مجد معضماني.. “كلنا بدنا نستشهد.. لا تستعجل على رزقك”
خلف ساترٍ ترابي صغير، كان مجد معضماني يرصد بكاميرته دبابتين وكاسحة ألغام على بعد أمتار قليلة، لكن قذيفةً أطلقتها الدبابة كانت أقرب إلى جسده النحيل من البقاء على قيد الحياة.
“الحمد لله على كل حال، الحمد لله حتى يرضى”، بهذه الكلمات استقبلت والدة مجد خبر “شهادته”، الجمعة 19 شباط، بعد قرابة سنتين على خسارتها لأخيه البكر ماجد، والذي قتل أثناء محاولة فك الحصار عن داريا نهاية عام 2013.
عرف مجد بـ “عين داريا”، لعمله في مركز داريا الإعلامي على توثيق المعارك التي يخوضها مقاتلو الجيش الحر، والقصف المستمر بالبراميل المتفجرة الذي تتعرض له المدينة، مشتهرًا، إلى جانب أعضاء المركز، بتسجيلات سقوط البراميل على مقربة منهم، على مدار ثلاث أعوام مضت.
“الله أكبر، داريا” عبارة ميزت تسجيلات مجد، وهو من مواليد 1995، توقفت دراسته عند الثالث الثانوي، ولم يكملها مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، ليكون من أول أبناء المدينة المشاركين في المظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة والمنظمين لها، رغم صغر سنه.
ثم انتقل إلى تصوير النشاطات الثورية في المدينة ورصد الانتهاكات والاعتقالات، ليصبح فيما بعد من مؤسسي المركز الإعلامي لمدينة داريا، مشاركًا في نشاطات أخرى أبرزها الرسوم على جدران المدينة المهدمة.
جرأة مجد وشجاعته كانت واضحةً في عددٍ من المواقف، أبرزها تسجيل مصور لسقوط برميل بجانبه، وهو يقول “هذا حال داريا كل يوم، وثابتون بإذن الله”، إلى جانب صورة “سيلفي” والدبابة خلفه، قبل أيام من الشهادة.
يصف رفاق مجد تصرفاته بـ “عكس السير”، فبينما يسرعون للاختباء من شظايا البراميل المتفجرة، التي بلغ عددها 5 آلاف منذ بداية الحملة العسكرية، يركض إلى أسطح المباني لتصويرها، وقد تعرض لألمٍ في أذنيه بسبب انثقاب غشاء الطبل، لكثرة البراميل والقذائف التي سقطت قربه.
أبو جعفر الحمصي، قائد العمليات في لواء شهداء الإسلام، كتب عن حادثة قبل الشهادة بيوم “كان بجانبي على خط الدفاع الأول، وتلقينا سوية قذيفة دبابة خرجنا منها سالمين، واليوم استشهد مجد على الخط الأول، ليثبت أنه بطل شقيق بطل، ومن عائلة أبطال”.
ونعى “عين داريا” عددٌ من المؤسسات من بينها وكالة الأناضول، الذي كان يعمل مراسلًا لها، والائتلاف الوطني السوري المعارض، الذي طالب “كافة الهيئات المعنية بحقوق الصحافيين، وعلى رأسهم منظمة مراسلون بلا حدود، بالقيام بما تفرضه عليها التزاماتها تجاه الصحافيين السوريين، في ظل ما يتعرضون له من استهداف متعمد وممنهج، يسعى لتصفية الصحافيين والإعلاميين والتخلص منهم”.
كان آخر تواصل لعنب بلدي مع مجد ليلة شهادته، وكان متفائلًا بمقتل 21 جنديًا للنظام وإعطاب دبابة على الجبهة الجنوبية للمدينة (العلالي)، مشيرًا إلى معنويات مقاتلي الجيش الحر والمحاصرين المرتفعة حينها.
ورغم كلامه الذي يبعث على الطمأنينة، مجيبًا على أسئلة الأصدقاء حول وضع الجبهات الميداني بعبارة “الأمور بخير”، إلا أنه كان يردد “كلنا بدنا نستشهد.. لا تستعجل على رزقك”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :