سكان قرى دير الزور يعانون تبعات المواجهات العسكرية
سمحت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لسكان بعض قرى وبلدات ريف دير الزور الشمالي والشرقي بشراء حاجياتهم لمدة ساعتين في اليوم الواحد بعد معارك عسكرية شهدتها المنطقة لعشرة أيام على التوالي مع مسلحين من عشائر المنطقة.
وفي ظل حظر التجول الذي تفرضه “قسد” على المنطقة منذ أكثر من أسبوع، انقطعت بعض المواد الأساسية كالخبز والطحين، بينما تخضع بلدات وقرى أخرى لحصار منع المدنيين من التحرك خارج منازلهم.
وتمثل قرى العزبة وجديد البكارة والصبحة وأبريهة ومدينة البصيرة خزانًا تجاريًا بالنسبة لعموم المنطقة، إذ توجد فيها أسواق مركزية يقصدها أبناء شرقي سوريا لشراء حاجياتهم، وهي المناطق نفسها التي تركزت فيها المعارك منذ 28 من آب الماضي.
الأسعار مضاعفة
مع السماح للمدنيين بالتزود بحاجياتهم لمدة زمنية قصيرة، تسابق السكان لشراء الحاجيات الأساسية والمواد التموينية، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في المنطقة.
يوسف العكة من أبناء بلدة ماشخ شرقي دير الزور، قال لعنب بلدي، إنه استغل المدة الزمنية الممنوحة للسكان، واتجه نحو بلدة الصبحة لشراء بعض الحاجيات لكنه صُدم بالأسعار التي تضاعفت بنسبة تجاوزت 50% عما كانت عليه قبل اندلاع المواجهات بالمنطقة، وأخرى ارتفعت أسعارها ثلاثة أو أربعة أضعاف.
وأضاف أنه اشترى كيلو البطاطا بسعر 12000 ليرة سورية، علمًا أن سعره بلغ 4000 ليرة قبل المواجهات بالمنطقة، بينما بلغ سعر علبة “رب البندورة” (دبس البندورة) بوزن 500 غرام 13000 ليرة، بعد أن كانت تباع بسعر 8000.
استفسر يوسف عن ارتفاع الأسعار بحسب ما قاله لعنب بلدي، لكن أصحاب المحال التجارية رفضوا النقاش حول الأمر بحجة أن هذه الأسعار المتوفرة اليوم، “إن لم تناسبك الأسعار لا تشترِ”.
وكون أسواق الصرف مغلقة في دير الزور، يعمل أصحاب المحال التجارية بحساب بضائعهم وفق سعر صرف 15000 ليرة أمام الدولار، علمًا أن السعر الحقيقي بلغ 13700 بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص برصد حركة العملات.
بلدة العزبة شمالي دير الزور، نالتها الحصة الكبرى من المواجهات المسلحة خلال الأيام الماضية، لكن “قسد” سمحت لسكانها صباح اليوم بإدخال المواد التموينية لها وصهاريج المياه، بعد أيام من حظر التجول.
وبلغ سعر صهريج الماء سعة خمسة براميل 75000 ليرة سورية، بينما بيعت علبة حليب الأطفال بسعر عشرة دولارات في البلدة نفسها.
رامز السرحان يملك محلًا تجاريًا في سوق بلدة الدحلة بريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن الحصار المفروض على عدد من القرى والبلدات شكّل فرصة للتجار، خصوصًا أن أوقات التسوق حُددت بساعتين يوميًا.
وأضاف أنه يميل إلى جانب آخرين من تجار المنطقة وأصحاب المحال الصغيرة لتعويض خسائرهم خلال الأيام الماضية التي ساد التوتر الأمني فيها المنطقة، عبر رفع “بسيط” في الأسعار.
شح في الخبز والطحين
منذ الأيام الثلاثة الأولى للعمليات العسكرية بالمنطقة، انقطعت مادة الخبز بشكل كامل عن أرياف دير الزور الشمالية والشرقية، إثر المعارك التي تشهدها المنطقة.
وأفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور، أن الخبز انقطع منذ 30 من آب الماضي عن أرياف المحافظة، بسبب عدم وصول كميات الطحين لأفران المنطقة نتيجة المعارك الدائرة فيها وقطع الطرقات.
ورفضت “الإدارة الذاتية” حينها الإدلاء بأي تعليق حول أزمة الخبز في المنطقة لعنب بلدي، دون الحصول على ترخيص يسمح بممارسة العمل الإعلامي في مناطق سيطرة “قسد”.
ومع مضي 11 يومًا على بدية المواجهات، لا يزال الخبز مقطوعًا عن أسواق المناطق المحاذية لنهر الفرات على الضفة الشرقية، في حين حاول الأهالي اليوم، الثلاثاء، إدخال بعض المساعدات إلى قرية العزبة ومناطق أخرى تضمنت الخبز والخضار والمياه، لكن خطوط إمداد الطحين لا تزال مقطوعة.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، قال موظف في شركة التطوير الزراعي لدى “الإدارة الذاتية”، إن “الشركة” حاولت إيصال الطحين لأرياف دير الزور، لكنها لم تجد وسيلة لذلك.
وأضاف الموظف، تحفظ على ذكر اسمه كونه ليس مخولًا للحديث لوسائل الإعلام، أن مخصصات الطحين لـ30 فرنًا لم تصل إلى وجهتها منذ 28 من آب الماضي، في المنطقة الممتدة من هجين حتى الباغوز شرقي دير الزور.
ماذا يحصل في دير الزور
لا تزال العمليات العسكرية نشطة في قرى من ريف دير الزور الشمالي والشرقي لليوم الـ11 على التوالي بين مسلحين من عشائر المنطقة و”قسد”.
المواجهات المسلحة في دير الزور نشبت على خلفية اعتقال “قسد” قائد “المجلس العسكري”، أحمد الخبيل (الملقب بـ”أبو خولة”)، في 27 من آب الماضي، ما أسفر عن تحالف عشائر من المنطقة مع مقاتلي “المجلس”، وبدأت اشتباكات عسكرية وُصفت بـ”العنيفة” في بعض قرى وبلدات دير الزور خرجت عن سيطرة “قسد” بالكامل، ثم عاودت “قسد” احتواء التوتر فيها.
بعد مرور ثلاثة أيام على المواجهات المسلحة، في 30 من آب الماضي، أعلنت “قسد” عن عزل قائد “مجلس دير الزور”، أحمد الخبيل، عبر بيان رسمي، لكنها لم تعترف حتى اليوم بأن حملتها الأمنية في دير الزور تستهدف “المجلس العسكري” ومقاتلين داعمين له من أبناء عشائر المنطقة.
وحاولت “قسد” الترويج للأحداث في المنطقة على أنها تستهدف خلايا من تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي يمتلك خلايا أمنية منتشرة في مناطق من دير الزور، وينفذ عمليات في المنطقة بين الحين والآخر.
مساء 31 من آب الماضي، تطورت رواية “قسد”، إذ حمّلت مسؤولية الأحداث في المنطقة للنظام السوري، وجاء في بيان رسمي، أن قواتها “تتخذ إجراءات إضافية لملاحقة مجموعات مسلحة تسللت إلى قرى في الريف الشرقي لدير الزور من الضفة الغربية لنهر الفرات، وبدأت بالتحشيد للهجوم على قواتنا في قرى الريف الشرقي”، مشيرة إلى أن النظام هو من أرسلها.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :