تعا تفرج
عبدو النتن والقلب الطيب
خطيب بدلة
قبل أيام، دخل أحد الأشخاص إلى صفحتي، وباشر بي توبيخًا، وتسفيهًا. حاول إظهاري على أنني مغفل، لا أعرف طه من أنطاكية، وانتهى إلى أن الأفضل أن أخرس، ثم أضاف: وكل الاحترام لشخصك الكريم!
ضحكت من فكرة أن أكون مغفلًا، وغبيًا، وفي الوقت ذاته محترمًا، وتذكرت ما طلبه عادل إمام، في مسرحية “الزعيم”، من ضابط الأمن، لمصلحة صديقه عبدو النتن، موضحًا أنه صحيح “نتن”، ولكن قلبه طيب! المهم، رددتُ لهذا الشخص الصاع صاعين، فسارع يقول إنه أراد أن يكون الحوار بيننا قائمًا على الاحترام، وفوجئ بأنني شخص غير محترم، لذلك سيضطر للتوقف عن متابعتي على “يوتيوب”، وسيصفقني بلوكات في “فيس بوك” و”تويتر” وتيك توك”. وأضاف: قبل أن أمشي، سأقول لك زوجًا من الكلام: أنت، الآن، تنتقد ثورتنا العظيمة، ولكن، لا تنسَ أنك أصبحت، بفضلها، تقول ما يحلو لك، بحرية.
الطريف في الأمر، أنني أصبحت أقول ما أعتقده، بفضل الدولة الألمانية، العَلمانية، الديمقراطية، التي تحمي الإنسان الموجود على أرضها، سواء أكان مواطنًا، أو لاجئًا، وأما ثورتنا “العظيمة”، التي يفتخر بها حضرته، فقد سبب لي الاشتراك فيها أمرين، أولهما أنني لا أستطيع الدخول إلى المناطق التي تسيطر عليها عصابة ابن حافظ الأسد، باعتباري مطلوبًا لفرع “الأمن العسكري” بإدلب، منذ 31 من آب 2011، ومؤكد أنني مطلوب لـ”المخابرات العامة”، لأنني، قبل أن أغادر سوريا، في آب 2012، كلفتُ أحد أصدقائي بالسؤال عما إذا كنت أستطيع المغادرة، على نحو نظامي، فحذرني من ذلك، وأكد لي أنني ممنوع من السفر، بقرار من المخابرات، وهذا يعني أنني مطلوب لهم أيضًا، ولـ”الأمن الجوي”، و”الأمن السياسي”، و”الفرع الخارجي”، وما فتح ورزق من الفروع الأمنية. وأما جماعة أبي محمد الفاتح الجولاني، والجماعات الجهادية التي تشبههم، فلا أعتقد أنهم بحاجة إلى أن يصدروا فرمانًا مكتوبًا ضدي، فهم يهيجون، ويموجون، ويهددون، ويتوعدون، كلما تصديت لأحد أفعالهم المشينة، ويشتركون في عدائهم لي مع النظام، الذي يضعونه في الخانة “رابعًا” من قائمة أعدائهم، فهم يعادون: أولًا، المرأة. ثانيًا، الشيعة والعلويين والمسيحيين والدروز والإسماعيليين. ثالثًا، العلمانيين الكلاب الذين يشخون على الواقف، وأنا منهم طبعًا، ويشتركون مع النظام في خاصيتين أخريين، الأولى أن قتل المواطن السوري عندهم أسهل من شرب الماء، وأقصى عقوبة ينزلها النظام على القاتل هي الحلاقة على الصفر، وعند “جبهة النصرة” تُحسب العقوبة من خلال ضرب عدد القتلى بالرقم واحد ونصف، فالإرهابي التونسي “سفينة” الذي قتل 20 مواطنًا درزيًا في قلب لوزة، سُجن شهرًا كاملًا، 30 يومًا، ولعلمك أن النظام، عندما يضطر لسجن أحد أركانه، يجعل سجنه نوعًا من التسلية، وسجن إخوة المنهج “شَرحو”.
لن أروي لكم كل ما جاء في الحوار مع الأخ الذي يدعي الثورية، يكفي أن أحكي لكم فكرته عن الثورة، وهي أنه سوف يُسقط نظام الأسد طال الزمن أم قصر، ومهما بلغت التضحيات. وهذا يدعونا لأن نتساءل عن موعد محدد لذلك السقوط، وكم من القتلى والمدن المهدمة ومليارات الدولارات يلزمنا لإسقاطه؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :