تصعيد عسكري تركي في سوريا والعراق.. ما السيناريوهات؟

وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، يدلي بتصريحات خلال مؤتمر صحفي- 4 من تشرين الأول 2023 (TRT)

camera iconوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، يدلي بتصريحات خلال مؤتمر صحفي- 4 من تشرين الأول 2023 (TRT)

tag icon ع ع ع

فتحت تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أمس الأربعاء، 4 من تشرين الأول، الباب أمام تساؤلات حول مستقبل التصعيد التركي في سوريا، بعد التفجير الذي استهدف مديرية الأمن في العاصمة التركية، أنقرة، قبل أيام.

وخلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية شمال قبرص التركية، قال فيدان إن منفذي الهجوم قدما من سوريا وتلقيا التدريب في تركيا، مشددًا في الوقت نفسه على أن جميع مرافق البنية التحتية والطاقة الفوقية التابعة لحزب “العمال الكردستاني” (PKK) و”وحدات حماية الشعب” (YPG) في العراق وسوريا، ستكون أهدافًا مشروعة من الآن فصاعدًا للقوات الأمنية التركية وعناصرها الاستخباراتية.

كما دعا أي طرف ثالث (في إشارة إلى القوات الأمريكية) للابتعاد عن مرافق وعناصر حزب “PKK” و”YPG” قائلًا، “رد قواتنا المسلحة على الهجوم الإرهابي سيكون واضحًا للغاية، وستأسف الأطراف المتورطة بشدة على ارتكاب مثل هذا العمل”.

ما رأي واشنطن؟

من جانبه، قال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، فيدنانت باتيل، خلال إحاطة صحفية، مساء الأربعاء، إن واشنطن تدرك التهديد الأمني المشروع الذي يشكله “العمال الكرستاني” على تركيا، موضحًا أن الولايات المتحدة لا تزال تشعر بالقلق بشلأن التصعيد العسكري شمالي سوريا.

وأضاف باتيل، “نحن قلقون بشأن التأثير على السكان المدنيين والفعالية التي يمكن أن يحدثها ذلك على الجهود المستمرة لهزيمة (داعش)”، داعيًا إلى وقف التصعيد والحفاظ على وقف إطلاق النار باعتباره الركيزة الأساسية للسياسة الأمريكية في المنطقة، لافتًا في الوقت نفسه إلى مواصلة التنسيق مع أنقرة.

كما طالب المتحدث الجانب التركي بتنسيق أعماله مع العراق بطريقة تدعم وتحترم السيادة العراقية.

وردًا على تصريحات وزير الخارجية التركي، قال باتيل، إن “الولايات المتحدة تقف بحزم إلى جانب حليفتنا في حلف شمال الأطلسي، تركيا، والشعب التركي في حربهم ضد حزب العمال الكردستاني، الذي صنفته الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية”.

هذه التصريحات سبقها في اليوم نفسه إعلان وزارة الداخلية التركية عن هوية منفذي الهجوم أمام مدخل مبنى مديرية الأمن في العاصمة التركية.

ووفق بيان الوزارة، فإنه نتيجة للبحث وتحليل الحمض النووي، تبين أن أحد المهاجمين هو حسن أوغوز، الملقب بـ”كانيفار إردال”، وهو عضو في أحد فروع “اتحاد منظمات كردستان” (KCK)، الذي تنبثق عنه أحزاب مسلحة منها “العمال الكردستاني”.

وبناء على التحليل نفسه تبين أن المهاجم الثاني هو أوزكان شاهين، وهو عضو في المنظمة نفسها، بحسب بيان الداخلية التركية.

وكان حزب “العمال الكردستاني” تبنى الهجوم في أنقرة عقب ساعات على وقوعه، بحسب وكالة “ANF news” المقربة من الحركة المسلحة المصنفة على “قوائم الإرهاب” التركية.

عملية برية محتملة؟

على خلفية هذه التصريحات، من المقرر أن يزور وزير الدفاع العراقي، ثابت محمد العباسي، اليوم، الخميس، أنقرة، تلبية لدعوة رسمية من نظيره التركي، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية، عن “مصادر مطلعة”.

في هذا الغضون تواصل أنقرة استهداف نقاط تابعة لـ”PKK” في العراق، كما أصدرت وزارة الدفاع التركية في وقت سابق، بيانًا قالت فيه إن سلاح الجو التابع لها نفذ هجمات ضد أهداف للمجموعات الكردية شمالي العراق، مساء الثلاثاء، أدت لتدمير نحو 16 هدفًا من كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات.

الباحث والصحفي التركي، ليفانت كمال، قال عبر موقع “إكس” (تويتر سابقًا)، إنه لا توجد إشارة أو تعبئة لعملية برية تركية في سوريا في الوقت الحالي، دون أن يستبعد خطوة من هذا النوع تمامًا.

ويرى كمال في تصريحات وزير الخارجية التركي بشأن استهداف مواقع “PKK”، و”YPG”، أنها إشارة لسلسلة من الضربات الجوية، معتبرًا أنها ستكون “فترة استنزاف” ممتدة بمرور الوقت، وليست عملية قصيرة مكثفة.

تصعيد ميداني

قصفت القوات التركية، اليوم، الخميس، ما لا يقل عن 11 موقعًا ومنشأة خدمية وحيوية شمال شرقي سوريا، وفق ما نقلته وكالة “هاوار” المقربة من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

كما ذكرت الوكالة أن مسيرة تركية من طراز “بيرقدار” جرى إسقاطها بين قريتي ركبة وأبو ناق، التابعتين لناحية تل تمر، في ريف الحسكة.

