عروة قنواتي
أصدر الاتحاد التركي لكرة القدم قراره بإقالة الألماني شتيفان كونتس بعد عامين من العمل، وعيّن بدلًا عنه الإيطالي فينشينزو مونتيلا الذي كان يدرب أضنة سبور التركي، ويهدف الاتحاد التركي بخطوته الأخيرة والعاجلة إلى استدراك موقف النتائج المتراجعة لمنتخب النجمة والهلال، وعدم فقدان فرصة التأهل إلى “يورو 2024” في ألمانيا.
المنتخب التركي حاليًا في المرتبة الثانية ضمن مجموعته التي تضم كرواتيا وأرمينيا وويلز ولاتفيا، برصيد عشر نقاط وله ثلاث مواجهات متبقية مع كرواتيا على أرضها ومع لاتفيا على أرضه في تشرين الأول المقبل، ويختتم مباريات التصفيات مع ويلز في ملعبها. وتبدو الأمور أصعب من قبل بعد التعادل مع أرمينيا بهدف لمثله، وبعد الخسارة وديًا مع اليابان برباعية مقابل هدفين، الأمر الذي استدعى تدخلًا عاجلًا من قبل الاتحاد التركي لتعديل الموقف مع مدير فني جديد. فما قصة هذا المدرب؟
رحل كونتس بعد نتائج متواضعة وغير مُرضية للشارع الرياضي التركي وللنقاد والإعلاميين والقائمين على الكرة التركية، وكان قرار تعيين كونتس أساسًا متسرعًا بعض الشيء، لكنه أتى على خلفية هزيمة مذلة للمنتخب التركي أمام هولندا في تصفيات كأس العالم، ليقال السيد غونيش صاحب التاريخ الأقوى كمدرب لمنتخب النجمة والهلال في مونديال 2002، وجاء الألماني الذي لم يسبق له أن درب منتخبًا للرجال، ولكنه درب منتخب شباب ألمانيا وبعض الفرق، وسبق له أن لعب في تركيا لسنوات.
جاء اليوم مونتيلا الذي سبق له أن درب أندية إيطالية مختلفة، من روما إلى فيورنتينا فالميلان وكاتانيا ومن ثم إشبيلية الإسباني ليأتي بعدها باتجاه أضنة سبور وصولًا إلى منتخب تركيا الأول لكرة القدم.
المدرب متواضع جدًا بخياراته الفنية والتكتيكية، ولم يسبق له أن ترك أي بصمة في تدريباته المتقلبة والفلسفية زيادة على اللزوم. نحن هنا لا نستعجل الأحكام على أداء مونتيلا مع منتخب تركيا، فلربما يكون المشهد مريحًا ويستطيع تحقيق ست أو أربع نقاط من التوقف الدولي المقبل أمام كرواتيا ولاتفيا، ما سيسمح لتركيا بالوصول إلى “يورو 2024” في المركز الثاني على الأقل، دون الالتفات إلى المواجهة الأخيرة أمام ويلز.
ولكن، حتى لو كان المشهد مريحًا وكسبت تركيا بطاقة التأهل ولو بصعوبة، فلن يقدم مونتيلا أي جديد في رحلته ومسيرته الحالية، ولن يضيف إلى اللاعب التركي في المنتخب مهارة أو حالة فنية متقدمة لنسيان هزائم المرحلة السابقة والأداء غير المقنع في “يورو 2020”.
كان من الأفضل للمنتخب التركي أن يمشي بما تبقى من التصفيات مع مدرب محلي معروف، والخيارات كانت مطروحة حتى لو كان الشارع التركي لا يرغب بها، ومن ثم ترك الوقت المطلوب للبحث والاتفاق مع مدرب أجنبي ذي خبرة في البطولات الرسمية. سمعنا كما سمع الجميع بأن محادثات ومفاوضات جرت للتعاقد مع السيد يواكيم لوف لتدريب المنتخب التركي، ويبدو أنها لم تثمر. فلماذا لم تتكرر المحاولة مع اسم قريب من تاريخ لوف وسمعته الفنية والتدريبية وتجاربه السابقة؟
يومًا ما، فتح الاتحاد التركي أبوابه للهولندي غوس هيدينك بخبرته وأرقامه، صحيح أن النتائج جاءت غير مُرضية ومتراجعة ولا تلبي الطموحات في المنافسة، إلا أن الاسم ووزن وتاريخ الرجل يسمح بإعطاء الفرصة والمغامرة، فكيف لمن كان يحادث لوف ويستقبل هيدينك أن ينزل إلى الطابق السفلي ليجرب حظه مع كونتس ومونتيلا؟
لربما، وأقول لربما، يعبر منتخب تركيا نحو كأس أمم أوروبا 2024 بأي المشاهد المحتملة والمتوقعة، ولكن فرصة ثمانية أشهر للبطولة كفيلة بأن يأتي مدرب جديد ليقود المرحلة ويذهب بالفريق منافسًا على الإقصائيات في اليورو وليس مشاركًا في دور المجموعات وعائدًا بسرعة نحو اسطنبول.
مع المحبة للقائمين على الكرة التركية، خطوة تعيين السيد مونتيلا متسرعة وقد لا تأتي بالنتائج المطلوبة، ومع مواجهة كرواتيا ومن ثم لاتفيا، ستكون الصورة قد اتضحت أكثر، وسيكون للنقد وللأسئلة وللعتاب مجالات وملفات أكبر.