مشروع يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط برعاية أمريكية

  • 2023/09/10
  • 1:04 م
الرئيس الأمريكي جو بايدن (يسار) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (وسط) وولي العهد السعودي محمد ابن سلمان (يسار) يتحدثون خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي- 9 من أيلول 2023 (AP/ Evelyn Hockstein)

الرئيس الأمريكي جو بايدن (يسار) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (وسط) وولي العهد السعودي محمد ابن سلمان (يسار) يتحدثون خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي- 9 من أيلول 2023 (AP/ Evelyn Hockstein)

أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن خطط لبناء ممر للسكك الحديدية والشحن يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، يهدف لتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون السياسي لدى الأطراف.

ومن شأن الممر، الذي جرى تحديده في القمة السنوية لمجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات في العالم، السبت 9 من أيلول، أن يساعد في تعزيز التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي.

مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، جيك سوليفان، قال إن الخط سيشمل الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.

وأضاف سوليفان أن الشبكة تعكس رؤية بايدن “لاستثمارات بعيدة المدى” تأتي من “القيادة الأمريكية الفعالة” والرغبة في احتضان الدول الأخرى كشركاء، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

ويرى مستشار الرئيس الأمريكي أن البنية التحتية المحسنة ستعزز النمو الاقتصادي وتساعد على جمع دول الشرق الأوسط معًا، وترسيخ تلك المنطقة كمركز للنشاط الاقتصادي، بدلًا من أن تكون “مصدرًا للتحدي أو الصراع أو الأزمة” كما كانت في التاريخ الحديث.

ولم يقدم البيت الأبيض أي تفاصيل عن تكلفة المشروع أو تمويله، بينما ذكر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، رقم 20 مليار دولار تكلفة للمشروع، ولم يكن من الواضح ما إذا كان هذا المبلغ ينطبق فقط حول الالتزام السعودي.

ما تفاصيل المشروع؟

قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إن الممر المخطط له يربط الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، من خلال موانئ الشحن وطرق السكك الحديدية، في محاولة لجعل التجارة أسرع وأرخص وتعزيز التعاون الاقتصادي عبر المنطقة.

ويمكن للمشروع، المسمى “الشراكة من أجل الاستثمار العالمي في البنية التحتية”، أن يسرع التجارة بين الهند وأوروبا بنسبة 40% ويساعد في تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، وهو ما كانت إدارة بايدن تسعى لتحقيقه.

ومن شأن المبادرة أن توفر ثقلًا موازنًا لممر البنية التحتية الضخم في الصين، المعروف باسم “الحزام والطريق”، الذي يمتد حاليًا عبر آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، معطيًا الصين نفوذًا كبيرًا في البلدان التي تعاني من “اقتصادات متعثرة”، بحسب “الجارديان”.

ومن المتوقع أن يكشف عن تفاصيل الصفقة في وقت لاحق اليوم، لكن موقع “أكسيوس” الصحفي ذكر أن المشروع يهدف إلى ربط الدول العربية بشبكة للسكك الحديدية يمكن أن تمتد إلى إسرائيل في حال تطبيع العلاقات، ثم إلى أوروبا عبر الموانئ البحرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى روابط بحرية مع الهند.

وطرحت فكرة المبادرة لأول مرة بحسب “أكسيوس” خلال محادثات جرت على مدار 18 شهرًا الماضية، في منتدى أطلق عليه اسم “I2U2″، ضم الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والهند، بحسب مصدرين (لم يسمّهما الموقع).

ونقل الموقع الصحفي عن مسؤول إسرائيلي كبير سابق شارك بشكل مباشر في المناقشات المبكرة حول هذه القضية (لم يسمّه) قوله، “لم يقل أحد ذلك بصوت عالٍ، لكن الأمر كان يتعلق بالصين منذ اليوم الأول”.

الباحث في المعهد النمساوي للدراسات الأوروبية، البروفيسور مايكل تانشوم، كان قد نشر عبر موقع “إكس” (تويتر سابقًا) خريطة توضيحية لشكل خطة المشروع، والدول التي يمر عبرها الطريق.

خريطة توضيحية لخطة المشروع الذي يصل الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط (البروفيسور مايكل تانشوم/ X)

في مواجهة “الحزام والطريق”؟

ينظر إلى الخط المعلن عنه على أنه يأتي في إطار المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، إذ تحاول بكين استكمال مشروع لربط الشرق بالغرب تحت مسمى “الحزام والطريق”.

“حزام واحد، طريق واحد” أو “مبادرة الحزام والطريق” تسميتان أطلقتا على مبادرة صينية قامت على أنقاض ما يعرف تاريخيًا باسم “طريق الحرير” في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في التاريخ.

وفي عام 2017، دمجت المبادرة في الدستور الصيني، إذ تصف الحكومة الصينية المبادرة بأنها “محاولة لتعزيز الاتصال الإقليمي واحتضان مستقبل أكثر إشراقًا”.

وبحسب دراسة أعدها مركز “chatham house” للأبحاث، فإن المبادرة الصينية تعتبر خطة “طموحة” لتطوير طريقين تجاريين جديدين يربطان الصين ببقية العالم، لكنها فعليًا لا تقتصر على البنية التحتية وحسب، إنما محاولة لتطوير سوق صينية موسعة ومترابطة، وتنمية اقتصادية وسياسية، وخلق ظروف مناسبة لبناء اقتصاد تكنولوجي.

ويرى الباحثان يو جي، وجون والاس (معدا الدراسة) أن ثلاثة دوافع رئيسية تقف خلف “الحزام والطريق” أولها وأبرزها، التنافس بين الصين والولايات المتحدة، إذ تمر الغالبية العظمى من التجارة الدولية الصينية عن طريق البحر عبر مضيق ملقا قبالة سواحل سنغافورة، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة.

والسبب الرئيسي الثاني يكمن في “إرث الأزمة المالية لعام 2008″، إذ استجابت الحكومة الصينية لحالة الطوارئ بحزمة تحفيز بقيمة أربعة تريليونات يوان، وأصدرت عقودًا لبناء السكك الحديدية والجسور والمطارات، ولكنها أشبعت السوق الصينية في هذه العملية.

ويوفر إطار “الحزام والطريق” سوقًا بديلة للشركات الصينية الضخمة المملوكة للدولة خارج حدود الصين، بحسب الدراسة.

ويكمن السبب الأخير، بأن المبادرة ينظر لها على أنها عنصر حاسم في جهود الحكومة الصينية لتحفيز اقتصادات المقاطعات الوسطى في البلاد، والتي تخلفت تاريخيًا عن المناطق الساحلية الأكثر ثراء.

وتستخدم الحكومة مبادرة الحزام والطريق لتشجيع ودعم الشركات في هذه المناطق المركزية، وتخصيص الميزانية بسخاء، وتشجيع الشركات على التنافس على عقود “الحزام والطريق”.

طريق الحرير (عنب بلدي)

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي