يصطحب هاشم أبناءه الثلاثة يوميًا إلى مركز صحي في بلدة الشجرة بريف درعا الغربي بعد إصابتهم بالتهاب الكبد الوبائي “A”، الذي انتشر في البلدة بشكل كبير مطلع أيلول الحالي.
وقال هاشم (40 عامًا) إنه يأخذ أبناءه (طفلان وطفلة) يوميًا منذ عشرة أيام إلى المركز الطبي، وهم بحاجة إلى المكوث في المستشفى، لكن المركز الصحي في بلدة الشجرة غير مؤهل لاستقبال الحالات، لذلك استعان بممرض من البلدة.
يشرف الممرض على تركيب “السيرومات”، وإعطاء الأطفال الثلاثة الأدوية اللازمة مع مراجعة يومية للمركز الصحي، وتماثل الطفلان للشفاء في حين لا تزال حالة الطفلة الصحية حرجة، وفق هاشم.
تنتشر حالات الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي بشكل كبير في أرياف درعا وخاصة بلدة الشجرة، وقدّر ناشطون من البلدة تحدثت إليهم عنب بلدي عدد الإصابات، حتى السبت 23 من أيلول الحالي، بـ600 حالة، معظمها من الأطفال.
مصدر طبي في مركز البلدة الصحي قال لعنب بلدي، إن أعداد المصابين حتى نهاية يوم السبت بلغت 670 حالة.
في المقابل، رفض الكادر الصحي التابع لمديرية الصحة بدرعا إعطاء عنب بلدي أي معلومات رسمية عن عدد الإصابات.
وعزت مديرية الصحة التابعة لحكومة النظام الأسباب إلى مياه الصهاريج الجوالة، وقالت إنها أرسلت عيادتين متنقلتين، لكن مصادر محلية أوضحت لعنب بلدي أنهما غادرتها بعد ساعات.
“تربية درعا” تشاهد والصحة المدرسية تعلّق
قدّر مدرس في البلدة (طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) عدد الطلاب المصابين في مختلف مدارس البلدة بـ400 حالة، بدأ ظهور الأعراض عليها منذ 7 من أيلول الحالي.
وقال المدرس، إن إداريين في مدارس بلدة الشجرة طالبوا مديرية التربية في درعا بتعطيل المدارس كإجراء احترازي مؤقت، وكان ردهم بأن هذا القرار يحتاج إلى موافقة وزير التربية.
وأضاف أن مديرية التربية لم تتدخل منذ بداية ظهور الأعراض رغم مناشدة الكوادر التدريسية، ومطالب بإيفاد مختصين للبلدة لإعطاء ندوات حول تفادي العدوى، وطرق الوقاية من المرض، لكنهم لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، إلا بعد وصول عدد الإصابات إلى 300 حالة.
مدير الصحة المدرسية في درعا، مروان حامد، قال لصحيفة “تشرين” الحكومية، إنه بعد إبلاغ مديرية الصحة المدرسية وجود حالات يشتبه بإصابتها بالتهاب الكبد الوبائي في منطقة الشجرة، بادرت المديرية برفقة مندوب عن منظمة الصحة العالمية، ودائرة الأمراض المعدية التابعة لوزارة الصحة، إلى زيارة مدارس المنطقة، وتبين أن الإصابة بدأت لدى عائلة قبل بدء دوام المدارس بأسبوع، وبعدها انتشرت الإصابات بسبب اختلاط التلاميذ ببعضهم.
وقدّرت مديرية الصحة المدرسية عدد الإصابات بـ316 إصابة، توزعت على 221 إصابة لتلاميذ الحلقة الأولى (من الصف الأول إلى الخامس)، و79 إصابة لطلاب الحلقة الثانية من التعليم الأساسي، و16 إصابة لطلاب المرحلة الثانوية.
الأطفال أكثر عرضة للإصابة
مدير مستوصف درعا البلد، الطبيب زياد محاميد، قال لعنب بلدي، إن التهاب الكبد الوبائي هو مرض إنتاني يؤدي إلى ضخامة في الكبد، ويؤثر على عمله، وينتقل بالعدوى عن طريق الفم، ومن أعراضه الحمى، والهزال، واصفرار بالعين، وتغيّر بلون البول.
وتعتبر المياه الملوثة أو الخضار المروية بمياه صرف صحي، أو عدم انتباه الطفل إلى النظافة الشخصية، عوامل رئيسة لانتقال المرض وانتشار العدوى.
ونصح محاميد بالعلاج والمتابعة لدى الطبيب، بالإضافة إلى اتباع حمية تريح عمل الكبد عبر الابتعاد عن المواد الدسمة والحلويات المصنعة، فيما تعتبر الخضار والمربيات والعسل أغذية مهمة لعلاج المريض.
وأضاف الطبيب أن الأطفال الصغار أقل دراية بموضوع السلامة، لذلك هم أكثر عرضة للإصابة.
“السبب مياه الصهاريج”
بعد تفشي الإصابة في منطقة الشجرة توجهت الأنظار إلى تلوث مياه الشرب، وذكرت مديرية الصحة أن الآبار صحية وغير متعرضة للتلوث، لكن تعتمد أغلبية سكان البلدة على مياه الصهاريج الجوالة وهي عادة لا تخضع للتعقيم.
قال هاشم، المقيم في بلدة الشجرة، إنه يشتري مياه الشرب من الصهاريج الجوالة لأن مياه الشبكة لا تصل إلى منزله.
وبعد ظهور حالات إصابة بالوباء، أجبرت اللجنة المحلية بائعي المياه على التعقيم، وأشرفت على ذلك، وهذا ما أكده عضو لجنة محلية.
الطبيب زياد محاميد قال إن تلوث مياه الشرب سبّب، في أيار 2022، مئات الحالات في حي الكاشف في مدينة درعا بمرض التهاب الكبد الوبائي.
أحد أعضاء اللجنة المحلية في البلدة (لجنة محلية من أبناء البلدة تهتم بمتابعة شؤون البلدة الخدمية والصحية بمعزل عن مجلس البلدية) قال إن اللجنة تحركت منذ الأيام الأولى لظهور أعراض الإصابة، وزارت المدارس، واطلعت على واقع النظافة فيها.
وأضاف أن اللجنة عملت على ترحيل القمامة من البلدة على نفقتها الخاصة، في حين لم يقدم مجلس البلدية أي مساهمة في تنظيف البلدة بحجة تعطل الجرار التابع له.
ونشر ناشطون، السبت 23 من أيلول، تسجيلًا مصورًا يظهر تجمعًا للقمامة حول الخط الرئيس لمياه الشرب.
مركز صحي وحيد
يعتمد سكان منطقة الشجرة صحيًا على مركز وحيد في البلدة.
مدير الصحة في درعا، بسام سويدان، قال لصحيفة “الثورة” الحكومية، إن المديرية سيرّت عيادتين متنقلتين لبلدة الشجرة مزودتين بالأدوية والمستلزمات الطبية لمعالجة الحالات المشتبه بها بالإصابة بالوباء.
مصادر من بلدة الشجرة قالت لعنب بلدي، إن العيادتين بقيتا في المنطقة لساعات ثم غادرتا.
وتعتبر بلدة الشجرة أقصى ريف درعا الغربي، وهي مركز ناحية تضم عددًا من القرى في حوض اليرموك هي: الشجرة، نافعة، جملة، سحم، حيط، القيصر، معربة، بيت آرا، عين ذكر، ويخدمها مركز صحي وحيد تحول إلى مستشفى بعد سيطرة المعارضة نهاية عام 2012 على المنطقة.
وفي عام 2015، أصبحت منطقة الشجرة تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتحول المستشفى إلى خدمة جرحى التنظيم، وبعد سيطرة النظام على المنطقة في آب 2018، أُعيد المستشفى إلى مركز صحي وألغي العمل فيه كمستشفى جراحي.
اقرأ أيضًا: صهاريج مكلفة وغير صحية بديل الجفاف في درعا
–