال لقاء مع قناة “CNN” الأمريكية، الأحد 8 من تشرين الأول، بأن لا أدلة على وقوف إيران وراء هجوم “حماس” الأخير، إلا أن التقارير الصادرة عن صحف أمريكية تشير إلى عكس ذلك.
وقالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في تقرير نشرته الأحد 8 من تشرين الأول، إن حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وكذلك “حزب الله” تتلقى دعمًا مباشرًا من إيران.
وأضافت أن الخلاف الذي حصل بين إيران و”حماس” بعد الثورة السورية في 2011، جعلت طهران تتوجه لدعم حركة “الجهاد”، قبل أن تعود الحركة مجددًا لطلب الدعم، مشيرة إلى اجتماعات بين وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وقادة الحركتين الفلسطينيتين في بيروت.
وبدأ التنسيق بين “حماس” وإيران حول العمليات الأخيرة التي شنتها الحركة ضد الاحتلال الإسرائيلي في عام 2021، خلال عملية “حارس الجدران”.
“حارس الجدران” عملية عسكرية إسرائيلية شنها الاحتلال على قطاع غزة في أيار 2021، في مواجهة العملية التي أطلقتها “حماس” وحملت اسم “سيف القدس”.
وفق “فورين بوليسي”، نقلت إيران أجهزة متفجرة إلى عدة جبهات، كما اتخذت قرارًا بنقل المعرفة التكنولوجية بتصنيع الأسلحة إلى “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
الضوء الأخضر من إيران في اجتماع بيروت
المعلومات التي أوردتها “فورين بوليسي”، تتقاطع مع ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الأحد 8 من تشرين الأول، حيث أشارت إلى أن إشارة الهجوم انطلقت من قادة إيرانيين، ضمن اجتماع ضم قادة فلسطينيين أيضًا، قبل أسبوع واحد من شن “حماس” للعملية.
ونقلت الصحيفة عن أعضاء في “حماس” و”حزب الله”، أن ضباطًا من “الحرس الثوري الإيراني” عملوا مع الحركة الفلسطينية على الهجوم، منذ آب الماضي، واستمرت اللقاءات بشكل دوري كل أسبوعين، وحضر بعض هذه الاجتماعات الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، وقائد “الجهاد الإسلامي”، زياد نخالة، والقائد العسكري لـ”حماس”، صالح العاروري، بالإضافة إلى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان.
ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين واستراتيجيين، أن هجومًا بهذا الحجم لم تكن لـ”حماس” أن تشنه دون تنسيق مسبق وموافقة من إيران.
وعمل ضباط من “الحرس الثوري” مع ممثلين عن “حماس” و”حزب الله” و”الجهاد الإسلامي” على تنقيح الخطة وضبط تفاصيل الهجوم.
الصحيفة أشارت إلى أن الهدف الإيراني يتمثل بخلق تهديد متعدد الجبهات ضد إسرائيل، في الشمال والجنوب، وفق “وول ستريت جورنال”.
وكان الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أجرى اتصالًا هاتفيًا برئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، الأحد 8 من تشرين الأول، واعتبر وفق ما نقلت وكالة “إرنا” الرسمية الإيرانية، أن عملية “طوفان الأقصى بدأت في غزة وتمتد إلى بقية الساحات”.
ووفق الصحيفة، استفادت إيران من تخفيف نزاعها مع السعودية في الملف اليمني، لتكريس موارد “الحرس الثوري الإيراني” لتنسيق وتمويل العمليات التي نفذتها “حماس” و”حزب الله”.
وقاد عمليات التنسيق بين “حماس” وإيران قائد “الحرس الثوري”، إسماعيل قآني، وجمع قادة من “حزب الله” و”حماس” في نيسان الماضي للعمل معًا.
التنسيق في 2021
مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية نشرت، في أيلول 2022، تقريرًا قالت فيه إن إيران أنشأت في العاصمة اللبنانية بيروت مركز اتصالات مشتركًا لتنسيق أنشطتها في المنطقة.
ويعمل المركز عبر تلفزيون “الميادين” المقربة من “حزب الله”، ويقدم معلومات استخباراتية حساسة، وتحديدًا خلال عملية “سيف القدس” التي شنتها “حماس” في 2021.
وسبق لنصر الله أن أشار في لقاء مع القناة نفسها، في 2022، إلى تقديم الحزب المعلومات التي امتلكها خلال العمليات القتالية في ذلك العام.
ووفق المجلة، أنشئ المركز بشكل كامل في 2021، لكن العمل عليه بدأ في 2019، وولدت الحاجة إليه من حاجة إيران للتنسيق بين الفصائل التابعة لها أو الموالية لها لإحباط الخطط العسكرية الإسرائيلية.
ويعتمد المركز بشكل أساسي على المعلومات التي تجمعها الطائرات من دون طيار (درون) التابعة لـ”حزب الله” وترسل من لبنان وسوريا، كما يرسم خرائط لحركة القوات الإسرائيلية.
المعلومات التي ذكرتها “فورين بوليسي” في تقريرها العائد لعام 2022، سبق وأكدها رئيس تحرير صحيفة “الأخبار” اللبنانية، إبراهيم الأمين، في لقاء مع قناة “المنار“، التابعة للحزب، في حزيران 2021.
وقال الأمين حينها، إن ضباطًا من “الحرس الثوري” و”حماس” و”حزب الله” نسقوا المواجهة العسكرية في غزة، كما نقل الحزب ذخائر وأسلحة إلى “حماس”، وساعد في إخراج عدد من ضباطها من القطاع خلال عمليات القصف.
وكان المتحدث باسم حركة “حماس”، غازي حمد، قال لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“، في 7 من تشرين الأول الحالي، إن إيران تساعد الحركة، إلى جانب عدد من الدول.
وأضاف أن المساعدة تأتي عبر المال أو السلاح أو الدعم السياسي، دون أن يحدد الدور الإيراني الرئيس في العمليات التي شنتها حركته ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وشنت “حماس” عملية عسكرية واسعة النطاق، في 7 من تشرين الأول الحالي، سيطرت خلالها على مقار عسكرية إسرائيلية، ومستوطنات سكنية، ونجحت بأسر عدد من الجنود والاشتباك مع قوات الاحتلال، في أوسع هجوم تواجهه إسرائيل منذ حرب تشرين الأول 1973.
وتجاوز عدد القتلى من الإسرائيليين 700 قتيل مع تقديرات بارتفاعه إلى ألف قتيل، مع أكثر من ألفي جريح، و150 أسيرًا.
فيما ذكرت وزارة الصحة في قطاع غزة أن 436 فلسطينيًا قتلوا خلال التصعيد، بالإضافة إلى إصابة 2271 آخرين.
وقال الناطق العسكري باسم “كتائب القسام”، “أبو عبيدة”، عبر فضائية “الأقصى”، إن “العدو سيصاب بالذهول من نتائج معركة طوفان الأقصى”.
وفي تصريحات لقناة “الجزيرة” القطرية، قال القيادي في حركة “الجهاد الإسلامي”، “أبو عماد الرفاعي”، إن “المقاومة أخذت على عاتقها ألا تبقي أسيرًا فلسطينيًا في سجون الاحتلال”.
–