عروة قنواتي
أغلق الميركاتو الصيفي أبوابه قبل أيام وانتهت التعاقدات، وكما هو متوقع فإن بعض الصفقات المهمة لم تُحسم في الساعات الأخيرة، وخصوصًا لأبرز الأسماء في عالم كرة القدم من نجوم المرحلة، محمد صلاح وكيليان مبابي، فلا الأول ارتدى قميص الاتحاد السعودي ولا الثاني غادر حديقة الأمراء بعد أن وصلت الأرقام والمفاوضات إلى حد كبير ومهم جدًا، والمغريات كانت ضخمة.
مع أن كل الأخبار التي جاءت من “فرانك دي برانس” ذكرت أن حربًا شعواء دارت بين كيليان مبابي وبين إدارة نادي باريس سان جيرمان في المفاوضات، وأن اللاعب كان يرغب أن يلعب لعام واحد فقط من دون تجديد لعقده، فيما كانت إدارة نادي ريال مدريد ترغب بضمه هذا الموسم مهما كلف الثمن كما كانت المحاولات في الموسم الماضي، لكن بعد أن جلس كيليان مبابي على دكة البدلاء في المباريات الاستعدادية واستُبعد من أحد المعسكرات، عاد ليرتدي القميص الأزرق لهذا الموسم، ولربما يمشي بعقد جديد في فرنسا بعيدًا عن النادي الملكي.
أما في حالة النجم المصري محمد صلاح، فلم تكن هناك ضغوط من قبل اللاعب على إدارته رغم أن رقم التعاقد وصل إلى 250 مليون يورو. الحرب التفاوضية بلغت ذروتها عندما كانت عروض الاتحاد السعودي تأتي تباعًا و”يسيل لها اللعاب”، بينما إدارة نادي ليفربول كانت متمسكة بالشعار الواضح: صلاح ليس للبيع.
في الحقيقة، أضاع النجم محمد صلاح فرصة مالية ذهبية قد لا تعود بنفس الجودة في الأعوام المقبلة، إلا أنه كان يحترم احترافه وعلاقته مع النادي الإنجليزي، ورغبته بتحقيق المكاسب في البطولات والأرقام والرقي، وحتى الاستفادة الاقتصادية له وللنادي واضحة تمامًا، أي أنه يعتبر نفسه شريكًا مع النادي بكل شيء، احترم رغبة النادي السعودي وعروضه ومحبة جماهيره، وبنفس الوقت جعل الكلمة الفصل لنادي ليفربول ولمخطط الفريق في هذا الموسم، على الرغم من عدم مشاركة الفريق في دوري أبطال أوروبا هذا العام.
يرغب نادي ليفربول الموسم الحالي باعتلاء منصة البريميرليج بطلًا باللقب رقم 20 في مسيرته، وبذلك يعادل مانشستر يونايتد في زعامة إنجلترا، بعد ميركاتو مثير استطاع فيه نادي ليفربول تغيير خط الوسط بالكامل، وجلب لاعبين جدد قادرين على صناعة الفارق، كما شاهدنا في الجولات الأربع الأولى من الموسم الجديد.
هذه الطموحات أيضًا تسكن روح صلاح وتجربته الاحترافية المميزة، التي ظُلمت كما بعض النجوم في سنوات ومواسم كان فيها الأساطير سادة الموقف والجوائز والتكريم العالمي، إلا في حالات نادرة، وهنا أقصد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، اللذين انتهت مسيرة المنافسة والصراع الرياضي الكروي بينهما، كما صرح الدون البرتغالي قبل أيام، بخروجهما من القارة الأوروبية وأنديتها الكبرى.
صلاح برأيي اتخذ القرار الصائب لمسيرته وجودة عطائه ومخططه الاحترافي، وهذا لا يعيب نادي اتحاد جدة الذي يضم حاليًا عديدًا من النجوم، على رأسهم كريم بنزيما كما كثير من الأندية السعودية. من حق نادي الاتحاد أن يتعاقد مع صلاح ومع ليونيل ميسي ومع هالاند بالتأكيد، ولكن رغبة صلاح ونادي ليفربول أيضًا تُحترم، والمنافسة في سوق التعاقدات تقبل كل الاحتمالات.
بالتوفيق للنجم العربي محمد صلاح هذا الموسم بعد مفاوضات صيفية قدمته للعالم بما يليق بسمعته وأدائه وأخلاقه، وحالته الاحترافية الفريدة بين اللاعبين والأجيال العربية.