محللون يصفون التصعيد بطوق نجاة.. الملاجة ترهق النظام في إدلب

  • 2023/09/08
  • 3:31 م
تفجير نفق تحت نقطة عسكرية لقوات النظام في تلة الملاجة جنوبي إدلب من قبل فصيل “أنصار التوحيد”- 1 من أيلول 2023 (أنصار التوحيد)

تفجير نفق تحت نقطة عسكرية لقوات النظام في تلة الملاجة جنوبي إدلب من قبل فصيل “أنصار التوحيد”- 1 من أيلول 2023 (أنصار التوحيد)

يستمر تصعيد قوات النظام وروسيا عسكريًا على الجبهات الجنوبية لإدلب، خاصة جبل الزاوية، الذي يعتبر الخط الفاصل بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا.

وتستميت قوات النظام منذ أيام من أجل السيطرة على تلة الملاجة الواقعة جنوب قرية الفطيرة في جبل الزاوية، بعد أن خسرتها لصالح فصائل المعارضة، عقب تفجير نفق تحت تجمع لقوات النظام، أدى لمقتل عدد من العناصر، وتبعه تقدم وسيطرة على التلة التي تشرف على مناطق واسعة بجبل الزاوية.

محللون عسكريون أجمعوا خلال حديثهم لعنب بلدي على أن سبب التصعيد العسكري، يدخل ضمن سياق سعي النظام للخروج من أزماته الداخلية عبر الحلول العسكرية، وإسكات حاضنته الشعبية عن مطالبها، والتي باتت تهدد وجود النظام ورأسه بشار الأسد.

الجبهة مشتعلة

بداية التصعيد كانت في 26 من آب الماضي، بعد أن فجّر فصيل “أنصار التوحيد” العامل في إدلب نفقًا في الملاجة، مستهدفًا نقطة تمركز لقوات النظام.

ومنذ التفجير يشهد محور الملاجة اشتباكات مستمرة، ويحاول النظام التقدم لاستعادة النقطة التي خسرها، في حين يواصل “أنصار التوحيد” صد التقدم على المحور بصواريخ “البركان“، وفق بيانات الفصيل والمراصد العسكرية.

وينضوي فصيل “أنصار التوحيد” في غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تدير العمليات العسكرية في إدلب، إلى جانب فصائل عدة على رأسها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا).

وبلغت حصيلة الهجمات خلال الأيام الثلاثة الأولى من أيلول الحالي 60 هجومًا، استجابت لها فرق “الدفاع المدني السوري” وأدت إلى مقتل ثمانية مدنيين وإصابة 23 مدنيًا جروح بعضهم خطرة.

وذكر “الدفاع المدني” أن هذا التصعيد خلق حالة رعب وخوف لدى المدنيين، وأدى إلى موجات نزوح جديدة هربًا من الموت، وهو ما ينذر بكارثة جديدة تفاقم مأساة السوريين.

الملاجة استراتيجية

بحكم أهمية جبل الزاوية الجغرافية الذي يصفه محللون عسكريون بأنه “صمام الأمان” لشمال غربي سوريا، وبحسب مصدر عسكري من جبهة الملاجة، فإن النظام يستميت بالسيطرة على التلة، لأهميتها الاستراتيجية، فهي ترصد المنطقة المحيطة، وخصوصًا قرية حزارين، المشرفة على مدينة كفرنبل.

وقال المصدر في حديثه لعنب بلدي، إن المعركة في الملاجة أصبحت كسر عظم، ونجاح المقاتلين في الصمود في المنطقة، سيؤدي لمكاسب عسكرية مستقبلية، “فهدفنا من المعركة استنزاف العدو”، وطبيعة المنطقة وعرة وتشرف على مساحات واسعة من مناطق سيطرة النظام في جبل الزاوية ومحيطه.

وأضاف المصدر أن قوات النظام حاولت اقتحام الملاجة في 5 من أيلول الحالي، ولكن لم تستطع وخسرت قرابة عشرة عناصر، كما حاولت التقدم بعدها بيوم عبر التمهيد الصاروخي والمدفعي، واستهداف الطيران الحربي الروسي، لكنها لم تستطع وخسرت عددًا من عناصرها، إضافة لتدمير دبابة، ولا تزال غير قادرة على سحب جثث عناصرها.

أحمد بركات، مهجر من بلدة حزارين الواقعة جنوب تلة الملاجة، ومقيم شمالي إدلب، قال لعنب بلدي، إن الملاجة ذات أهمية استراتيجية وفي حال تمت السيطرة على بلدة حزارين، فإن مدن وبلدات كفرنبل ومعرة حرمة ومناطق كثيرة غرب معرة النعمان ستكون مكشوفة.

إسكات حاضنة وتعزيز رواية “الإرهاب”

وعن سبب التصعيد العسكري من قبل قوات النظام جنوبي إدلب، قال الخبير العسكري العقيد عبد الجبار العكيدي لعنب بلدي، إنه لا يوجد سبب حقيقي للتصعيد، لكن النظام حين يكون مأزومًا داخليًا يصعّد عسكريًا، فوضعه سيء فيما يخص الحراك في السويداء، والذي تزداد وتيره يومًا بعد يوم، وهذه الاحتجاجات ليست كسابقاتها، التي لا تستمر لأكثر من يومين.

ومضى أكثر من أسبوعين والحراك في السويداء مستمر، وبدأت تتضح معالمه وأهدافه، وشعاراته المطالبة بإسقاط النظام والانتقال السياسي للسلطة وتطبيق القرار الأممي “2254”.

وأضاف العكيدي أن النظام يخشى انتقال الحراك إلى مناطق أخرى، وخصوصًا في الساحل، الذي تتعالى في الأصوات المطالبة برحيل بشار الأسد، فالنظام يذهب إلى التصعيد العسكري، الذي هو أفضل الحلول لديه، لإشغال الناس بالأعمال العسكرية، بتخويفهم من “الإرهاب” وجبهة “النصرة” و”الجيش الحر”، ويضعهم في مصير سوداوي في حال ذهابه من السلطة.

وأشار إلى أن النظام هدفه القتل من أجل القتل، ولا يهدف لأي نوع من تحسين الوضع المعيشي للمواطن، كما أنه يخشى تطور الأحداث في دير الزور وأطراف منبج، فهو يوجه رسائل استباقية لردع الجميع بأنه موجود ويمتلك القوة.

ومن وجهة نظر العميد أحمد رحال، فإن المنطقة مقبلة على متغيرات، تقتضي باعادة ترتيب الملف السوري، خصوصًا من الجانب الأمريكي، كما أن مناطق الساحل تشهد تصعيدًا داخليًا، بتحدي النظام والحديث عن الوضع الاقتصادي والمطالبة بتغيير الحكومة ورأس السلطة.

وقال رحال، في حديث لعنب بلدي، إن النظام عوّد مؤيديه وحاضنته، على أنه لا يزال يقاتل “الإرهاب”، واعتبر أن تحرّك “هيئة تحرير الشام” يخدم رؤية النظام ويعزز من نظريته بمحاربة “الإرهاب”، فمنذ أربع سنوات لم تشهد جبهات إدلب أي تحركات عسكرية، وأن التحرك الحاصل في جبل الزاوية يخدم النظام أكثر من المعارضة.

ويتفق رحال مع العكيدي بأن النظام يريد أن يخبر السكان في مناطق سيطرته، أنه مازال يحارب ويقاتل “الإرهاب”، وبالتالي يسكت الناس عن مطالبها بتحسين الوضع الاقتصادي، الذي يشهد انهيارًا كبيرًا.

“كلما كان هناك حل سياسي، أو نوع من التصعيد الشعبي ضد النظام، فإنه يبادر مع داعميه وحلفائه للتصعيد العسكري، وهذا ما يحصل في جبل الزاوية وإدلب، التي تعتبر الحاضنة الأكبر للثورة السورية”.

أسعد الزعبي

محلل عسكري وعميد منشق عن قوات النظام

 

تغذية الصراعات

التصعيد جنوبي إدلب ترافق مع مواجهات مسلحة في ريف دير الزور الشرقي بين مقاتلين من أبناء العشائر و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة أمريكيًا، وشهدت جبهات ريف حلب وخاصة منبج اشتباكات مشابهة من أبناء العشائر و”قسد”

وأسهمت وسائل إعلام النظام الرسمية وإعلامها الرديف على مدار الأحداث في دير الزور، بتغذية الحرب الدائرة بين قوات العشائر و”قسد”، بهدف الضغط على الوجود الأمريكي والمساهمة في خروجه من المنطقة، وهي رسالة من إيران والنظام لأمريكا، بأنهم قادرين على خلط الأوراق بأي وقت، الأمر الذي سيحل مشاكل النظام الاقتصادية، وفق ما قاله أحمد رحال.

ونوّه رحال إلى أن اللعبة باتت مكشوفة بين الأطراف المتصارعة، فالنظام لا يستطيع أن يستخدم القوة ضد أهالي جبل الزاوية، مشيرًا إلى أن الإعلامي اللبناني حسين مرتضى، صرح بأن هناك انتحاريين من تنظيم “الدولة” يتم تدريبهم في قاعدة “التنف” لدخول السويداء، في إشارة لإدخال التنظيم إلى المنطقة.

فالنظام، بحسب رحال، يخشى أنه إذا استمر الحراك في السويداء ودرعا واشتعلت جبهات إدلب ومنبج، أن ينتقل الأمر للساحل ودمشق وكامل حاضنته الشعبية، الأمر الذي سيفقده السيطرة ويسبب انهياره.

وعن قراءته للوضع السياسي وعلاقته بالتصعيد العسكري قال العميد أسعد الزعبي، إن روسيا شبه منهارة في أوكرانيا وإيران تعاني من ضغوطات كبيرة، والنظام بات يقرأ نهايته المحتومة، فدائمًا يلجأ للحلول العسكرية، كي لا يحدث حراكًا ثوريًا في الشمال السوري يترافق مع ما يجري في الجنوب.

واعتبر أن روسيا تحاول بين الفينة والأخرى الضغط على الجانب التركي للقبول بشروطها، وكل هذه المتغيرات تسهم في التصعيد في منطقة جبل الزاوية.

ويرى الزعبي أن ما يجري في سوريا هو بتخطيط إسرائيلي وتنفيذ أمريكي وروسي، فالتصعيد العسكري سيتسمر، طالما أن النظام موجود، لتنفيذ المخطط المرسوم له من إسرائيل وأمريكا، وهذا نتاج إفراغ شحنات سياسية وشعبية في المنطقة.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا