قالت منظمة “العفو الدولية” إن أصحاب المنازل السكنية المتضررة من الزلزال في مدينة حلب شمالي سوريا، يواجهون مخاوف بشأن عمليات الهدم “غير القانونية” للمباني التي اعتبرت “غير آمنة” نتيجة الزلازل، بالإضافة لوجود عقبات بيروقراطية أمام الذين يسعون إلى إصلاح منازلهم المتضررة.
وتحدثت الباحثة في الشؤون السورية في المنظمة الدولية، ديانا سمعان، بأن “هدم المباني السكنية من دون تقديم شرح وافٍ، أو توفير إجراءات تقاضٍ سليمة، هو انتهاك للقانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”، مشيرة إلى أن حكومة النظام السوري ملزمة بالتشاور مع السكان ومنحهم مهلة كافية، وتعويضًا ماليًا، وسكنًا بديلًا، لضمان عدم تشريد أي شخص، قبل تنفيذ عمليات الهدم.
واستند التقرير الصادر اليوم الاثنين 4 من أيلول، على مقابلات مع ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني زاروا حلب بعد الزلازل، فضلًا عن ستة من السكان الذين يعيشون في المدينة، كما راجعت المنظمة تقارير إعلامية وأخرى للأمم المتحدة، وتحققت من مقاطع مصورة لعمليات الهدم في حلب، بين نيسان وتموز الماضي.
صرح محافظ حلب، حسين دياب، في 20 من شباط الماضي، أن 13 ألف عائلة قد تضررت جرّاء الزلازل، وأنه جرى معاينة 11551 مبنى، هدم منها 220، لأسباب تتعلق “بالسلامة العامة”، ووضع 303 مباني آخر قيد الهدم.
وتهدم السلطات المبنى فورًا بعد أن يطلب من السكان إخلاؤه، في حال تصنيفه من قبل لجنة هندسية، شكلتها لتقييم السلامة الهيكلية للمباني، بالدرجة “الحمراء”، وهو ما يمثل أنه يشكل “خطرًا على السلامة العامة”.
في حين تلقت منظمة “العفو الدولية” معلومات من السكان والعاملين في المجال الإنساني، بأن هذه التقييمات “قد لا تنفذ بدقة، وأن عمليات الهدم تنفذ في ظل غياب الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات المطلوبة ضد عمليات الإخلاء القسري وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وتعتمد هذه اللجان على تقييمات بصرية تفتقر إلى التفاصيل الدقيقة المطلوبة لتحديد سلامة المبنى، وقد تؤدي إلى عمليات “هدم غير مبررة”، في حين أن السكان غير قادرين على الطعن في قرارات اللجان، وغالبًا لا يمنحون الوقت الكافي لنقل حاجياتهم، وفق التقرير.
لا تعويض
أبلغ السكان منظمة “العفو الدولية” أنه غالبًا لا يحصل الأشخاص الذين هدمت منازلهم بسبب اعتبارها غير آمنة للسكن على سكن بديل أو تعويض، وهو ما يشكل تهديدًا بتشريدهم، إذ ذكرت الأمم المتحدة في نيسان الماضي أن حكومة النظام أغلقت غالبية الملاجئ المؤقتة التي كانت تستخدم لتوفير أماكن إقامة طارئة للأشخاص الذين خسروا منازلهم في الزلزال.
وتوضح المعايير الدولية لحقوق الإنسان بشأن الحق في سكن لائق أنه حتى عندما يكون الإخلاء مبررًا، ينبغي أن يكون في ظل “امتثال صارم” للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وطالبت المنظمة السلطات بإشراك سكان المباني غير الآمنة في مشاورات حقيقية حول خيارات الهدم وإعادة التوطين، وتزويدهم بمعلومات كافية عن المخططات وإشعار كتابي ووقت كافٍ للإخلاء، وسكن بديل مناسب، وتعويض عن الخسائر، وضمان ألا يشرّد أي شخص أو جعله أكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى نتيجة لعملية الإخلاء.
“متطلبات بيروقراطية”
اشتكى أشخاص تضررت منازلهم بالزلزال، من أن السلطات “تقاعست” عن إخبارهم عن كيفية الاتصال باللجان للاستفسار عن سلامة منازلهم.
ولم يتلق السكان أي دعم مالي من الحكومة لإصلاح منازلهم المتضررة، كما طلبت السلطات منهم تصاريح، كان من الصعب الحصول عليها، في حال أراد أصحاب المنازل إعادة تأهيل المباني السكنية، وفق التقرير.
ويصعب الحصول على تصاريح إصلاح المباني المشيدة في أماكن سكن عشوائية، والتي تشكل غالبية مناطق المباني التي تضررت من الزلزال، ووفقًا لتقرير نشرته “مجموعة الأزمات الدولية” في 2022، فإنه “فقط أولئك الذين لديهم حظوة لدى السلطة، وقوات الأمن، وعناصر الميليشيات، يمكنهم الحصول على إذن غير رسمي لإجراء إصلاحات”.
وقالت الباحثة في الشؤون السورية في منظمة “العفو الدولية”، ديانا سمعان، “بدلًا من فرض متطلبات بيروقراطية مرهقة على السكان الذين يحاولون إصلاح منازلهم التي تضررت من الزلزال، ينبغي على السلطات السورية ضمان تزويد جميع السكان بالدعم التقني والمالي الكافي، من دون تمييز”.
وقبل وقوع كارثة الزلزال في 6 من شباط الماضي، عانت مدينة حلب من أضرار واسعة النطاق بسبب حملة القصف التي شنتها قوات النظام السوري وروسيا خلال الفترة بين عامي 2012 و2016، حين سيطر النظام على كامل المدينة، بعد إخضاع من فيها للحصار والقصف، ثم تهجيرهم قسرًا إلى مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة شمالي سوريا.
وتشهد محافظة حلب بشكل متكرر سقوطًا وانهيارًا في مبانٍ سكنية، بسبب العمليات العسكرية التي كان النظام السوري وروسيا وراءها خاصة الطيران الحربي.
وبحسب تقرير نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب عام 2019، شهدت محافظة حلب أكبر نسبة دمار في سوريا، بوجود 4773 مبنى مدمرًا كليًا، و14680 مدمرًا بشكل بالغ، و16269 مدمرًا بشكل جزئي، ليبلغ مجموع المباني المتضررة 35722.