أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومًا يقضي بإنهاء العمل بالمرسوم التشريعي المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية، وإحالة القضايا الحالية إلى القضاء العسكري.
وجاء في المرسوم الصادر اليوم الأحد 3 من أيلول، إنهاء العمل بالمرسوم التشريعي رقم “109” لعام 1968 وتعديلاته، المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية، وفقًا لما نقلته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا).
كما تحال جميع القضايا في محاكم الميدان العسكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها، وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم “61” لعام 1950 وتعديلاته.
والمرسوم المنهى العمل به كان قد نص على إحداث محكمة أو أكثر تسمى “محكمة الميدان العسكرية”، تتولى النظر في الجرائم الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية والمرتكبة زمن الحرب أو خلال العمليات الحربية التي يقرر وزير الدفاع إحالتها إليها.
ومنح المرسوم “109” عام 1968، محاكم الميدان العسكرية صلاحيات واسعة، منها جواز ألا تتقيد بالإجراءات المنصوص عليها في التشريعات النافذة، فضلًا عن أن أحكامها لا تقبل أي طريق من طرق الطعن.
واستغل رئيس النظام السوري السابق، حافظ الأسد، المرسوم وعدّله عام 1980، لقوننة الإعدامات الميدانية التي استهدفت معارضي حكمه حينها، إذ أضاف في مرسوم التعديل عبارة “أو عند حدوث اضطرابات داخلية”، على توصيف العمليات الحربية، التي كانت تقتصر على الأعمال التي ينفذها الجيش أو بعض وحداته في الحرب أو عند وقوع صدام مسلح مع العدو، وبذلك شمل اختصاص المحكمة العسكريين والمدنيين.
ثلاث لاءات
وصف بحث صادر عن مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” عام 2021، محاكم الميدان العسكرية في سوريا بأنه “ليس لها أي شرعية قانونية ولا دستورية ولا دولية”.
ومن انتهاكات استخدام هذه المحاكم، وفق البحث، أنه وفق المادة “2” من مرسوم إحداث المحاكم الميدانية العسكرية، هو جوازها في زمن الحرب الذي يحدد بدايته وانتهاءه بمرسوم، لكن لم يصدر مرسوم يحدد زمن الحرب منذ صدور المرسوم المذكور.
واستنادًا على ذات المادة لا يمكن أن يبدأ عمل المحاكم الميدانية إلا بعد صدور مرسوم يعلن أن البلد في حالة اضطرابات داخلية، بالنسبة للتعديل على المرسوم عام 1980، وهو مالم يحدث.
ولم ينص المرسوم “109” عام 1968 على أي شروط للتعيين بمنصب القاضي سوى الرتبة العسكرية، وهذا يعني عدم اشتراط الحصول على إجازة في الحقوق، وفق بحث “حرمون”، وهو ما يخالف أصول تعيين القضاة وفق قانون السلطة القضائية.
المحاكم الميدانية خلال الثورة
بعد انطلاق الثورة السورية في آذار 2011، استمرت إحالة معارضي النظام ومحاكمتهم أمام المحاكم الميدانية وصدور أحكام الإعدام أو الحبس المؤبد بحقهم، وفق بحث “حرمون“، الذي أوضح أن هذه الأحكام الصادرة عن محكمة غير مشكلة بشكل قانوني ولا تكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة، تعد “جريمة حرب” وفق نظام “روما” الأساسي.
ووفقًا لتقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الأحدث عن المعتقلين في سوريا، اعتقل النظام السوريين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي، وضمن أي نشاط كان سياسي، حقوقي، إعلامي، إغاثي، ثم توجيه غالبيتهم نحو الأفرع الأمنية لانتزاع تهمًا متعددة تحت “الإكراه والترهيب والتعذيب”.
وبعد تدوين التهم ضمن ضبوط، تحال إلى النيابة العامة، ومن ثم يجري تحويل الغالبية منهم إما إلى “محكمة الإرهاب” أو محكمة الميدان العسكرية، حيث لا تتحقق في هذه المحاكم “أدنى شروط المحاكم العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني”، وفق وصف التقرير.
ويتزامن صدور المرسوم مع استمرار الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري، ضمن مناطق سيطرته في محافظتي السويداء ودرعا، لليوم الـ 15 على التوالي.
ويجتمع المتظاهرون ضمن ساحة “الكرامة” وسط السويداء للمطالبة بإسقاط النظام، مع إغلاق شبه كامل للمؤسسات الحكومية.