طلاب المدارس في سوريا وسط أزمة مواصلات.. الحلول مكلفة ومجهدة
“صعوبة المنهاج أهون لدي من صعوبة التنقل بين بيتي ومدرستي.. كثيرًا ما أقف لساعتين لأجد وسيلة نقل من مدرستي لبيتي”، بطريقة ساخرة تصف سوزان الصياصنة الطالبة في الصف السابع والقاطنة بمنطقة درعا البلد، معاناتها من الانتظار في التنقل لمدرستها الواقعة في حي الكاشف.
تحدثت سوزان عن مشكلتها في انتظار وسيلة نقل، وبالأخص عند عودتها للمنزل، حين يكون جميع الطلاب متجمعين بشكل مزدحم لانتظار آلية نقل للوصول لبيوتهم، إذ تضطر أحيانًا للسير مشيًا على الأقدام لنحو ساعة حتى تقطع الوادي الفاصل بين حي الكاشف الواقع في منطقة درعا المحطة، ودرعا البلد حيث يقع منزلها.
وقالت الطالبة لعنب بلدي إن العديد من زملائها يختارون المسير على الأقدام بسبب قلة المواصلات، أو لغلاء الأجرة التي ارتفعت لنحو 1500 ليرة سورية.
وحول سبب اختيار ارتيادها لمدرسة في حي مختلف عن مكان إقامتها، أجابت سوزان أن غالبية المدارس في درعا البلد “مدمرة”، والمعلمون فيها ليسوا بمهارة معلمي أحياء درعا المحطة في طريقة شرح الدروس.
ومع بداية العام الدراسي في سوريا تبدأ معاناة أهالي طلاب المدارس في إيجاد مدرسة قريبة من المنزل لتسجيل أولادهم، فأزمة النقل المتمثلة بنقص الآليات والازدحام، وغلاء الأجرة المتكرر، يجبر الأهالي والطلاب على إيجاد حلول مكلفة ماديًا أو مجهدة بالنسبة للأطفال للتكيف مع الوضع الراهن.
تبقى معاناة أبناء مدينة درعا أقل من نظرائهم في أرياف المدينة، حيث يتوجه العشرات من الطلاب يوميًا للتعلم في مدارس مدينة درعا، وبالأخص طلاب المرحلة الثانوية أو المراحل الأخرى في المدارس الخاصة.
الطالبة ريم الزعبي، في المرحلة الثانوية من سكان مدينة طفس بريف درعا، كانت تنتظر لساعات قبل الوصول لمدرستها في مدينة درعا، ما استدعى والدها وعددًا من أهالي الطلاب لاستئجار حافلة (سرفيس أو أوتوكار) بشكل خاص لنقل أبنائهم من طفس لمدينة درعا.
وقالت ريم لعنب بلدي، “في بداية العام الدراسي كنت أنتظر لساعات بانتظار وسيلة نقل، وغالبًا ما كنت أصل متأخرة عن الحصة الأولى، أما حاليًا أذهب ونحو 14 طالبًا وطالبة من منازلنا إلى مدارسنا بكلفة نحو ربع مليون ليرة شهريًا تدفع لـ”الأوتوكار” (الحافلة).
ريم أهّلها مجموعها الدراسي المتميز للدراسة في مدارس “المتفوقين”، وهي مدرسة تحوي على أساتذة ذوي خبرة وفيها اهتمام أفضل بالطلاب مقارنة ببقية المدارس، لكنها لا توجد سوى في مدينة درعا ومدينة الصنمين.
وتنتشر ظاهرة “الأوتوكار” في ريف درعا منذ أعوام، لكنها زادت هذه السنة بسبب قلة المواصلات وغلائها، إذ بلغت كلفة النقل من مدينة درعا لقرية الجيزة في ريف درعا نحو 8000 ليرة، وهو ما زاد من تكاليف المعيشة على أهالي الطلاب.
وبالرغم من تسيير باصات نقل داخلية من مدينة درعا لمدن نوى والصنمين وطفس والشجرة وبصرى الشام وازرع ولدرعا البلد، لا يستطيع معظم الطلاب ترتيب ساعات انطلاقها من المدينة مع وقت عودتهم لمنازلهم، فالباص ينطلق من المحطة الساعة 12:30 ظهرًا، بينما يستمر الدوام في الكثير من المدارس حتى الساعة الواحدة أو الواحدة والنصف في بعض الأيام.
دمشق.. رواج الدراجة بين الذكور
تحدثت ناهد لعنب بلدي، وهي والدة طالب في الصف العاشر، حيث تقطن في دمشق ببرزة البلد ومدرسة ابنها في حي الحلبوني.
ولتجنب مشكلة المواصلات، فكرت ناهد قبل بدء العام الدراسي بتسجيل ابنها بالمواصلات الخاصة لنقله لمدرسته، ولكنها “صدمت” هذا العام بالأسعار حيث وصلت أسعار الحافلات أو السيارات الخاصة إلى ما يترواح بين 500 ألف ليرة حتى 800 ألف ليرة شهريًا.
وليس بمقدور ناهد أو زوجها تأمين هذا المبلغ شهريًا، ما دفع ابنها لاستخدام الدراجة للوصول للمدرسة.
ويخشى ابنها استمرار استخدامه للدراجة مع قدوم فصل الشتاء، شأنه شأن العديد من الطلاب الذين يعتمدون في تنقلهم على الدراجات بسبب زحمة المواصلات وانقطاعها في أغلب الأوقات.
ويعاني طلاب المدارس بمدينة دمشق من الازدحام وقلة المواصلات، ما يدفع الكثير من الأهالي لتسجيل أبنائهم ضمن حافلات خاصة لنقل الطلاب للمدارس.
بيان (لم يذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية) طالبة في الصف الثامن، تعيش في حي ركن الدين بدمشق، اشتكت لعنب بلدي من صعوبة التنقل بين ركن الدين وحي الصالحية حيث تقع مدرستها، لتسجل في إحدى شركات النقل المخصصة للطلاب بتكلفة تبلغ نحو 400 ألف ليرة شهريًا.
والتقت عنب بلدي مع عدد من أهالي الطلاب في دمشق الذين سجلوا أبناءهم، وهم في المرحلة الأساسية، بوسائل نقل خاصة، في ظل الازدحام الشديد بالمواصلات العامة، وتجنبًا للمشي على الأقدام، على الرغم من أن المسافة بين منازلهم والمدرسة لا تبعد أكثر من كيلومتر، تحسبًا لقدوم فصل الشتاء.
ورصدت صحيفة “الثورة” الحكومية، في 16 من أيلول، تفاقم أزمة المواصلات مع الدخول بالعام الدراسي وغياب الرقابة عن الطرقات.
وبالرغم من أن محافظة دمشق أصدرت تعميمًا منعت بموجبه أصحاب السرافيس من التعاقد مع المدارس والروضات وحتى الجهات العامة واتخاذ العقوبات بحق المخالفين، فإن الأغلبية لم تلتزم بالقرار، وفق التقرير.
وبررت هذا التوجه بأن تعاقد أصحاب السرافيس مع الطلاب يدر عليهم دخلًا أكثر من الالتزام بخط سيرهم، حتى لو اضطروا لتعبئة المزيد من المحروقات من السوق “السوداء” بسعر مضاعف لليتر الواحد.
وحول سبب تسجيل بعض الأهالي أطفالهم في مدارس بعيدة عن منازلهم، برر الأشخاص الذين قابلتهم الصحيفة بأن أغلبهم موظفين يضطرون لإرسال أبنائهم إلى مدارس بدوام واحد، حتى لو كانت بعيدة، فالمدارس بنظام الدوامين لا تناسبهم، بينما تشهد مدارس أخرى ضغطًا في الشعبة الواحدة لأكثر من 60 طالبًا.
وسألت الصحيفة مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية، حسام نصرالله، حول موضوع مراقبة السرافيس التي تتعاقد مع المدارس، مجيبًا بأنه كان يوجد ممثلون بلجان تخص هذا الموضوع لكن “توقف العمل عن ذلك”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :