“الجامعة العربية” تعفي سوريا من مخصصات ميزانيتها العامة
قرر وزراء الخارجية العرب إسقاط التزامات سوريا والتي تمثل مساهماتها في موازنات جامعة الدول العربية والأجهزة الملحقة وجميع المنظمات والمجالس الوزارية المتخصصة خلال فترة تعليق مشاركتها فيها (2012 – 2022).
ونقلت وكالة أنباء “الشرق الأوسط” المصرية عن مصدر دبلوماسي، لم تسمّه، اليوم الأحد 10 من أيلول، أن إعفاء سوريا جاء في قرار لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية خلال أعمال دورته العادية الـ160 والتي عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة برئاسة المغرب الأربعاء الماضي.
وجاء قرار إعفاء سوريا في وقت تعاني فيه الجامعة العربية من أزمة مالية، إذ طالب أمينها العام أحمد أبو الغيط الدول الأعضاء بضرورة سرعة سداد حصصها، “حتى لا تتفاقم الأمور”، بحسب تعبيره.
تقدر موازنة الجامعة العربية لعام 2019 بنحو 60 مليون دولار، بانخفاض نحو أربعة ملايين دولار عن موازنة عام 2017، إضافة إلى 40 مليون دولار للمنظمات العربية المتخصصة، حسب الأمين العام للجامعة العربية.
وقال أبو الغيط، الذي شغل منصب وزير الخارجية المصري سابقًا، في حديث مع قناة “صدى البلد” المصرية، إن عددًا من الدول العربية لم تسدد المستحقات المترتبة عليها منذ سنوات.
أزمة في الميزانية
مستشار الأمين العام للجامعة العربية سابقًا جمال بيومي، قال في حديث لصحيفة “إندبندت عربية” إن الميزانية كانت دائمًا مشكلة منذ بداية تأسيس الجامعة العربية.
ومع بداية تشكيلها عام 1945 تكفّلت مصر ببناء المقر بالقاهرة، ثم شُكّل نظام للتمويل “غير عادل”، إذ كانت القاهرة وحدها تدفع 25% من الميزانية، والنسبة المتبقية تلتزم بها الدول العربية مجتمعة، بحسب بيومي.
وأشار بيومي إلى أن هناك دولًا “لا تسدد مساهماتها لسنوات”، على سبيل المثال الصومال لا يدفع، والعراق ظل سنوات لا يدفع أيضًا لأنه كان في حالة حرب، وغيرهما من الدول لم يسدد الحصص المقررة في مواعيدها.
التأخير في السداد بحسب بيومي أجبر الأمين العام الأسبق عمرو موسى إلى التهديد بالاستقالة في أوائل الألفينيات فحلّت الأزمة من خلال دفع المتأخرات وتسديد مساهمات سنة كاحتياطي نقدي، فظلت الجامعة سنوات تتمتع باستقرار مالي.
وشهدت المنظمة خلال السنوات الأخيرة أزمة مالية هي الأسوأ منذ نشأتها، نتيجة عدم تسديد الدول حصصها، إذ تشير تقارير الموقف المالي للجامعة التي قالت “إندبندنت عربية” إنها اطلعت عليها، إلى أنّ نصف الدول الأعضاء لا يقوم بسداد ميزانيته منذ سنوات.
ويبلغ إجمالي القيمة المُحصلة سنويًا نحو النصف فقط في أفضل الأحوال، كما أنّ الدول الملتزمة تتأخر في السداد عدة أشهر، واضطرت الأمانة العامة للجامعة إلى اللجوء للاحتياطي النقدي لسداد رواتب الدبلوماسيين وغيرها من النفقات، وفي صيف 2017 لم يكن لدى الجامعة ما يكفي لسداد الرواتب.
ابتزاز لسداد الميزانية
تستخدم بعض الدول العربية مسألة سداد حصتها لأغراض إدارية وسياسية تتعلق بالجامعة العربية، مثل تعيين سفراء من مواطنيها في مناصب بالجامعة، أو احتجاجًا على موقف أو خلاف معين، أو للضغط من أجل إلزام دول أخرى بالسداد، أو لإجبار الأمانة العامة على ترشيد النفقات، بحسب “إندبندنت عربية“.
ومن أبرز الأمثلة على هذا النوع من السداد كان تأخر ليبيا في عهد رئيسها السابق معمر القذافي عن سداد التزاماتها للجامعة العربية عام 2009، حتى بلغت حوالي 25 مليون دولار أمريكي قيمة مديونيات عن أربع سنوات، بسبب تحفظها على عدم منحها وظائف في الهيكل الإداري للجامعة، وتعبيراً عن رفضها لبعض السياسات الخاصة بعلاقات الجامعة العربية مع الاتحاد الأوروبي.
ولا تتوفر معلومات رسمية متاحة للإعلام حول حصص الدول في ميزانية الجامعة العربية، ولكن يعتقد أن دولتي الكويت والسعودية تتحملان الحصة الأكبر.
سوريا والجامعة العربية
في 7 من أيار الماضي، أصدر وزراء خارجية جامعة الدول العربية، عقب اجتماع استثنائي في القاهرة، قرارًا يحمل الرقم “8914“، يقضي بعودة النظام السوري إلى الجامعة، بعد 12 عامًا على تجميد عضويته.
وتضمن القرار استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتبارًا من اليوم.
وقرر الوزراء، تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية، لمتابعة تنفيذ بيان عمان، والاستمرار في الحوار المباشر مع النظام السوري للتوصل لحل شامل للأزمة السورية، يعالج جميع تبعاتها وفق منهجية الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار الأمم المتحدة حول سوريا “2254”.
وتلتزم اللجنة بتقديم تقارير دورية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.
جاء القرار بناء على مذكرة المندوبية الدائمة لمصر رقم “1335” بتاريخ 3 من أيار، وعلى مذكرة “الأمانة العامة لجامعة الدول العربية” رقم “5/484” بالتاريخ نفسه.
عودة سوريا جاء بعد تعليق مشاركة وفد النظام السوري في اجتماعات الجامعة العربية والمنظمات والمؤسسات التابعة لها، في 12 من تشرين الثاني 2011، بقرار من وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماع طارئ في القاهرة، مع اتخاذ إجراءات أخرى، كفرض عقوبات سياسية واقتصادية.
وطالب القرار الدول العربية حينها بسحب سفرائها من دمشق، مع اعتبار القرار “سياديًا لكل دولة”، في إشارة إلى عدم إلزامية هذه الخطوة، ويما يتيح إمكانية التراجع عن أي خطوة من هذا النوع بمعزل عن “الجامعة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :