تصاعدت مؤخرًا موجة التصريحات الأردنية التي تعبر عن غضب “غير رسمي” من النظام السوري، على خلفية عدم التوصل لحل يوقف تدفق المخدرات نحو الأردن عبر الحدود البرية مع سوريا.
أبرز هذه التصريحات جاء على لسان وزير الإعلام الأردني السابق، سميح المعايطة، الذي اتهم في مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية، قبل أكثر من أسبوع، النظام السوري بالتورط المباشر في مسألة تهريب المخدرات.
وقال المعايطة، إن “النظام السوري يتحدث بلغة مماطلة، والأسد قال في لقاء رسمي لدينا فساد ورشوة وغير قادرين على الضبط، لكن الحديث هذا غير صحيح”.
وأضاف، “دولة تدعي أنها انتصرت في الحرب، وانتصرت على المعارضة وكل شيء، لا تستطيع أن تمنع، هذا كلام غير منطقي”، معتبرًا أن “الكبتاجون” اقتصاد لـ”الدولة السورية” والنظام السوري، وعائلة رئيس النظام السوري المباشرة، وميليشيات ومؤسسات في الجيش.
الوزير الأردني السابق تحدث عن وجهة نظر ما وصفها بـ”قوى رسمية” في سوريا تريد معاقبة كل قوة لم تقف مع النظام السوري خلال السنوات العشر الماضية بتعزيز الفلتان ومزيد من محاولات التهريب (المخدرات).
وفي 16 من أيلول، ذكر الصحفي مكرم الطراونة، في مادة نشرتها صحيفة “الغد” الأردنية، تحت عنوان “دمشق عندما تتذاكى على الأردن”، أن سوريا تصر على بث رسائل غير إيجابية تجاه المملكة، عبر بوابة التظاهر بالتعاون بخصوص الوضع الأمني على الحدود المشتركة بين البلدين، وتحديدًا في ملف المخدرات.
وربط الصحفي وجهة نظره بأن الاجتماعات الأمنية بين عمان ودمشق لم تسفر عن أي نتائج بهذا الخصوص، موضحًا أن المنجز الوحيد كان عبر تنفيذ الطيران الأردني عملية ضد أحد تجار المخدارت داخل سوريا.
وفي 8 من أيار الماضي، أغارت طائرات حربية مجهولة الهوية، ويعتقد أنها أردنية، على أهداف في منطقة اللجاة بين محافظتي درعا والسويداء جنوبي سوريا، ما خلّف ثمانية قتلى من عائلة كاملة بينهم ستة أطفال.
وذكر مركز “ألما” الإسرائيلي البحثي، عبر موقع “إكس” (تويتر سابقًا)، أن قصفًا أردنيًا طال منطقة زراعية جنوبي كفر العاري، يستخدمها مهربو المخدرات.
“دكتاتوري وظالم”
كما وصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية السابق، محمود فريحات، النظام السوري بالديكتاتوري والظالم، مشيرًا إلى وجود عشرات الفصائل والميليشيات في سوريا، إلى جانب حضور روسيا وإيران و”حزب الله” اللبناني.
وفي مادة للصحفي ماهر أبو طير، في 13 من أيار (قبل مشاركة الأسد بقمة جدة- 19 من أيار)، قال أبو طير في مادة بعنوان “هل انتصرت دمشق الرسمية“، “عن أي انتصار يتحدثون مع تشرد ملايين الأشقاء السوريين، ورفض ملايين السوريين العودة إلى بلادهم حتى الآن طوعًا، فيما تتفرج دمشق على نتائج الإزاحة الديموغرافية التي تسببت بها”.
الخبير الأردني في الأمن الاستراتيجي، الدكتور عمر باشا الرداد، أوضح لعنب بلدي أن تصريحات الوزير السابق المعايطة يمكنها أن تعبر عن وجهة نظر في أروقة دوائر القرار الأردنية، وهي تصريحات تجيب على كتير من الأسئلة حول ردود النظام السوري على مبادرات أردنية متتالية كان يفترض أن تشكل مفاتيح على طريق إنهاء “الأزمة السورية” لكن المؤكد أن الأسد قابلها بما يمكن وصفه يـ”التذاكي”.
وحول الأسباب التي تمنع الأردن من إعلان فشل “المبادرة الأردنية” مع مرور أشهر على انطلاقها رسميًا، وتحقيقها نتائج عكسية، يرى الخبير أن عمان لن تعلن فشل “المبادرة”، فالمسألة مرتبطة بتحالف إقليمي ودولي، رغم أنه كان مؤسسًا لفكرة إعادة النظام للجامعة العربية في إطار ما يعرف بـ”الخطوة مقابل خطوة” وهي مقاربة ثبت أن الأسد لم يتقدم بخطوة واحدة فيها، مقابل خطوات كثيرة قدمها الأردن والعرب، وفق قوله.
على غرار الشمال.. ربما
الرداد أشار إلى حالة فتور في الاندفاع العربي تجاه النظام السوري، ومنه الأردني، إذ يبدو أن الأردن بعد ازدياد التهديدات من سوريا أمام خيارات كتيرة، لكنها ستبقى ضمن محددات ارتباطها بحلفاء الأردن على المستويين الدولي والإقليمي، وهي خيارات قد تفضي إلى “مناطق آمنة” على غرار الوضع في المناطق السورية المتاخمة لتركيا.
في 15 من آب الماضي، أجرى وزراء خارجية “لجنة الاتصال الوزارية العربية” بشأن سوريا، لقاءً في القاهرة، ضم وزراء خارجية كل من مصر والعراق والسعودية والأردن ولبنان، والنظام السوري، وتبعه بيان ختامي، جرى فيه التأكيد على أن الحل في سوريا سياسي، مع الاتفاق على عقد اللقاء المقبل لـ”اللجنة” في العاصمة العراقية، بغداد، وتشكيل فريق اتصال على مستوى الخبراء للمتابعة والإعداد للاجتماع المقبل.
كما عقدت “اللجنة الأردنية- السورية المشتركة” اجتماعها الأول للتعاون في مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، في 23 من تموز الماضي.
وبحسب بيان للخارجية الأردنية، فإن الاجتماع، الذي لم يحدد مكان عقده، بحث التعاون المشترك في مواجهة “خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب عبر الحدود نحو الأردن”.
وكالة “رويترز” قالت حينها، إن الاجتماع سعى للحد من تجارة المخدرات المتنامية على طول الحدود المشتركة التي شهدت مناوشات “دامية” ألقي باللوم فيها بشكل رئيس على “الفصائل الموالية لإيران التي تسيطر على جنوبي سوريا”.
وكانت عنب بلدي أعدت في وقت سابق تقريرًا تحت عنوان “الحراك الأردني في سوريا.. عمّان متحمسة بعكس النظام“، وذلك بعد زيارة وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إلى دمشق، في 3 من تموز الماضي، ولقائه رئيس النظام، بشار الأسد، ووزير الخارجية، فيصل المقداد، وعكس التقرير مساعي الأردن الحثيثة للتوصل لحل يوقف تدفق المخدرات ويدفع قدمًا بالعملية السياسية في سوريا، على ضوء “المبادرة” وقرار مجلس الأمن “2254”، أمام عدم تجاوب النظام السوري، والتوصل لنتائج تخالف كل ما هو مطلوب في نص “المبادرة”.