مراسل عنب بلدي في الحسكة، أوضح أن النقاط المستهدفة من قبل الطيران التركي شملت نقاطًا عسكرية في محيط قرية تل حبش، جنوبي عامودا، وفي محيط سد الجوادية، شرقي القامشلي، وفي محيط مخيم التوينة، شمال غربي الحسكة، والرحبة العسكرية عند مفرق طريق “الدرباسية- تل تمر”، وفي قرية الطويلة شمالي تل تمر.

كما جرى استهداف سيارة عسكرية قرب بلدة التوينة شمالي الحسكة، ومستودع للذخيرة ومرآب في حي مشيرفة، في أطراف الحسكة الشمالية، بالإضافة إلى استهداف بمسيرة تركية لنقطة عسكرية للميليشيات الانفصالية في محيط قرية آلة قوس شمال بلدة الجوادية.

وأسفر التصعيد التركي عن تدمير موقع عسكري لـ”قسد” قرب أحد محطات النفط في القحطانية شرقي القامشلي، وآخر قرب قرية الركبة جنوبي تل تمر.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، صدر اليوم الخميس، نفذت تركيا عمليات جوية في سوريا والعراق، في 1 و3 و4 من تشرين الأول الحالي، أسفر عن مقتل 22 “إرهابيًا” في سوريا، وفق ما جاء في البيان.

على الطاولة في الفترة المقبلة

الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، أوضح لعنب بلدي، أن من المبكر الحديث عن إمكانية تطور العملية التركية أو الهجمات إلى عمل عسكري بري جديد في سوريا، مع الإشارة إلى أن هجوم أنقرة دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى وضع العملية العسكرية البرية على الطاولة.

وحول الهدف من التلويح بالعمل العسكري، فإن أنقرة تسعى إلى ممارسة ضغط أكبر على الفاعلين الأساسيين في ملف “الوحدات الكردية”، وتحديدًا روسيا والولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لتركيا في هذه القضية.

وقال محمود علوش، إن هجوم أنقرة وما سبقه (هجوم اسطنبول قبل عام)، أظهرا أن خطر “الإرهاب المنطلق من الأراضي السورية” ما يزال يهدد تركيا، ما يعني أن على الأخيرة تقويض قدرة “PKK”، و”YPG” على شن اعتداءات في الداخل التركي.

الرغبة التركية بالذهاب برًا نحو عمل عسكري تصطدم بمعضلة أساسية وفق الباحث، تتجلى بأن أنقرة تبدو مكبلة بالاتفاقيات التي أبرمتها مع روسيا والولايات المتحدة، في أعقاب عملية “نبع السلام” في 2019، ما يجعلها بحاجة إحداث خرق ما في سوريا، يخرجها من هذه الدائرة التي دخلتها بموجب تفاهمات.

عوامل يجب توافرها

وفق الباحث محمود علوش، فإن خيار العملية العسكرية البرية سيكون مطروحًا بجدية على الطاولة في الفترة المقبلة، ولتحقيقها لا بد من توافر مجموعة عوامل لم تكن متوفرة من قبل لتنفيذ العملية في وقت سابق، وتتمثل في التعامل مع المعارضة المزدوجة من روسيا والولايات المتحدة للعملية، إذ لا يمكن لتركيا في الواقع شن عملية من هذا النوع دون أن تحظى بموافقة من الجانبين أو جانب واحد على الأقل، ولذا سعت خلال الفترة الماضية إلى التركيز على الدبلوماسية مع روسيا والولايات المتحدة، في سبيل تحقيق تقدم فيما يتعلق بهواجسها الأمنية تجاه “الوحدات الكردية”، وفق علوش.

وبالنظر للظروف الراهنة، فقد تكون أنقرة قادرة على ممارسة مزيد من الضغط على الطرفين للاستجابة لمطالبها، فموسكو تبدو بحاجة الحفاظ على علاقة جيدة مع أنقرة، سيما في مرحلة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا ينطبق برأي الباحث، على واشنطن، كون الحرب الروسية الأمريكية عظّمت الأهمية الجيوسياسية لتركيا في الصراع الروسي الغربي، إلى جانب ملف انضمام السويد إلى حلف “شمال الأطلسي” (ناتو).

في الوقت نفسه، تبدو الظروف الداخلية التركية حاليًا، برأي الباحث، مناسبة أكثر لشن العملية لكن أنقرة لا تركز على هذا الخيار بحد ذاته، مقدار ما قد يكون “آخر الطب” إذا لم تنجح الوسائل الدبلوماسية في التفاعل مع واشنطن وموسكو، وإذا لم تؤد المفاوضات مع النظام السوري إلى النتائج التي تصبو إليها.

سيناريو شبيه

في 13 من تشرين الثاني 2022، وقع تفجير في شارع الاستقلال ضمن منطقة تقسيم، في القسم الأوروبي من مدينة اسطنبول، أسفر عن ستة قتلى وأكثر من ثمانين إصابة.

وأعلن وزير الداخلية التركي حينها، سليمان صويلو، في اليوم التالي للتفجير، إلقاء القبض على المنفذة، التي اعترفت خلال التحقيق بانتمائها لـ”PKK”، و”YPG”.

هذه الحادثة تبعها تنفيذ أنقرة عملية عسكرية حملت اسم “المخلب- السيف”، وانطلقت في 20 من الشهر نفسه، مقتصرة على الضربات الجوية، مع التلويح بإمكانية توسيعها لتشمل عملًا بريًا في الأراضي السورية.

 اقرأ المزيد: عملية تركيا المحدودة في سوريا.. الجو لا يبعد خيار البر

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة