قطن رأس العين.. تجار يخفضون الأسعار و”المؤقتة” لا تشتري
رأس العين – حسين شعبو
يواجه مزارعو القطن في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة “استغلالًا” من قبل التجار الذين يشترون محصولهم بأسعار زهيدة لا تغطي تكاليف الإنتاج، بينما لا تتدخل “الحكومة السورية المؤقتة” لشرائه.
مزارعو المنطقة معرضون لخسائر كبيرة، خاصة مع انخفاض أسعار الشراء، إذ يتراوح سعر الطن بين 500 و550 دولارًا أمريكيًا، في حين كان سعره في العام الماضي يتراوح بين 750 و800 دولار.
سعر لا يناسب التكاليف
محمد أحمد مزارع قطن في رأس العين، زرع هذا العام قطنًا على مساحة 50 دونمًا، وصل إنتاجه إلى 25 طنًا، قال لعنب بلدي، إن سعر الشراء الحالي لا يتناسب أبدًا مع التكاليف، إذ تبلغ تكلفة زراعة الدونم الواحد من القطن 70 دولارًا.
وأضاف أن التجار هم من يتحكمون بسعر الشراء، ويرفضون شراء القطن بأسعار أعلى من 550 دولارًا للطن، ويهددون المزارعين بعدم شراء محصولهم إذا لم يوافقوا على الأسعار المعروضة.
عبد الرزاق حسين هو الآخر مزارع قطن في رأس العين، وصف سعر الشراء بـ”الكارثي” على الفلاحين، وقال لعنب بلدي، إن السعر منخفض ولا يتناسب مع التكاليف رغم الإنتاج الجيد هذا العام، إذ زرع 100 دونم من القطن، وحصد 40 طنًا.
وأوضح مزارعون التقتهم عنب بلدي أن “الحكومة السورية المؤقتة” لم تتخذ أي إجراءات لحماية حقوق الفلاحين أو تقدم الدعم لهم، ولم تلتزم بمسؤولياتها تجاههم، ولم تتدخل لشراء المحصول.
واستذكر المزارع عبد الرزاق موسم القمح قبل ثلاثة أشهر، الذي لم تعد تشتريه “الحكومة المؤقتة” تاركة المزارعين “ضحية” للتجار.
“انخفاض السعر عالميًا”
سلطان العايد تاجر قطن في رأس العين، أوضح أن انخفاض السعر العالمي للقطن وتدني أسعاره خلال العام الماضي والحالي، والضيق الجغرافي لرأس العين، هي من أسباب تكدس محصول العام الماضي لهذا الوقت، وانخفاض سعر الشراء الحالي.
وذكر أن ارتفاع تكلفة تصدير القطن من رأس العين هو عقبة أمام التجار، لافتًا إلى أن التجار مضطرون لشراء القطن بأسعار منخفضة.
رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي برأس العين، عمر حمود، قال لعنب بلدي، إن مساحة زراعة القطن لهذا العام بلغت 65 ألف دونم، لافتًا إلى أن انخفاض السعر العالمي للقطن المحلوج خلال العامين السابقين أدى إلى تراجع أسعاره محليًا، ما يؤثر على تراجع زراعة القطن مستقبلًا.
وذكر أن هذه الأسباب تجبر المزارعين على تحويل أراضيهم إلى زراعة بعلية لتوفير التكاليف، ما يؤدي إلى فقدان الموسم الصيفي المهم الذي يشمل محاصيل مثل القطن والذرة والخضار.
وطالب حمود بصفته جهة مسؤولة (المجلس المحلي) “الحكومة المؤقتة” بتقديم الدعم للمزارعين للتخفيف من الخسائر التي تكبدوها في موسمي القمح والقطن لهذا العام.
وتتصدر محافظة الحسكة إنتاج القطن في سوريا، تليها محافظتا الرقة ودير الزور، لكن في السنوات الأخيرة، شهدت هذه المحافظات انخفاضًا كبيرًا في إنتاج القطن بسبب الظروف الأمنية وعدم استقرار المزارعين، وصعوبة تصريف المحصول.
ويضاف إلى أسباب الانخفاض هجرة المزارعين، وارتفاع أسعار البذار والمبيدات الحشرية، وقلة المياه المتاحة للري.
محصول استراتيجي يتراجع
يعد القطن من المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها الاقتصاد السوري بشدة، لكنه بات من المحاصيل المهددة بعدم الاستمرارية.
وحددت “الإدارة الذاتية” سعر الطن الواحد من القطن “المحبوب” بـ800 دولار أمريكي (11 مليونًا و320 ألف ليرة) في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا مؤخرًا، دون إعلانها شراء المحصول من المزارعين، مع سماحها بتصديره خارج تلك الأراضي.
وحددت حكومة النظام سعر شراء القطن “المحبوب” من الفلاحين للموسم الحالي بعشرة آلاف ليرة سورية للكيلو الواحد (نحو 75 سنتًا)، ويشمل السعر أجرة النقل إلى أرض المحالج ومراكز تسلم “المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان”.
ولم تعلن “الحكومة المؤقتة” عن رغبتها بشراء المحصول، كما لم تحدد “الإنقاذ” العاملة في إدلب سعر شرائه من المزارعين حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وفي حديث سابق إلى عنب بلدي، قال الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يحيى السيد عمر، إن انحسار الزراعات الاستراتيجية في سوريا يحمل أثرًا سلبيًا حادًا، فالزراعة تعد من أهم الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وكانت تسهم بأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وتستوعب 35% من العاملين.
وأضاف أن تراجع الزراعة يؤثر على المؤشرات الاقتصادية الكلية والجزئية، وأسهم ذلك في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتدني مستوى الدخل، والأهم ارتفاع التهديد بالمجاعة وانعدام الأمن الغذائي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :