عقبات وفوائد.. التطبيع السعودي- الإسرائيلي في ميزان المصالح

علما السعودية وإسرائيل في وزارة الخارجية الأمريكية 2021 (AFP)

camera iconعلما السعودية وإسرائيل في وزارة الخارجية الأمريكية 2021 (AFP)

tag icon ع ع ع

اتخذت السعودية خطوتها الأولى باتجاه تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، مع إعلان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عبر مقابلة مصورة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، عن اتفاق وشيك لتطبيع العلاقات.

ويبدو أن هذه الخطوة الجدية لن تكون الوحيدة خلال الأيام المقبلة، مع ما نقلته وكالة “رويترز“، في 24 من أيلول الحالي، عن مسؤول فلسطيني، أن وفدًا برئاسة مبعوث السعودية لفلسطين، نايف السديري، سيصل خلال هذا الأسبوع إلى الضفة لمناقشة التنازلات التي ستقدم للفلسطينيين.

وجاءت تصريحات بن سلمان، بعد أشهر من التقارير الصحفية الأمريكية والإسرائيلية، حول اتصالات سرية عقدها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وبن سلمان برعاية أمريكية.

وفي المقابل ورغم الإعلان الرسمي عن مساعي التوصل لاتفاق، يواجه تهديدًا من قبل جهات تتبع لليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، وفق ما ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.

صراع داخل الائتلاف الحكومي

وفي تقرير نشرته المجلة في 22 من أيلول الحالي، فإن الائتلاف الحاكم في إسرائيل يسعى لتقويض خطة نتنياهو بالتطبيع، بسبب المخاوف من حصول السعودية على سلاح نووي.

ويعدّ الحصول على برنامج نووي مدني، أحد الشروط السعودية الأربعة للتطبيع، والتي تشمل أيضًا اتفاقيةً أمنية واسعة مع واشنطن، والحصول على أسلحة متطورة، وتقديم تنازلات للفلسطينيين.

بحسب التقرير، فإن نتنياهو غير قادر على تلبية الحد الأدنى من هذه التنازلات، بما في ذلك إيقاف الاستيطان في الضفة الغربية، مشيرًا إلى تصريحات أطلقها وزير المالية بتسلئيل سموتريش، بقوله إن التقارب مع السعودية لن يشمل الفلسطينيين.

وسبق لسموريتش الذي يشغل حزبه سبعة مقاعد في الكنيست، أن عرقل وصول أسلحة أمريكية إلى السلطة الفلسطينية في أيلول الحالي.

ووفق تقرير “فورين بوليسي”، لا توجد حلول سحرية تساعد نتنياهو من هذا الموقف مع ائتلافه الحكومي، خاصةً أن الشق الخاص بتنازلات الفلسطينيين يشمل نقل السيطرة لعدة مناطق من الاحتلال إلى السلطة الفلسطينية، والاعتراف بحق الفلسطينيين بإنشاء دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية، وافتتاح قنصلية أمريكية فيها.

ولا يمكن للائتلاف الحكومي الموافقة على هذه الشروط، ويحصر التنازلات بالشق الاقتصادي فقط دون التنازل عن الأراضي.

واحتلت إسرائيل هذه القدس والضفة الغربية ومناطق أخرى من فلسطين، خلال حربها مع الدول العربية في عام 1967، واحتلت حينها الجولان السوري، وسيناء المصرية أيضًا.

ووقف سموتريش في وجه انضمام “القائمة العربية” في انتخابات الكنيست 2021، إلى ائتلاف نتنياهو حينها.

وسبق لـ”القناة 12” الإسرائيلية، أن ذكرت في 19 من أيلول الحالي، أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يضغط على نتنياهو لتقديم تنازلات للفلسطينيين لإتمام صفقة التطبيع.

وتحتاج الصفقة لإتمامها، تقديم الأطراف الثلاثة المعنية (السعودية- إسرائيل- أمريكا)، بن سلمان عبر الاعتراف بدولة لا تظهر على الخرائط الرسمية للبلاد، وبايدن عبر منح المباركة الأمريكية لابن سلمان والسعودية، بعد موقفه المتشدد منه في 2019، أثناء حملته الانتخابية.

وتعهد بايدن حينها بتحويل المملكة وابن سلمان لمنبوذين، على خلفية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في اسطنبول في 2018.

أما نتنياهو فسيتعين عليه التوسط لدى أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري في أمريكا، للحصول على أغلبية الثلثين لتنفيذ طلبات السعودية، بالإضافة لحل مشاكله الداخلية مع الائتلاف الحاكم.

فوائد ثلاثية لصفقة التطبيع

الصفقة التي تسعى واشنطن لإتمامها منذ أشهر، ستضمن وفق التقرير فوائد لأطرافها الثلاثة، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي.

