شو مشكلتك.. كل مشكلة لها حل

بهدف محدد وبمعدات بسيطة، تجوب كاميرا عنب بلدي الشمال السوري لرصد الواقع الخدمي عن طريق استطلاع رأي الناس في الشارع، حول احتياجاتهم وما ينقصهم من خدمات في المنطقة. 

انطلق برنامج “شو مشكلتك” في مؤسسة عنب بلدي الإعلامية، في 1 من تشرين الثاني 2019، وتقوم فكرته على استطلاعات رأي في الشارع عن المشكلات التي تعترض الناس في شمال غربي سوريا، لتسليط الضوء على مشاكلهم من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، ومناقشتها مع الجهات المسؤولة.

في الفترة الأولى من انطلاق البرنامج لم يلقَ صدى واسعًا في الشارع أو تأثيرًا مباشرًا في حل المشاكل التي يطرحها، لكنه استمر على الأقل في طرح القضايا والمشاكل ولفت الانتباه إليها، لتأتي النتائج الإيجابية والتأثير المباشر لاحقًا في حل مشاكل رصدتها عنب بلدي.

وبعد أيام من نشر حلقة عن مشكلة القمامة المهملة في قرية إسقاط بريف إدلب، في تشرين الثاني 2019، توجهت بلدية المنطقة لمعالجة الأمر، ليبدأ البرنامج بلعب دوره كـ”سلطة الرابعة” في المنطقة  لفرض حل المشاكل المطروحة من قبل الأهالي و بلسانهم.

منبر لطرح المشاكل

يجوب مراسلو عنب بلدي مدن وبلدات وشوارع وقرى محافظة إدلب وريف حلب، لرصد أحوال الأهالي ومشاكلهم، وربما تعبر المشكلة عن حالة متكررة في مناطق أخرى مجاورة أو حالة عامة في شمال غربي سوريا، وأحيانًا تكون المشاكل موسمية كأزمة المخيمات ومشاكل الصرف الصحي والمياه والكهرباء.

وبعد رصدها وتغطيتها نتوجه للأشخاص المسؤولين عن معالجة هذه المشكلات، سواء كانوا يمثلون مؤسسات حكومية كالوزارات أو المجالس المحلية أو منظمات المجتمع المدني أو شركات خاصة، لطرحها عليهم وتوصيل صوت الأهالي حول قضيتهم وسؤالهم عن أسباب المشكلة وما الحلول الممكنة.

مع مرور الوقت جرى حلّ أكثر من مشكلة طرحت في البرنامج، ليصبح البرنامج منبرًا للأهالي ومسؤولي المخيمات الذين يريدون طرح مشاكلهم آملين في الحل، إذ يتواصلون بشكل مباشر مع المؤسسة أو مراسليها لدعوتهم إلى طرح مشاكلهم من خلال البرنامج. 

هنا يعاني تجمع أهالي عندان في اعزاز من شح المياه وارتفاع أسعارها واستحكام أصحاب الصهاريج بالأهالي، توجهت عنب بلدي إلى التجمع لرصد المشكلة، وقابلت مسؤول التجمع لتوضيح أسبابها وآثارها، ولم تمضِ أيام على عرض الحلقة حتى تدخلت منظمات مجتمع مدني سورية فحلت الأزمة متكفلة بالمياه. 

في مخيم مورين بريف إدلب الغربي، تنهش الحشرات أجساد الأهالي، وأغلب المعرضين للدغاتها هم الأطفال. توجهت عنب بلدي لتغطية المشكلة، وتحدثت مع الأهالي ومندوب مخيمات المنطقة الوضع بشكل أقرب، حيث لا تتوافر المنظفات ولا المياه كافية، بينما يصب الصرف الصحي قرب المخيم بشكل مكشوف، ما يتسبب بانتشار أنواع مختلفة من الحشرات، وسط تجاهل من السلطات المعنية، وابتعاد أقرب نقطة طبية يمكن للأهالي أن يقصدونها نصف ساعة بواسطة السيارة.

بعد أسبوع من عرض الحلقة تواصل “فريق ريليف انترناشونال التطوعي” مع معدة البرنامج لإيصالها بمسؤول المخيم لحل مشكلة الأهالي، وعمل الفريق على توزيع سلل نظافة وأدوية خاصة بالجرب، إضافة إلى ألواح ثلج (بوظ) لتخفيف موجة الحر. 

صعوبات 

صعوبات العمل الصحفي أمر لا مفر منه، سواء على الصعيد الشخصي من خلال إمكانية مقابلة الناس والوصول إليهم، والتحقق من المعلومات وتوثيقها، أو على الصعيد العام كتراخيص التصوير من جهات الأمر الواقع المسيطرة على المنطقة أو على المشاكل الأمنية ومحاذير السلامة المهنية.

كما يواجه مراسلو عنب بلدي خلال عملهم ضمن برنامج “شو مشكلتك” انتقادات عديدة من بينها لوم الناس لهم على تقصيرهم في عملهم أو اتهامات بتقاضيهم دعمًا مقابل تصوير المشكلة، إذ يعتبر بعض المواطنين أن المراسلين يتاجرون بقضاياهم.

في هذه الحلقة من البرنامج كان العائق يتعلق بسلامة المراسل، إذ يعاني سكان مدينة إدلب من انتشار الكلاب في الشوارع، تهاجمهم في الليل وأحيانًا في وضح النهار.

اضطر المراسل لتصوير الحلقة ليلًا على مدار يومين إلى ثلاثة أيام لرصد الكلاب الشاردة في الطرقات باستخدام زوم الكاميرا وإضاءة خاصة، وذلك بمرافقة من صديقين من أجل السلامة في حال حصول أي طارئ.

بعد عرض الحلقة بشكل مباشر، توجهت بلدية مدينة إدلب للحد من انتشار الكلاب وتخفيف الأزمة للتقليل من خوف الأهالي، ولا تزال الحملة مستمرة حتى الآن حسب مراسل عنب بلدي في إدلب. 

حلول

ثقافة العمل لإيجاد الحلول ليست مقتصرة على برنامج “شو مشكلتك”، بل بأكثر من شكل صحفي سواء مكتوب أو مصور على شكل تقارير خاصة وقصص.

في مدينة إدلب يردم رجل ثمانيني حفرة سببتها الأمطار، خلفت حوادث وإصابات لدى المارين، وفي أثناء ردم الرجل للحفرة رصد مراسل عنب بلدي الحالة وصور قصة عن عملية الردم.

انطلقت بعدها مبادرة شعبية تحت اسم “مبادرة العم وليد”، لردم الحفر في شوارع إدلب، وشاركت فيها منظمات محلية.

وفي رأس العين رصدت عنب بلدي انتشار النفايات الطبية في الشوارع وخطرها على صحة الأهالي والبيئة، في تقرير مكتوب على الموقع الإلكتروني.

https://www.enabbaladi.net/archives/648521

وبعد أيام من نشر المادة، تواصل مراسل عنب بلدي مع فريق التحرير لإخبارهم بأن مديرية الصحة في المجلس المحلي برأس العين، قد عملت على إزالة النفايات وتنظيف الشوارع.

صحافة الحلول

تحقق صحافة الحلول في محاولات الناس لحل المشاكل المشتركة وتشرحها بطريقة نقدية وواضحة. وعادة ما يعرف الصحفيون الأخبار على أنها ما يحدث من أخطاء، بينما تحاول صحافة الحلول توسيع هذا التعريف ليشمل الاستجابات للمشاكل، فهي تستحق التغطية الإخبارية كذلك. ومن خلال التغطية الدقيقة للحلول، يمكن للصحفيين سرد القصة بشكل كامل.

تعد صحافة الحلول مكملة لتغطية المشاكل، وغالبًا ما يشعر الصحفيون بالإحباط عندما تعجز تحقيقاتهم المضنية عن إحداث التغيير.

وربما لا يحدث التغيير بشكل مباشر، وقد يحتاج لأيام أو أشهر أو سنوات، ولا يحقق هذا النوع من الصحافة الترندات أو ضجة كبيرة في الشارع، وتحتاج إلى صبر ومداومة على طرح المشاكل لتحقيق التغيير.