درعا.. مدارس بلا أثاث وترميم حسب الاستطاعة

  • 2023/09/30
  • 2:27 م
مدرسة المالكي وزنوبيا تشتركان في نفس الباحة في درعا- شباط 2023 ( عنب بلدي/ سارة الأحمد)

مدرسة المالكي وزنوبيا تشتركان في نفس الباحة في درعا- شباط 2023 ( عنب بلدي/ سارة الأحمد)

مع بداية العام الجديد في سوريا، لا تزال معظم المدارس في محافظة درعا، جنوبي سوريا، تعاني شحًا في الدعم اللوجستي وضعفًا في أداء الكوادر، وبعضها خارج الخدمة، أو غير مجهزة كليًا لاستقبال الطلاب، بسبب افتقارها إلى التجهيزات الأساسية لاستكمال المرحلة التعليمية، من مقاعد وألواح وغيرها من لوازم.

وتحتاج معظمها لإعادة تأهيل وترميم في البنى التحتية، بسبب تعرضها للقصف خلال السنوات التي سبقت سيطرة قوات النظام السوري.

وتتفاوت نسبة الدمار في المدارس في محافظة درعا، بين منطقة وأخرى، وأكد مدير إحدى المدارس لعنب بلدي، تضرر نحو 35 مدرسة ما بين دمار كلي وجزئي، ويتركز معظمها في أحياء درعا البلد وحي طريق السد والمخيمات في درعا المحطة، بحسب مركز التوثيق في محافظة درعا.

ترميم حسب الاستطاعة

بحسب ما أفاده مدير المدرسة (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية) في مدينة درعا لعنب بلدي، رمم خلال خمس سنوات ما يقارب 19 مدرسة بجهود محلية من أهالي المنطقة، من أجل عودة أبنائهم للتعليم، حيث بلغ عدد الطلاب في درعا البلد نحو 1500 طالب.

وبحسب مكتب التوثيق في “تجمع أحرار حوران”، دمرت 433 مدرسة بشكل جزئي أو كلي من أصل 988 بحسب آخر إحصائية.

عدد مدارس محافظة درعا و وضعها الحالي بحسب مكتب التوثيق في تجمع أحرار حوران – آذار 2021 ( تجمع أحرار حوران)

وتراجعت العملية الدراسية بعد عملية التسوية عام 2018، ولم يقدم النظام السوري، أي جهود لترميم وصيانة المدراس المتضررة وخاصة في ريف درعا، ما دفع الأهالي خلال السنوات السابقة، إلى بذل جهود ذاتية لصيانتها وتأمين المستلزمات لإكمال المسيرة الدراسية من مقاعد وألواح وتدفئة وغيرها.

وبالرغم من سيطرة قوات النظام السوري على درعا في آب 2018، من خلال “تسوية” تكونت من 11 بندًا، فرضها النظام على الراغبين بالبقاء في منازلهم، لم تنعم المحافظة باستقرار حقيقي، وظلت خاصرة رخوة أمنيًا ضمن المناطق التي تفرض قوات النظام سيطرتها عليها.

وكان أحد بنوده التسوية، إعادة الخدمات بشكل كامل للمحافظة، ومن بينها خدمات التعليم، وحتى الآن لم يتم تنفيذ أي بند من هذه البنود، وسط تجاهل مؤسسات النظام لدعوات لجان المصالحة والأهالي للوفاء بتلك الوعود.

مدرس الإعدادية تيسير عبود من قرية النعيمة، في درعا، قال لعنب بلدي، إن العشرات من المدارس في أرياف درعا رممت بجهود محلية بعضها أعيد بناؤها من جديد كمدرسة الصورة، ومدارس في مدينة الحراك، وبصر الحرير، ونوى، وطفس، ودرعا البلد، وقرية النعيمة.

وبعضها رمم جزئيًا في بناء الجدار الخارجي، وتركيب الشبابيك، والأبواب ودورات المياه،  وبعض الأجزاء المدمرة بشكل كبير، والباحات المدرسية وغيرها.

من جانبها قالت المعلمة وصال الحراكي، من مدينة الحراك، إن أغلبية المدارس في منطقتها رممت بجهود محلية وبعضها بمساعدة منظمات دولية كمنظمة (UNDP)، ورممت 239 مدرسة تعرضت لدمار كبير و138 مدرسة بشكل جزئي.

مساعدة المعلمين لإكمال عملهم

يصارع المواطن السوري وحيدًا في مواجهة موجة ارتفاع الأسعار وغياب القدرة على تأمين احتياجات عائلته الأساسية، وسط تدهور الليرة أمام العملات الأجنبية، مع غياب أي حلول تنتشله مع أزماته المتلاحقة.

“تكلفة النقل باهظة وراتبي لا يتعدى 220 ألف ليرة سورية”، بهذه الجملة شرحت معلمة في قرية صيدا التابعة لدرعا، الصعوبات التي يواجهها المعلمون والمعلمات لمواصلة التدريس.

وأضافت أن تكلفة النقل من صيدا التي تبعد عشرة كيلومترعن مدينة درعا، 7000 آلاف ليرة سورية يوميًا.

قررت رهام عدم الذهاب للمدرسة، مع عدد من المعلمين الذين يعانون من تكاليف النقل الباهظة، دون مردود مادي يكفي متطلبات عائلاتهم حتى نهاية الشهر.

“عند قراري بترك المدرسة أنا وعدد من المعلمين القادمين من مدينة درعا، قرر أهالي القرية تعيين وسيلة نقل مجانية، بالإضافة لتخصيص مبلغ شهري قدره 100 ألف ليرة سورية، في سبيل الاستمرار بعملنا”، أضافت رهام.

ولا ينطبق هذا الحال على قرية صيدا وحدها، لكن جهود الأهالي في استمرار العملية التدريسية لأبنائهم دفعتهم بتقديم المساعدة للمعلمين القادمين من درعا إلى معظم القرى القريبة منها.

وقرر أهالي قرية النعيمة، التي تبعد أربعة كليومترات من درعا، عدم تقاضي الأجرة التي تبلغ 2000 ليرة سورية، من المعلمين القادمين للتعليم في قريتهم، ومن الطلاب الملتحقين في مدراس درعا المدينة، بحسب المعلم تيسير عبود.

مدرسة القنيطرة في حي طريق السد في درعا- شباط 2023 ( عنب بلدي/ سارة الأحمد)

مدارس شبه فارغة

بالرغم من جميع المساعدات التي يقوم بها الأهالي للحفاظ على العملية التعليمية في درعا وريفها، والإعلان عن لجنة لجمع التبرعات للمعلمين، إلا أن الاستقالات وطلبات الاجازة لا تزال مستمرة.

وفي مطلع أيلول، أصدرت وزارة التربية في حكومة النظام السوري، تعميمًا بإيقاف العمل بالتفويضات الممنوحة لمديري التربية في المحافظات السورية، ومنع قبول الاستقالات تحت أي ظرف.

وطلبت الوزارة من مديريات التربية عدم قبول طلبات الاستقالة أو الإجازات الخاصة بلا أجر أو حتى طلبات النقل تحت أي ظرف كان أو أي أسباب اضطرارية سواء صحية أو دراسية أو اجتماعية أو إنسانية.

وجاء هذا التعميم قبل انطلاق العام الدراسي 2023- 2024، في جميع المدارس العامة والخاصة بجميع أنواعها ومستويات مراحلها من رياض أطفال وتعليم أساسي وإعدادي وثانوي.

قرار عدم قبول الاستقالة سبقه في 15 من حزيران الماضي قرار مشابه من وزارة التربية، بعدم قبول طلبات الاستقالة لجميع الفئات، وعدم رفع طلبات الاستقالة للفئة الأولى إلى الإدارة المركزية إلا وفق شروط محددة.

وتضمنت الشروط، أن يتقدم الموظف بطلب استقالة لمن لديه خدمة 30 سنة فما فوق، أو أن يكون الموظف ممنوحًا إجازة خاصة بلا أجر لمدة سنتين متتاليتين، أو أن يكون العامل لديه وضع صحي معين يمنعه من القيام بمهامه، وذلك بعد إحضار الوثائق اللازمة لذلك وعرضه على مديرية الصحة المدرسية.

وتضمنت شروط تقديم الاستقالة، حالات لم الشمل والالتحاق الزوج بعد إرفاق الوثائق اللازمة.

وبرر مدير “مديرية التنمية الإدارية” في وزارة التربية، سامر الخطيب، تعميم الوزارة بنقص الكوادر، وكثرة طلبات الاستقالة في هذه الفترة، مضيفًا أن الاستقالة حق للعامل وقبولها حق للإدارة، ما اضطر الوزارة لوضع ضوابط للأمر، وهو إجراء مؤقت، ومجرد اكتمال النقص قد يتم تعديل بنوده، وفق قوله.

وأشار الخطيب، في حديث لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، إلى وجود احتياج للموظفين بغالبية الاختصاصات، ومن أبرز الاختصاصات التي تعاني نقص المدرسين مواد العلوم، رياضيات، فيزياء، كيمياء، واللغات الأجنبية.

أحد موجهي الدائرة التعليمية بمديرية التربية بدرعا (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، قال إن المدارس المسؤول عنها بالمحافظة لا يوجد فيها معلمون مختصون وأن أغلبية الاختصاصات غير موجودة، وهناك بعض المدارس لا يوجد فيها سوى مدير وعامل المدرسة.

ويعود ذلك لعدم قدرة المعلم على إكمال عمله براتب لا يتعدى 120 ألف ليرة في ظل غلاء معيشي وارتفاع في الأسعار، رغم جميع ما يبذل لمساعدته من أبناء المنطقة.

واستقر متوسط الراتب الحكومي في سوريا بنهاية 2010 عند حدود 8000 ليرة سورية، أي ما يقارب 170 دولارًا عندما كان سعر صرف الدولار الواحد 47 ليرة سورية، فيما لا يتعدى حاليًا (بعد الزيادة الأخيرة) 18 دولارًا أمريكيًا.


شارك بإعداد المادة مراسلة عنب بلدي في مدينة درعا سارة الأحمد

مقالات متعلقة

تعليم

المزيد من تعليم