الحسكة – مجد السالم
يعاني محصول القطن في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا ضغطًا شديدًا، سببه العجز عن تأمين كميات المياه اللازمة للري مع شح المحروقات، وارتفاع أسعار السماد.
ويشتكي مزارعو القطن قلة الدعم المقدم لهم، ما يهدد مستوى إنتاج محاصيلهم هذا الموسم.
أشرف الرشيد (45 عامًا) من ريف عامودا، قال لعنب بلدي، إن محصوله يكاد يهلك من العطش وارتفاع الحرارة، مؤكدًا عجزه عن تأمين مياه الري جراء قلة المحروقات وغلاء أسعارها.
وأضاف أشرف أن محصول القطن يحتاج إلى السقاية 14 مرة على مدى دورة المحصول، بينما لا تكفي كمية المحروقات “المدعومة” التي حصل عليها مزارعو المحصول في المنطقة سوى خمس مرات سقاية فقط، موضحًا أنه خلال شهري تموز وآب، يجب ري المحصول مرة على الأقل كل 5- 7 أيام، الأمر الذي لم يعد ممكنًا في ظل الظروف الحالية.
نقص المحروقات “المدعومة” الموزعة من قبل “الإدارة الذاتية” يدفع المزارعين لشراء المازوت من السوق السوداء بسعر نحو 3000 ليرة سورية لليتر الواحد، في حين يفترض أن تؤمّنه “الإدارة” بسعر 525 ليرة لكل ليتر، وهي لم تقدم حتى الآن إلا خمس دفعات من المحروقات، إضافة إلى ارتفاع أسعار السماد لنحو 700 دولار للطن الواحد، ما يزيد من تكاليف الزراعة على الفلاحين.
الحشرات مشكلة أيضًا
قال علي الصفوك، وهو مزارع من منطقة تل حميس بريف القامشلي الجنوبي يملك خمسة هكتارات مزروعة بالقطن، إن محصوله مصاب بديدان اللوز الشوكية والأمريكية والقرنفلية والخضراء، على الرغم من رش المحصول بالمبيدات، وإلى جانب ذلك يعاني محصوله العطش جراء الارتفاع الشديد في درجات الحرارة الذي تشهده المنطقة، إذ لم يستطع سقايته سوى سبع مرات حتى الآن.
نتيجة هذه الظروف، قد يتكبد علي خسائر بآلاف الدولارات، وفق تقديره، مشيرًا إلى الحاجة الشديدة لتزويد مزارعي القمح بالمحروقات في الوقت المناسب، ومنح المبيدات بأسعار مناسبة أو بالدَّين إلى حين جني وبيع المحصول.
مديرية الزراعة والري التابعة لـ”الإدارة الذاتية” قالت عبر حسابها في “فيس بوك”، في 23 آب الماضي، إن مقدار الإصابة بديدان اللوز في حقول منطقة تل حميس بلغ 80%، وإنها أعطت الإرشادات اللازمة في بعض الحقول التي كانت نسبة إصابتها أقل، دون ذكر تفاصيل إضافية حول سبب الإصابة أو التطرق لاحتياجات المزارعين.
بدورها، مديرية الزراعة التابعة لحكومة النظام في الحسكة، قالت إن واقع نمو محصول القطن في عموم مناطق الاستقرار الزراعي جيد، ولا يعاني إصابات حشرية إلا في نطاق ضيق ومتفرق، وفق تصريح رئيس دائرة الإنتاج النباتي في المديرية، جلال بلال، معتبرًا أنه إن وجدت إصابات بدودة اللوز فإنها تبقى فردية ومتفرقة ودون العتبة الاقتصادية، ما يبشر بإنتاج “جيد” للموسم الحالي.
ووفق المديرية، تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القطن في محافظة الحسكة للموسم الحالي 6135 هكتارًا.
وبيّن مدير مكتب القطن في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، أحمد العلي، أن المساحة المزروعة بالقطن في سوريا لموسم هذا العام بلغت في أيار الماضي 16271 هكتارًا.
وذكر العلي في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن المساحة المزروعة في “المناطق غير الآمنة” بلغت 11035 هكتارًا موزعة بين محافظتي الرقة والحسكة.
تظهر بيانات قسم تقييم الإنتاج الدولي في وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض الإنتاج الكلي في سوريا إلى 28 ألف طن، بعدما كان يقارب 365 ألف طن، في ذروة إنتاج سوريا عام 2000.
مرحلة حرجة
المهندس الزراعي المقيم في مدينة الحسكة إسماعيل إسكان، قال لعنب بلدي، إن حالة موسم القطن الحالي تتراوح بين الضعيفة والمتوسطة، بسبب عدم توفر المحروقات، ما يجبر الفلاح على شرائها بأسعار مرتفعة، وكذلك غلاء الأسمدة والمبيدات التي تباع بالدولار في ظل تدهور قيمة الليرة السورية، والإصابات بمختلف الآفات الحشرية.
وأوضح إسكان الذي يمتلك صيدلية زراعية في المدينة، أنه يجب على المزارعين للتخلص من آفة الديدان رش المبيدات المحددة، إذ يجب خلط مبيدين هما “دلتا ميثرين” و”بروكلم” ورشها عدة مرات، مشيرًا إلى ضرورة أن يصل عدد “ريات” الموسم إلى 11- 13 مرة على الأقل.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي من خلال عدة مزارعين في المنطقة، فإن موسم القطن حاليًا في مرحلة “تشكل الجوزات” وهي مرحلة حرجة، فعند العطش تتفتح “جوزات” القطن قبل أوانها وتذبل، ما يسبب خسائر فادحة للمزارعين، وسط مطالبات برفع أسعار القطن عن العام الماضي حتى دولار أمريكي على الأقل، كي يستطيع الفلاح تعويض الخسائر وتسديد الديون وتحقيق هامش ربح.
وكانت “الإدارة الذاتية” حددت أسعار شراء القطن من الفلاحين العام الماضي بـ4300 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، ولكن تدهور قيمة الليرة منذ قرار تحديد السعر عرّض المزارعين لخسائر كبيرة.