“مجلس دير الزور” غائب عن المعارك التي أشعلها شرق الفرات
أشعل “مجلس دير الزور العسكري” قبل عشرة أيام اشتباكات مسلحة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بعد اعتقال الأخيرة لقادته في الحسكة، ومع عمليات الكر والفر بين الجانبين، تلاشى اسم “المجلس” عن الساحة، وبقيت العمليات العسكرية تلاحق أبناء عشائر دير الزور، التي دعمته ضد “قسد”.
ينحدر جاسم العبد الله من بلدة الربيضة بريف دير الزور الشمالي، وهو مقاتل في “المجلس العسكري”، قال لعنب بلدي، إن “قسد” أرسلت أرتالًا عسكرية من “القوات الخاصة” (الكوماندوز) مع اللحظة الأولى لاعتقال قائد “المجلس” أحمد الخبيل، خوفًا من أي رد فعل.
وأضاف أن مقاتلي “المجلس” ممن يعرفهم في بلدته انضم جزء منهم لمقاتلي العشائر، لكن قسمًا آخر لم يفارق منزله، بينما غادر قسم كبير المنطقة إلى أماكن غير معروفة، تفاديًا للعمليات العسكرية بالمنطقة.
المقاتلون انضموا لقوات العشائر
عمران الضاري أيضًا يقود مجموعة عسكرية ضمن ما يعرف بـ”فوج كونيكو” (مسؤول عن حماية قاعدة حقل كونيكو الأمريكية ويتبع لـ”مجلس دير الزور”) قال لعنب بلدي، إن الهجوم الأول لـ”قسد” على الأفواج التابعة لـ”المجلس العسكري” في بلدة العزبة، أجبر مقاتلي “المجلس” على الانسحاب والتوزع في أرياف دير الزور.
وأضاف أن البيئة الجغرافية للمنطقة لم تسمح لمقاتلي العشائر بالصمود لوقت أطول، كما أن نقص الذخيرة لعب دورًا في المعركة.
وسيطرت “قسد” على بلدة العزبة شمالي دير الزور، في 30 من آب الماضي، بعد معارك استمرت ثلاثة أيام، إذ انسحب مقاتلو العشائر منها باتجاه بلدة الربيضة شمالي المحافظة، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في المنطقة حينها.
عبد الله محمد عضو المكتب الإعلامي لـ”مجلس دير الزور” قال لعنب بلدي، إن دور “المجلس” تراجع في المنطقة بشكل عام بعد اختفاء قادته، خصوصًا أن “قسد” استقدمت قوات عسكرية كبيرة إلى المنطقة قبل اعتقال قائد “المجلس” بأكثر من شهر.
وأضاف أن مقاتلي “مجلس دير الزور” فضّلوا الانخراط مع عائلاتهم وعشائرهم في المعارك الدائرة بالمنطقة ضد “قسد” على أن يكونوا عناصر في “المجلس” نفسه.
ومع دخول أمير قبيلة “العكيدات”، إبراهيم الهفل، الأحداث وإعلان الحرب ضد “قسد”، انضم شباب “المجلس العسكري” إلى صف العشائر وانتشروا على جبهات القتال في المنطقة بعيدًا عن اسم “المجلس”.
ويتولى قيادة “مجلس دير الزور العسكري” اليوم تركي الضاري الملقب بـ”أبو الليث خشام”، وهو المتحدث الإعلامي باسم “المجلس” سابقًا، قبل اعتقال قادة الصف الأول فيه بالحسكة.
وأصيب الضاري خلال المعارك التي شهدتها بلدة العزبة بين الطرفين برصاصة في ذراعه قبل نحو أسبوع، ولم تظهر أي معلومات عنه منذ ذلك الحين.
“قسد” لم تعترف بـ”المجلس” طرفًا بالمعارك
خلال اللحظات الأولى لاعتقال “أبو خولة”، أعلنت “قسد” عن إطلاق حملة أمنية حملت اسم “تعزيز الأمن”، وشملت مناطق شرق الفرات بالكامل، دون الإشارة إلى علاقة “مجلس دير الزور” بها.
ومع خروج قضية اعتقال قائد “مجلس دير الزور العسكري” عن السيطرة، وتسرب خبر اعتقاله عبر أشقائه، تحولت الأحداث إلى رد فعل عنيف في دير الزور، ما طوّر رواية “قسد” عن الأحداث إلى أنها حملة تستهدف تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبينما كانت تنتشر التسجيلات المصورة، وبيانات تضامن العشائر مع بلدة العزبة شمالي دير الزور بسبب حصارها من قبل “قسد”، كانت الأخيرة تتحدث عن أن حملتها الأمنية نفسها تطورت لتشمل “خارجين عن القانون، وتجار مخدرات، وخلايا من تنظيم (الدولة)، وبإشراف من التحالف الدولي”.
وفي مساء 31 من آب الماضي، تطورت الرواية مجددًا، إذ حمّلت “قسد” مسؤولية الأحداث في المنطقة للنظام السوري، وجاء في بيان رسمي نشرته عبر موقعها الرسمي، أن قواتها “تتخذ إجراءات إضافية لملاحقة مجموعات مسلحة تسللت إلى قرى في الريف الشرقي لدير الزور من الضفة الغربية لنهر الفرات، وبدأت بالتحشيد للهجوم على قواتنا في قرى الريف الشرقي”، مشيرة إلى أن النظام هو من أرسلها.
ما “مجلس دير الزور”
أُسس “مجلس دير الزور العسكري” عام 2016 من أبناء العشائر العربية (العكيدات، البكارة، الجبور، المشاهدة، بو شعبان)، وكانت البداية على شكل مجموعات صغيرة في مدينة الشدادي، بدأت بالتوسع في مناطق شمال شرقي سوريا من خلال استقطاب أبناء المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” ومعظمهم من عناصر “الجيش الحر” السابقين، ومن المعارضين للتنظيم.
وانضم لـ”قسد” لاحقًا في معاركها العسكرية ضد التنظيم الذي كان يتركز ثقله العسكري بدير الزور، ومع دحر التنظيم من المنطقة تمركز “مجلس دير الزور” في المحافظة التي ينحدر مقاتلوه منها.
ولـ”المجلس العسكري” انتهاكات لطالما تصدرت الواجهة في المناطق التي تسيطر عليها “قسد” بدير الزور خلال السنوات الماضية، منها إدارة عمليات التهريب بين ضفتي نهر الفرات، وأخرى متعلقة بحقوق السكان، وهو ما حاولت “قسد” تسليط الضوء عليه مؤخرًا.
أبرز هذه الانتهاكات كان منتصف كانون الأول 2022، عندما شهدت قرى شمالي دير الزور توترًا أمنيًا استمر لأيام، بعد العثور على جثتي فتاتين في المنطقة، اتُهم “المجلس” باختطافهما في وقت سابق.
وشهدت المنطقة احتجاجات استمرت لأيام، هدد خلالها مسلحون من أبناء قبيلة “البكارة” بالتصعيد ضد “المجلس العسكري” وقائده “أبو خولة”، بحسب تسجيل مصوّر نشرته شبكة “نهر ميديا” المحلية.
المسلحون تطرقوا أيضًا خلال التسجيل المصور إلى أن “المجلس العسكري” مسؤول عن تصفية شباب من أبناء المنطقة، ونسب عمليات التصفية لتنظيم “الدولة” الذي ينشط في المنطقة.
أسهم بإعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :