سوريا.. موظفون ومتقاعدون لم يستلموا رواتبهم منذ شهرين
لم يستطع عدد من المتقاعدين والموظفين في الدوائر الحكومية بمناطق سيطرة النظام السوري استلام معاشاتهم، منذ ما يقارب الشهرين.
وبحسب ما رصدت عنب بلدي، في عدد من المحافظات السورية منها مدينة دير الزور ودرعا فإن عدم توفر المال لتسليم عدد من الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام أدى إلى انقطاع معاشاتهم الشهرية، ما أجبرهم إلى الوقوع بظروف معيشية صعبة.
سوسن الصياصنة، متقاعدة من مديرية الكهرباء منذ أكثر من 15 عامًا وتقيم في مدينة درعا، تحدثت لعنب بلدي أنها منذ زيادة الرواتب لم تستلم راتبها التقاعدي.
رفض البنك العقاري تسليم سوسن الراتب عبر دفتر الشيكات، رغم محاولاتها العديدة بالاستفسار عن عدم تسليمها مستحقاته، ولم تستطع سوسن للآن تسلم راتبها لعدم توفر المال لديهم بحسب ما أخبرها الموظف اليوم 11 من أيلول.
المهندس المتقاعد غسان بجبوج، قال لعنب بلدي، إنه لا يستطيع استلام راتبه منذ صدور مرسوم الزيادة الذي أعلن عنه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، منتصف شهر آب الماضي.
وأوضح أن راتبه لا يتعدى 100 ألف ليرة سورية، إلا أنه لم يحصل عليه عبر بطاقة الصراف الآلي المخصص له، بينما يعزو موظفو البنك العقاري سبب التسليم إلى العطل في جميع مصارف درعا ودمشق، بحسب ما نقل عنهم المهندس غسان.
موظف يعمل بدائرة النفوس في دير الزور (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، أفاد عنب بلدي أنه لم يستلم راتبه بعد مضي أكثر من شهر على الموعد المحدد.
واشتكى أيضًا من الانتظار بشكل دائم لساعات طويلة وسط الزحام أمام الصرافات الآلية، للحصول على راتبه الشهري إذ ينتهي في أغلب الأوقات بظهور الصراف الآلي معطل وخارج الخدمة.
وصرح مدير الدفع الإلكتروني في المصرف العقاري، سامر سليمان، لصحيفة “الوطن” المحلية في نهاية آب الماضي، عن وجود نقص كبير في عدد العاملين بفريق تعبئة الصرافات الآلية، إذ يحتاجون إلى فريق مكون من 40 عاملًا للعمل في الفترتين الصباحية والمسائية بينما المتوفر فقط 7 موظفين يعملون على إيداع المال في 110 صرافة.
وأرجع المدير المشكلة إلى عدد من الأسباب منها انقطاع الكهرباء وأعمال الصيانة الخاصة بالصرافات الآلية وغيرها من المشكلات الأخرى.
زيادة الرواتب
أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 15 من آب الماضي، مرسومًا نص على زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة بنسبة 100%، ورافقت هذه الزيادة رفع وزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام أسعار المحروقات.
وبلغ الحد الأدنى للرواتب في مناطق سيطرة النظام نحو 186 ألف ليرة سورية، ما يقابل تقريبًا 13.3 دولار أمريكي فقط.
تأتي هذه الإجراءات في ظل سخط شعبي في مناطق سيطرة النظام، جراء تردي الأحوال المعيشية أمام انخفاض الأجور المدفوعة وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، لتتخطى 13650 ليرة سورية شراءً و13850 ليرة مبيعًا، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات النقدية.
ما البديل؟
يجبر الموظف بدائرة النفوس في مدينة دير الزور على الاستدانة والاعتماد على الحوالات المقبلة من خارج سوريا من الأهل والأصدقاء لقضاء ما تبقى من الشهر، بحسب ما قال لعنب بلدي.
بينما قالت سوسن الصياصنة إنها تتدبر أوضاعها المعيشية بالاعتماد على راتب ابنها الوحيد الذي تقيم معه في ذات المنزل.
وبالنسبة إلى غسان بجبوج، يتدبر وضعه المعيشي من خلال ما يرسله أبناؤه من أموال عبر حوالات بنكية من خارج سوريا.
وأفاد موظف في البنك العقاري بدرعا (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، عنب بلدي، أن حجم الأموال الواردة “قليلة جدًا”، ولا يمكنها أن تكفي للمتقاعدين والموظفين سويًا.
وتحاول إدارة البنك إخفاء ما يحدث بالترويج ضمن الكادر الإداري والوظيفي على أن برنامج التسليم الإلكتروني بالعاصمة دمشق معطل منذ نحو شهرين وتم تحديثه دون تلافي المشكلة، ويتم العمل مرة أخرى على تحديث لإيصال المبالغ إلكترونيًا للمصارف العقارية.
ونشرت صحيفة “تشرين” الحكومية، في 5 من أيلول، خبرًا أشارت عبره إلى أن المتقاعدين لم يستلموا رواتبهم منذ شهرين، على الرغم من استكمالهم كل الأوراق الثبوتية.
ناشد المتقاعدون الإدارة العامة للتأمين والمعاشات في دمشق، بضرورة معالجة المشكلة التي أثرت على عملية استلامهم الرواتب وذلك لكونها مصدرهم المعيشي الوحيد، بحسب ما نقلت الصحيفة.
المتقاعد هو كل موظف مدني أو عسكري انتهت مدة خدمته في قطاعات الدولة، وخُصص له معاش تقاعدي عن الفترة التي قضاها، ويجب أن يكون قبل التقاعد موظفًا تربطه بالدولة علاقة “لائحية” لها صفة الدوام، ومدة خدمة فعلية مدرجة في الميزانية العامة للدولة.
وفي سوريا، يمكن للموظف إنهاء خدمته بحالتين، إما إتمام سن الـ60 ووصول الخدمة المحسوبة في المعاش إلى 15 عامًا، وإما عبر نظام التقاعد المبكر، الذي يمكّن العامل أن يطلب الإحالة على التقاعد بعد بلوغ سنوات توظيفه 25 سنة، دون التقيد بشرط السن.
ولا تتناسب رواتب موظفي الدولة المتقاعدين منهم والقائمين على رأس عملهم مع متطلبات الحياة الضرورية، ما يدفعهم إلى العمل بمهنة أخرى ليتمكنوا من التأقلم مع ارتفاع الأسعار.
استقالات
في 19 من كانون الأول 2022، أظهرت إحصائية نشرتها صحيفة “تشرين” الحكومية، نسبتها لـ”غرفة صناعة دمشق وريفها”، أن عدد العاملين الذين تركوا أعمالهم بالقطاع الخاص في سوريا منذ عام 2011 بلغ نحو 900 ألف عامل، منهم 200 ألف نتيجة الحرب، بينما البقية نتيجة السفر بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة.
واستقال نحو ثلث العاملين في القطاع العام، بالفترة ذاتها، وهو ما يقدّر بأكثر من 30 ألف عامل من أصل حوالي 87 ألف عامل في القطاع العام بمختلف مؤسساته.
أثارت الإحصائية جدلًا واسعًا حينها بسبب ارتفاع نسبة الاستقالات في القطاعين العام والخاص على حد سواء، ما أدى إلى حذف صحيفة “تشرين” للإحصائية من موقعها الرسمي ومعرفاتها الرسمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد أيام من نشرها، كما تنصلت منها “غرفة الصناعة” لاحقًا، ونفت “صحتها”.
وفي 1 من أيار الماضي، أصدر مكتب الأمم المتحدة لشؤون المساعدات الإنسانية (أوتشا) تقريرًا فصّل فيه الأزمة الإنسانية في سوريا لعام 2023.
وبلغ عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية 15.3 مليون شخص، بزيادة نسبتها 5% على عام 2022، وفق التقرير.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :