الصيدليات مصدر رئيس..

تعاطي الأدوية المخدرة ينتشر بمناطق سيطرة “قسد”

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية (تعديل عنب بلدي)

camera iconمقاتلون من "قوات سوريا الديمقراطية" (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أعلنت سلطات الأمر الواقع في سوريا على مدار السنوات الماضية مكافحتها للمواد المخدرة القادمة من مناطق سيطرة النظام السوري، بدءًا بشمال غربي سوريا حيث تسيطر المعارضة، وما يحاذيها من الجهة الشرقية التي تقع تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية”).

وفي محافظتي الرقة ودير الزور، أعلنت “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” عن اعتقالها مروجي وتجار مخدرات في المنطقة، ومصدرة شحنات كانت بحوزتهم، أحدثها مطلع أيلول الماضي.

وخلال السنوات القليلة الماضية، ذُكر اسم سوريا إلى جانب مصادر صناعة وتجارة المخدرات مئات المرات، وصارت تعد مصدرًا رئيسًا لمادة “الكبتاجون” التي تصدّر إلى دول المنطقة عبر المناطق الحدودية.

وبحسب مقابلات أجرتها عنب بلدي عبر مراسلها في دير الزور، مع عسكريين في “قسد” من أبناء المنطقة نفسها، فإن المخدرات، وخصوصًا الطبية، صارت رائجة مؤخرًا بين صفوف العسكريين، يسهل ذلك انتشارها الواسع وبيعها داخل الصيدليات دون وصفات طبية.

“حسن”، اسم وهمي لعنصر في “القوات الخاصة” (كوماندز) التابعة لـ”قسد”، ويقيم في ريف دير الزور، تحدث لعنب بلدي بشرط عدم الكشف عن اسمه لمخاوفه الأمنية، عن أن مواد مخدرة مثل “كبتاجون” و”ترامادول” صارت شائعة بين المقاتلين، وهو منهم.

وأضاف أنه بدأ تعاطي هذه العقاقير متأثرًا بصديقه في النقطة العسكرية التي يتمركز فيها بدير الزور، إذ كان صديقه يطلب هذه المواد من بعض الصيادلة، بحجة أنه يعاني مشكلات نفسية، دون تقديم وصفات طبية.

عبر صيدليات

قيادي في “مركز مكافحة الجريمة المنظمة” التابعة لـ”أسايش” (تحفظ  على اسمه لأسباب أمنية) قال لعنب بلدي، إن صيدليات المنطقة هي المصدر الرئيس لهذه المواد، لكنها تبيعها بأسعار مضاعفة في حال عدم توفر وصفة طبية.

وأضاف أنه طلب من صيدلية بمدينة البصيرة شرقي دير الزور حبوبًا مهدئة للأعصاب لصديقه الذي يعاني إصابة في النخاع الشوكي، وتمكن بهذه الحجة من تأمين عشر علب من دواء “برباغالين”، وتحتوي كل علبة على 20 قرصًا دوائيًا.

“برباغالين” هو مسكن للألم، ويساعد على منع تكون السيالات العصبية الناقلة للألم، ويستخدم كمسكن للألم العصبي المنشأ.

ويحصل القيادي في “أسايش” على علبة الدواء الواحدة بسعر 160 ألف ليرة سورية (حوالي 11 دولارًا)، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وتتراوح مدة السجن بين ستة أشهر وخمس سنوات لمتعاطي المخدرات والاتجار بها في القوانين التي تعمل بها “الإدارة الذاتية” بمناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، بحسب ما أوضحه القيادي.

القيادي في “مركز الجريمة المنظمة”، روى لعنب بلدي قصصًا لعناصر قُبض عليهم وبحوزتهم هذا النوع من المواد المخدرة من مواد دوائية وصولًا إلى “الحشيش”.

وفي تقرير أعدته منظمة “العدالة من أجل الحياة” (أُسست عام 2015) حول انتشار المخدرات بمحافظة دير الزور، قالت إن الترويج للحبوب المخدرة في مناطق سيطرة “قسد” بدأ بشكل سري وتصاعد نحو العلن.

وفي ظل عدم وجود أي ملاحقة أو مساءلة أو محاسبة للمروجين، صارت الحبوب المخدرة تباع في دير الزور بشكل علني وبأسعار زهيدة، وتتوفر إمكانية شرائها من مختلف الفئات.

ولا يقف في وجه انتشار هذه الظاهرة، بحسب التقرير، سوى سعي الأهالي من خلال حملات في المساجد والمجالس العامة للتوعية بمخاطر هذه المواد، لكن هذه الحملات تفتقر إلى التنظيم والدعم اللازم.

أدوية شائعة الاستخدام

صيدليان اثنان يعملان بريف دير الزور الشرقي، قالا لعنب بلدي، إن الحبوب المنومة، ومهدئات للأعصاب مثل “ديازيبام” و”كلونازيبام” و”فلوفينازين هيدروكلوريد”، تعتبر من المنتجات الأساسية التي يرتكز عليها المتعاطون في المنطقة.

ويميل بعض المتعاطين إلى شراء مواد طبية أخرى مثل “مورفين” و”البيتدين”، لكنها أقل انتشارًا نظرًا إلى سعرها المرتفع مقارنة بالمنتجات الطبية الأخرى.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها عنب بلدي من الصيدليين، فإن شريحة أخرى من سكان المنطقة (مدنيون وعسكريون) أدمنوا على أنواع من الأدوية “الثقيلة”، والمخصصة للعمليات الجراحية مثل “هالوثان” أو “بربوفول”.

وتستورد هذه الأدوية من مناطق سيطرة النظام السوري على اعتبار أن معامل صناعتها تتركز في المحافظات التي يسيطر عليها النظام، عبر تجار في مناطق سيطرة “قسد”، وتخزن بمستودعات للأدوية لتزويد الصيدليات بالمنطقة.

وأضاف الصيدليان أنه لا يوجد سعر محدد في حال بيع المنتجات الطبية للمتعاطين، أي دون وصفة طبية، كون المدمن على استعداد لشرائها بأي ثمن، بحسب ما قاله الصيدليان لعنب بلدي.

ولا تمانع الصيدليات ومستودعات تجارة الأدوية في مناطق سيطرة “قسد” بدير الزور بيع الأدوية دون وصفات طبية مع علم مسبق أنها عملية غير قانونية، بحسب المصدرين، نظرًا إلى المرابح المالية التي تحققها هذه التجارة.

المصدران رفضا الإشارة إلى مستودعات الأدوية التي تشارك في تجارة هذا النوع من العقاقير دون ضوابط في مناطق سيطرة “قسد”، نظرًا إلى الضرر الذي يترتب عليهما في حال تعرضت هذه المستودعات للمساءلة، بحسب تعبيرهما.

مدير لجنة الصحة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” في دير الزور، ثائر الكريد، قال لعنب بلدي، إن فرق الرقابة الدوائية تنفذ حملات للتفتيش على الصيدليات المنتشرة بمناطق “الإدارة” في دير الزور.

وأضاف أن الصيدليات التي يثبت أنها تبيع أنواع أدوية مخدرة دون وصفة طبية، تصل عقوبة مديريها حتى الإغلاق بالشمع الأحمر، وإلغاء ترخيصها.

كيف تكافح “قسد” المخدرات؟

من مناطق سيطرة “قسد” في منبج شرقي حلب، وصولًا إلى محافظات الرقة والحسكة شمال شرقي سوريا، لا يكاد يمر يوم دون إعلان “الأمن الداخلي” عن إلقائه القبض على مجموعات تروج المخدرات في مناطق نفوذها.

وفي 7 من أيلول الماضي، قالت “أسايش” إن قواتها تمكنت من القبض على مهرب للمواد المخدرة في منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا، وأرفقت إعلانها بصور لسلاح وكمية صغيرة من المواد المخدرة.

وفي 29 من نيسان الماضي، قالت “أسايش” إن “مكافحة المخدرات” التابعة لها قبضت على شخصين يروجان المواد المخدرة بالتعاون مع عاملَين في مستودع للأدوية الطبية بمدينة القامشلي شرقي محافظة الحسكة.

وأضافت أنها صادرت كميات من الحبوب المخدرة، وقبضت على المتعاونين مع المروجين، وحولتهم إلى القضاء.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة