خلف الذات المزيفة.. متى يرى طفلنا الداخلي النور
“الطفل الداخلي المختبئ فينا هو ذلك الجزء الحي، النشيط، الخلاق، الراضي، إنه الذات الأصلية في كل إنسان، إنه حقيقتنا”.
هكذا عرف الكاتب تشارلز إل ويتفيلد الذات الحقيقية لكل إنسان في كتابه “أنقذوا الطفل في داخلكم”.
يندرج الكتاب في باب الصحة النفسية، وصدر للمرة الأولى عام 1987، ويتحدث خلال 16 فصلًا حول ذواتنا الحقيقية تحت مسمى “طفلنا الداخلي”.
بدأ ويتفيلد فصول كتابه الذي ترجمته دار “الفراشة للتوزيع والنشر” عام 2017، للمترجمة زينة الأتات، بـ”اكتشاف الطفل المختبئ فينا”، ويرى أننا ننكر ذواتنا الحقيقية بسبب المجتمع والأهل الذين لا يدركون في الغالب أنهم يجعلوننا نفعل ذلك.
وحين لا نسمح لذاتنا الأصلية بحرية التعبير تظهر ذات أخرى مزيفة متماهية مع مشكلات الآخرين، وفق الكتاب، وهو ما يدفع الإنسان ليعيش دور الضحية، ويجعله يواجه صعوبة في حل صدماته العاطفية.
يرى الكاتب الأمريكي أن الذوات المزيفة هي قناع يخفي خلفه جملة من الانطوائية والخوف، وأنها ذات منسلخة عن ذاتنا الحقيقية، يتحكم بها المجتمع بعاداته وقوانينه الاجتماعية، فالذات غير الحقيقية تحتكم بشكل غير مقصود لمعايير المجتمع الذي تعيش فيه، وتركز على رغبات الآخرين وتراعي متطلباتهم أكثر مما ينبغي، كما أنها تعطي حبها بشكل مشروط.
طرح ويتفيلد تسلسلًا هرميًا للحاجات الإنسانية يتكون من 20 حاجة، أولاها البقاء والأمان، واختتم التسلسل بحاجة الحب غير المشروط.
يناقش الكتاب في فصله الرابع أهمية حاجة اللمس للشعور بالاهتمام والرعاية، مشيرًا إلى أهمية الرعاية العاطفية التي يحتاج إليها الطفل من الأب والأم، مركزًا على وجوب تلبية الراعي للطفل حاجة اللمس وحاجة الشعور بالأمان والاطمئنان، إضافة إلى بيان أهمية حاجات إنسانية أخرى، مثل الإخلاص والثقة والإنجاز والدعم والحرية.
“إن الراعي الذي يعاني نقصًا في تلبية حاجاته الإنسانية الأساسية نادرًا ما يكون قادرًا على تأمينها أو مساعدة الغير في الحصول عليها”.
التماهي مع الآخر
من أهم المصطلحات التي أبرزها الكاتب هو معنى التماهي، الأمر الناتج من قمع ذاتنا الحقيقية والتنكر لها، إذ إنه حالة من فقدان الشخصية الفردية نتيجة التركيز على حاجات الآخرين مع إهمال الذات.
والتماهي سلوك عاطفي يطوره الإنسان كرد فعل لمواجهة ظروف معينة، يأخذ أشكالًا عديدة كإلغاء الحوافز الداخلية، وإهمال احتياجاتنا والشعور بفقدان السيطرة على الأمور.
التماهي، الاتكالية، نظرة عدم الاستحقاق، من أهم المشكلات التي بحث الكتاب حلولها، فقد طرح تأثيرها السلبي على التعامل مع المحيط الخارجي، وما تسببه من صعوبة في تكوين علاقات صحية.
يمر طفلنا الداخلي برحلة طويلة ليحقق وجوده في الواقع، ومع كم المعوقات التي تواجهه من مشكلات وصدمات نحتاج إلى كثير من الجهد والمحاولات.
غالب الأحيان تسيطر الذوات المزيفة علينا، وتنكر باستمرار المشكلات التي نعانيها، بينما تحاول الذات الحقيقية البحث عن حلول جذرية، والسعي نحو الشفاء دائمًا.
تشارلز إل ويتفيلد، هو طبيب أمريكي يعمل في مساعدة الناجين من صدمات الطفولة في التعافي وبحالات الإدمان، معتمد من الأمريكية لطب الإدمان، وهو عضو مؤسس في الرابطة الوطنية للأطفال المدمنين على الكحول، وعضو في الجمعية المهنية الأمريكية المعنية بإساءة معاملة الأطفال.
تعتبر مؤلفاته من أكثر الكتب مبيعًا، وهو معروف بكتاباته حول صدمة الطفولة العامة، والاعتداء الجنسي على الأطفال، والتعافي من الإدمان.
كتب أيضًا “الذاكرة والإساءة: تذكر ومعالجة آثار الصدمة”، و”حقيقة المرض العقلي”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :