عنب بلدي – خاص
حصلت عنب بلدي، نهاية أيلول الماضي، على تعميمين صادرين عن “هيئة الأركان العامة”، تضمنا تحركات عسكرية جديدة لقوات النظام السوري قرب خطوط التماس مع مناطق سيطرة المعارضة.
إعادة ضبط المواقع
ألزم التعميم الأول، الموقّع من رئيس هيئة الأركان العامة، العماد عبد الكريم محمود إبراهيم، العسكريين عبر عشرة إجراءات بإعادة ضبط بعض المواقع والنقاط والحواجز لوجود خلل فيها من عدة نواحٍ.
اقرأ أيضًا: “الدفاع السورية” تعيد ضبط مواقعها العسكرية لوجود خلل فيها
وتضمنت الإجراءات إجراء دراسة شاملة لانتشار المواقع والنقاط والحواجز القتالية، وكذلك إزالة النقاط القتالية المبعثرة والضعيفة المتمركزة في الوديان والسفوح على الحد الأمامي والخطوط الدفاعية، وكذلك النقاط المترامية والضعيفة في البادية، والحواجز المنتشرة ضمن البلدات وسط الأبنية السكنية.
وشملت وضع كمائن متقدمة حول المواقع والنقاط والحواجز العسكرية والأمنية على الاتجاهات المحتملة لهجوم “العصابات المسلحة”، وتأمينها بالنيران وبين المواقع القتالية لمنع تسلل “المجموعات الإرهابية”، بالإضافة إلى إعداد الخطط المناسبة للدفاع عن المواقع والنقاط والحواجز القتالية وتفتيشها، وإجراء التدريبات العسكرية والأمنية الخاصة بحماية المواقع والدفاع عنها.
وأكد التعميم ضرورة تعزيز المواقع والنقاط والحواجز القتالية بالعتاد الثقيل والرشاشات المتوسطة وتوزيعها بشكل صحيح حول الموقع، وتأمينها بأجهزة رؤية ووسائط اتصال، وتشكيل قوة احتياطية ضمن كل قطاع معززة بالأسلحة الرشاشة المحمولة على عربات جاهزة لتقديم المؤازرة في حال حدوث أي موقف طارئ.
كما تضمنت الإجراءات تزويد النقاط بالعناصر الهندسية لكشف الألغام والمفخخات المعادية، وتنفيذ اختبارات وعمليات تفتيش دورية للتأكد من جاهزية المواقع والنقاط والحواجز القتالية، وبإشراف القادة مباشرة، بالإضافة إلى تعيين قادة القطاعات والمواقع القتالية من الضباط القادة والأمراء حصرًا (أركانات، ضباط أفرع، أقسام).
صد عمليات التسلل
التعميم الثاني ركز على ستة توجيهات مباشرة، ردًا على عمليات التسلسل التي تجري على النقاط العسكرية قرب خطوط التماس مع مناطق سيطرة المعارضة.
اقرأ أيضًا: ستة إجراءات يفرضها النظام السوري للتعامل مع عمليات التسلل
وتضمنت التوجيهات إعادة النظر في نظام الرصد والمناوبة المعمول به في جميع النقاط والمواقع القتالية وفي مقار القيادة والمستودعات، فضلًا عن تدريب قادة النقاط والمواقع القتالية الذين هم من الضباط حديثي الخدمة، عبر الدخول إلى النقاط وتدريب قائد وعناصر النقطة على كيفية تنفيذ الرصد المستمر، ونظام المناوبة القتالية للقوى والوسائط داخل النقطة.
تضمن التعميم أيضًا تقسيم نطاقات المسؤولية إلى قطاعات وتحديد قائد لكل قطاع وغرفة عمليات له، واعتبار جميع النقاط والمواقع القتالية الحالية بما فيها المنفردة أو المتقدمة بمنزلة حد أمامي للدفاع، يجب الاستمرار في تجهيزها وتحصينها هندسيًا وتجهيز محاور إمداد وإخلاء آمنة إليها، وتفقد وزراعة حقول ألغام جديدة على عدة صفوف في محيطها، ودفع كمائن بشكل سري خارج هذه النقاط، تستطيع مفاجأة المجموعات المتسللة من خارج النقطة.
وطلب التعميم من جميع القادة شرح وتوضيح شكل وأسلوب عمل “المجموعات الإرهابية” الذي تعتمده حاليًا، وألزم جميع الوحدات المناوبة بضرورة تنفيذ مهام الرصد والمناوبة بلباس ميداني كامل، خاصة الخوذة والدرع، لتفادي رميات المجموعات خاصة عمليات القنص.
خطوط تماس مشتعلة
يأتي التعميمان في وقت تشهد فيه محاور ريف إدلب الجنوبي وريف اللاذقية وريف حلب الغربي توترات عسكرية وقصفًا متبادلًا بين قوات النظام و”هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى منضوية معها في غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تدير العمليات العسكرية في إدلب.
وتتعرض مناطق الشمال السوري لقصف شبه يومي وغارات للطيران الروسي بوتيرة غير ثابتة، بالتزامن مع طيران مسيّر روسي في سماء المنطقة يوميًا.
في 15 من أيلول الماضي، نعت صفحات إخبارية وإعلاميون خمسة جنود في قوات النظام، إثر استهدافهم من قبل “تحرير الشام” بريف اللاذقية الشمالي.
ونفذت “تحرير الشام” عملية “انغماسية“، في 1 من أيلول الماضي، على محور جبل الصراف بريف اللاذقية، أسفرت عن مقتل 18 جنديًا في قوات النظام، وإصابة آخرين، إثر فرارهم من النقاط، في حين أكدت وزارة الدفاع في حكومة النظام مقتل 16 جنديًا في الهجوم.
وكانت بداية التصعيد في 26 من آب الماضي، بعد أن فجّر فصيل “أنصار التوحيد” العامل في إدلب نفقًا في الملاجة، مستهدفًا نقطة تمركز لقوات النظام، ومنذ التفجير يشهد محور الملاجة اشتباكات مستمرة، ويحاول النظام التقدم لاستعادة النقطة التي خسرها.
وزادت حدة هذه الاشتباكات رغم انخفاض وتيرة العمليات “الانغماسية” التي نفذتها “تحرير الشام” ضد قوات النظام خلال الأشهر الأربعة الماضية، بعد أن سجلت نشاطًا ملحوظًا في أماكن متفرقة خلف خطوط التماس بمناطق سيطرة “الهيئة”، مطلع العام الحالي.
تعزيز بعد ضعف.. لا أكثر
حول رغبة النظام بتعزيز نقاطه العسكرية في هذا التوقيت، رغم نشاط العمليات “الانغماسية” التي ينفذها عناصر “هيئة تحرير الشام” منذ سنة، وفي ظل وجود اشتباكات شبه يومية على خطوط التماس، قال العقيد الطيار السابق في قوات النظام مصطفى بكور لعنب بلدي، إن العمليات “الانغماسية” ضد مواقع النظام التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية، وخاصة عملية “الملاجة”، أظهرت ضعف قوات النظام، وبالتالي من الطبيعي أن يحاول تعزيز مواقعه لتلافي أي أخطار مقبلة.
واعتبر بكور، في حديثه إلى عنب بلدي، أن عمليات تسريح المجندين والاحتياطيين التي قام بها النظام مؤخرًا لقواته، جعلت بعض المواقع العسكرية بحاجة إلى استكمال بعدد العناصر.
وفي ظل الظروف الدولية والإقليمية والمحلية، لا يتوقع العقيد الطيار مصطفى بكور حدوث أي عمل عسكري قريب على الأرض، لكنه لا يستبعد أن يستمر النظام وروسيا وإيران بعمليات استهداف للمدنيين ونقاط الرباط والمقار بمختلف الوسائط النارية من أجل خلق حالة من عدم الاستقرار في الشمال السوري.
مقتل 63 مدنيًا في 747 هجومًا
في أحدث إحصائية حصلت عليها عنب بلدي من فريق “الدفاع المدني السوري”، استجابت فرقه لـ747 هجومًا منذ بداية العام الحالي حتى 24 من أيلول الماضي، شنتها قوات النظام وروسيا، وأخرى من مناطق سيطرة مشتركة لقوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وهجمات بطائرات مسيّرة وانفجارات، في شمال غربي سوريا.
وأدت هذه الهجمات إلى مقتل 63 مدنيًا بينهم 11 طفلًا وست نساء، كما أصيب أكثر من 268 مدنيًا بجروح بينهم 95 طفلًا و37 امرأة.
ووثّقت فرق “الدفاع المدني“، خلال عام 2022، مقتل 165 شخصًا من بينهم 55 طفلًا و14 امرأة.
وتخضع منطقة شمال غربي سوريا لاتفاقية “موسكو” الموقعة بين روسيا وتركيا، وتوقفت العمليات العسكرية من معارك وفتح جبهات منذ توقيعها في 5 من آذار 2020، إلا أن هذه الاتفاقية تعرضت لخروقات متكررة.
تنص اتفاقية “موسكو” على:
– وقف إطلاق النار على طول خط المواجهة بين النظام والمعارضة.
– إقامة ممر أمني على بعد ستة كيلومترات شمالي الطريق الدولي السريع الرئيس في إدلب (4M) وستة كيلومترات جنوبه، وهو الطريق الذي يربط المدن التي يسيطر عليها النظام السوري في حلب واللاذقية.
ـ نشر دوريات روسية- تركية مشتركة على طول الطريق “4M” ابتداء من 15 من آذار من العام نفسه.