بالنسبة لبايدن، سيحقق في حال إتمام الاتفاق فائدتين، داخلية وخارجية، ترتبط الأولى بتحقيق نصر سياسي قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024، ونصر سياسي ضد النفوذ الصيني المتوسع في شبه الجزيرة العربية، وفق التقرير.

وتعتبر الصفقة بمثابة “الجائزة الكبرى” للدبلوماسية الأمريكية، ولهذه الأسباب سعت واشنطن لإتمام الاتفاق.

بالنسبة للسعودية، أوضح التقرير أن محمد بن سلمان سيضمن أمن بلاده عبر الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، والحصول على قدرات نووية مدنية، وإعادة تأهيل صورته بعد التقارير الأمريكية التي أظهرت موافقته على قتل خاشقجي، الذي كان بدوره كاتبًا في صحيفة “واشنطن بوست”.

كما أنه سيؤكد تفوق السعودية على الإمارات في الملف الفلسطيني، بعد أن كانت أبو ظبي وافقت على التطبيع في مقابل وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما لم يحصل.

بدوره يعتبر نتنياهو الاتفاق بمثابة نقطة تحول تساعده على نحقيق عوائد اقتصادية ودبلوماسية لحزام جغرافي يمتد بين أفريقيا وآسيا، وهي مناطق كانت بعيدة عن متناول الاحتلال الإسرائيلي.

كما سيعتمد “كرجل دولة” في وقت يعاني فيه من المظاهرات المتكررة بسبب قانون الإصلاحات القضائية التي تحاول حكومته تمريرها في الكنيست الإسرائيلي.

وتظاهر آلاف الإسرائيليين في الشوارع، في 23 من أيلول الحالي وللأسبوع الـ38 على التوالي، ضد الإصلاحات القضائية، وهاجموا نتنياهو وفق ما ذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل“.

وبحسب الموقع، فإن المتظاهرين اعتبروا أنهم “لن يقعوا في أي فخ أو تلاعب، ولن توقف اتفاقية التطبيع ديكتاتورية نتنياهو”.

وهناك أطراف أخرى تعتقد أن نتنياهو يسعى لنصر سياسي في ظل الأزمة الداخلية، ونشر الكاتب فياما نيرتشتاين مقالًا، الأحد، في موقع “كليفلاند جويش نيوز”، قال فيه إن نتنياهو “جعل إسرائيل مهمة مرة أخرى”.

ووفق المقال، فإن الصفقة بالنسبة لنتنياهو “أكثر من من مجرد حلم”، وعليه أن يتخلص من مشاكله الداخلية، وسيحاول فعل ذلك بأي ثمن، ضمن استراتيجية أبعد من مجرد التطبيع، تشمل الابتكار والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء.

انقلبت معادلة السلام الآن ولم يعد الأمر يرتبط بالفلسطينيين فقط، وأصبح السلام مع السعودية أولًا ثم النظر إلى الفلسطينيين، بحسب المقال.

ما إمكانية التطبيع؟

وبرغم الإعلان الرسمي لكل من نتنياهو وابن سلمان حول التطبيع، والمساعي الواضحة لواشنطن في هذا الملف، لا تبدو الصفقة “منطقية” بالنسبة لخبراء أمريكيين على الأقل، خاصةً أن هناك فوائد استراتيجية قليلة ستعود على واشنطن من الصفقة.

ووفق مقال نشره الصحفي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة “هارفارد” الأمريكية ستيفن إم والت، في المجلة نفسها بتاريخ 27 من حزيران الماضي، فإن الاتفاق “لا يستحق كل هذا العناء”.

ووفق والت، فإن خطوة التطبيع، تتطلب التغلب على المخاوف السعودية بشأن سوء معاملة الاحتلال للفلسطينيين، وإقناع إسرائيل بالشروط السعودية، وهو ما يتقاطع مع التقرير الذي نشرته المجلة في 22 من أيلول الحالي.

كما أن سمعة الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط غير نزيه في مفاوضات السلام بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي طوال عقود، ولعب دور حامي إسرائيل وفشل حل الدولتين، تلعب دورًا سلبيًا في هذا الملف، وفي ملفات التطبيع السابقة (اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر 1978، واتفاقية وادي عربة مع الأردن في 1994).

وتساءل الكاتبان حول إصرار أمريكا على جمع السعودية وإسرائيل على طاولة واحدة، في وقت تضاءلت فيه إمكانية مهاجمة أي دولة عربية للاحتلال، وامتلاك الأخير لأقوى جيش في المنطقة مع سلاح نووي.

ووفق المقال، فإن الصفقة لن تشكل أي تغيير في السياسة الإقليمية لواشنطن من جهة، ولطرفين لديهما علاقات فاترة مع بايدن.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة