تشهد مدينة اللاذقية حوادث اعتداء تنفذها مجموعات تنتمي وتربطها صلة قرابة بعائلة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وعائلات نافذة في المدينة.
وتعتبر مجموعة علي توفيق الأسد من بين المجموعات التي تمارس سطوتها، مستغلة ارتباط اسم زعيمها وممولها بعائلة الأسد، وهو محاط بمجموعة من عناصر “الشبيحة”.
وفي حادثتين منفصلتين، في 16 من أيلول الحالي، أقدمت المجموعة على ارتكاب اعتداءين في منطقتين مختلفتين بريف اللاذقية الأول حي المشروع العاشر والثانية في قرية الحويز بريف جبلة، وخلقت حالة هلع وخوف لدى المدنيين الذين اعتادوا على حوادث من هذا النوع.
خلاف مروري
يوم عصيب عاشه أهالي في محافظة اللاذقية، الأحد 16 من أيلول الحالي، نتيجة إقدام علي توفيق الأسد، على إحراق منزل في المشروع العاشر، ثم إحراق كازية “الصياد” في قرية الحويز بريف جبلة، انتقامًا من شاب يدعى حمزة سعيد.
شهود محليون قالوا إن خلافًا مروريًا حدث بين الشابين، تطور إلى ملاسنات أدت إلى غضب علي الأسد، من أقارب رئيس النظام السوري بشار الأسد، والذي توجه إلى منزل عائلة الشاب مع مجموعة من “الشبيحة”، صعدوا الدرج ثم كسروا باب المنزل.
وبدأت المجموعة برمي البنزين فيه تمهيدًا لإحراقه، قبل أن تدخل الأم وهي مديرة مصرف التوفير باللاذقية ريم حداد، ليتم ضربها بالبندقية على أسفل رأسها، وشتمها بعبارات نابية، ومن ثم حرق المنزل وفق شهود عيان.
التزم أهالي البناية منازلهم دون أن يتجرأوا على الخروج منها، واكتفوا بسماع أصوات الشتائم وكسر الأبواب، ولم يخرجوا إلا بعد التأكد من مغادرة المجموعة، حيث طلبوا الإسعاف لنقل السيدة المرمية على الأرض داخل منزلها، والتي كادت تموت من النيران لولا تدخلهم.
فوج الإطفاء وعناصر الشرطة حضروا بعد التأكد من مغادرة المجموعة، وهو أمر معروف لدى أهالي اللاذقية في مثل هذه المشكلات، وفق الشهود الذين تحدثوا لعنب بلدي. وعلى سبيل المثال غالبًا ما تتجدد المشكلات بين أفراد من عائلتي شاليش والأسد، وتتضمن إطلاق نيران، إلا أن الشرطة لا تتدخل أبدًا.
ليلة عصيبة
تروي هيام (اسم مستعار لسيدة عمرها 33 عامًا)، حالة الرعب التي عاشوها خلال ذلك اليوم، فهي تعيش في إحدى البنايات المتاخمة بالمشروع العاشر، وكانت تخشى من تطور الأمور والبدء برمي القنابل، وفق قولها.
وقالت لعنب بلدي، “يفعلون أكثر من ذلك، نحن نعرفهم ونعرف مدى قذارتهم، لا يهمهم سوى أنفسهم ولا قانون ينفذ عليهم”.
احتضنت الأم أطفالها واختبأت في زاوية داخلية، بينما سألها الأطفال عما يجري في الخارج، وطلبوا منها أن يهربوا مع استمرار سماعهم الصراخ والبكاء من حولهم.
وبحسب السيدة فإن هذا الحدث أعاد إليهم ذكريات يوم الزلزال، واعتقدوا أن زلزالًا آخر ضرب المدينة، لذلك ذعروا وحاولوا الهروب لكن أمهم منعتهم.
أوضحت السيدة أن كل جيرانها فعلوا مثلها، حتى الشارع بات خاليًا من المارة الذين ركضوا خوفًا وهربًا، بينما أغلقت البقالية القريبة أبوابها، وفرّ صاحبها إلى منزله، مضيفة أن هذا كله جرى في وضح النهار، وكانت الشرطة تستطيع الحضور فورًا ووضع حد للهجوم، إلا أنها لم تصل.
في الحويز الخوف مشابه
في قرية الحويز بريف جبلة، عاش الأهالي ذعرًا مشابهًا، إذ جرى إحراق كازية “الصياد” الذي يمتلكها والد حمزة سعيد، بالقنابل مع إطلاق النيران، ما روّع الأهالي الذين حاولوا أولًا التدخل لمنعهم، لكن سرعان ما فروا هاربين بعد معرفتهم بهوية المعتدين ولأي عائلة ينتمون.
أدت الحادثة إلى احتقان كبير لدى غالبية أهالي القرية، الذين طالبوا السلطات بوضع حد لـ”التسلط والبطش”.
وقال مصدر محلي من القرية (فضل عدم الكشف عن اسمه) “هذه آخرة العيش بمزرعة وليس في بلد، يمكنهم تعويض خسائر بعضهم، لكن نحن وأولادنا الذين ارتعبوا فمن يعوضنا؟”.
وبثّ علي توفيق الأسد أحد أشهر “الشبيحة” في اللاذقية، فيديو مباشر له من روسيا، وسط معلومات متضاربة، فيما إن كان قد نجح بالفرار حقًا أم أنه فيديو مفبرك في محاولة لتبريد الوضع.
ويتكرر سيناريو سفر أحد أفراد عائلة الأسد بعد ارتكاب جريمة ما باستمرار، وسبق أن فرّ سليمان هلال الأسد، إلى لبنان العام الماضي، بعد قتله شاب نتيجة خلافات شخصية.
ما يتداوله الأهالي وما تنشره صفحات محلية بأن الفرار ربما لا تكون الكلمة الأصح، إذ يبدو أنه تهريب لهؤلاء الأشخاص وليس الفرار، والقصد منه إبعادهم عن الأعين ريثما تبرد المشاكل، ومن ثم عودتهم مجددًا بعد أن ينسى المواطنون ما فعلوه، كما جرى مع سليمان هلال الأسد ذاته، حين قتل ضابطًا في قوات النظام أمام عائلته باللاذقية، ثم حكم بالسجن ليخرج بعد فترة.
داخلية النظام: البحث جارٍ
بعد يومين من الحادثة، قالت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، إن خلافًا مروريًا بين شخصين دون أن تذكر الكنية، تسبب بحرق منزل وإطلاق نار على محطة وقود، وإن الوحدات الشرطية داهمت المنزل وضبطت مركبات دون لوحات وآلات لتعبئة عبوات مياه مغشوشة.
وجاء في بيان الوزارة أنه “ادعى المواطن (علي. أ) بإقدام المدعو (حمزة. س) وبرفقته شخصين على اعتراضه بمركبته من نوع (لاند كروزر) نتيجة خلاف مروري حصل بينهم، وقيامهم بضربه بجميع أنحاء جسده وطعنه بأداة حادة”.
وأضافت أنه من خلال البحث عن الفاعلين وتحري منازلهم تبين أنهم “لاذوا بالفرار عقب الحادثة إلى مكان مجهول، وباليوم نفسه أقدم والد المدعي المدعو (حسان. أ) وبرفقته ثلاثة أشخاص ملثمين على حرق منزل والد المدعو (حمزة. س) الكائن في حي المشروع العاشر باللاذقية، بعد سكب مادة البنزين عليه، كما قاموا بإطلاق النار على محطة وقود يملكها المذكور ولاذوا بالفرار إلى جهة مجهولة”.
وفق البيان، “شُكّلت دوريات من مختلف الوحدات الشرطية وفرع الأمن الجنائي في اللاذقية، وجرت مداهمة منزل المدعو (حسان. أ) ومصادرة (خمس مركبات، ثلاث منها بدون لوحات، وأسلحة فردية) كما عثر على آلات معمل لتعبئة عبوات المياه المغشوشة”.
وأنهت الوزارة بيانها بأن الأبحاث لا تزال جارية عن المتوارين جميعًا “حتى إلقاء القبض عليهم لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم أصولًا”.