درعا – حليم محمد
لجأ بعض المدخنين في محافظة درعا جنوبي سوريا لتخفيف استهلاكهم من “الدخان”، أو إيجاد بدائل أقل تكلفة، بعد غلاء علب السجائر في السوق المحلية سواء “الوطنية” (المحلية) أو المستوردة أو المهربة، في ظل تردي الواقع المعيشي، وانخفاض القدرة الشرائية لشريحة واسعة من سكان المحافظة.
ومطلع آب الماضي، رفعت “المؤسسة العامة للتبغ” أسعار منتجاتها من “الدخان الوطني” بنسبة قاربت 40%، مبررة ذلك بـ”تغطية جزء من التكاليف”، بعد أن رفعته نهاية العام الماضي بنسبة وصلت إلى نحو 50%، وارتفعت حينها أسعار مبيع “الدخان المستورد” بنحو 60%.
“اللف” أقل تكلفة
لجأ عبد الرحمن (55 عامًا)، من سكان بلدة تل شهاب بريف درعا الغربي، لتدخين السجائر العربية (اللف) لتخفيف التكلفة، موضحًا لعنب بلدي أنه يستهلك يوميًا علبة واحدة من “الدخان” (20 سيجارة).
ويصل متوسط سعر العلبة الواحدة من “الدخان الأجنبي” إلى نحو 8000 ليرة سورية، ومن “الدخان الوطني” إلى نحو 6500 ليرة، بينما يصل كيلو “الدخان الفرط” (اللف) إلى نحو 100 ألف ليرة سورية، الكمية التي تكفي الرجل الخمسيني لنحو شهر ونصف.
ورصدت عنب بلدي في درعا من خلال حركة الشارع، أن معظم المدخنين عادوا لتدخين “العربي اللف”، وبعضهم بات يدخن “الدخان الوطني” بعد أن كانوا سابقًا من مدخني “الأجنبي”، في حين لا يزال قسم من السكان يستخدم “الأجنبي” رخيص الثمن بسعر 8000 ليرة سورية للعلبة الواحدة.
من لبنان.. الليرة وراء الارتفاع
شهدت أسعار “الدخان” في مناطق سيطرة النظام ارتفاعًا ملحوظًا خاصة “الأجنبي” منه.
وقال أحمد (30 عامًا) بائع “دخان” بريف درعا، إن الأسعار بدأت بالارتفاع تزامنًا مع انهيار العملة المحلية، إذ يرتبط سعر “الدخان” وخاصة “الأجنبي” بتقلبات سعر صرف الدولار أمام الليرة.
ووصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 13700 ليرة سورية، لحظة تحرير التقرير، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بالعملات.
ووفق أحمد، يأتي “الدخان” المهرب إلى محافظة درعا من لبنان، تضاف إليه أجور النقل، وما يدفعه المهربون للحواجز الأمنية لقاء السماح بمرور المادة، ثم يحدد سعره وفقًا لذلك.
وتأثرًا بارتفاع الأسعار، تراجعت نسبة مبيعات “الدخان الأجنبي” في المنطقة، خاصة الأنواع الفاخرة منها، مقابل ارتفاع نسبة شراء الأنواع المحلية التي تعد أرخص ثمنًا.
يوسف، تاجر “دخان” في ريف درعا الشرقي، تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن “الدخان التهريب” يدخل خلسة عبر طرق غير شرعية، عبر تصفيح للسيارة وإخفائه في جيوب غير ظاهرة.
وأضاف أنه في حال ضُبطت كمية من “الدخان” تفوق “الكروز” (12 علبة) يُغرم المهرّب بالسجن، ودفع ثلاثة أضعاف قيمة “الدخان” المضبوط، ولا يفرج عنه إلا عندما يدفع هذه الغرامة.
وحول “الدخان” المستورد الموجود في المحافظة، أوضح يوسف أن هناك تاجرًا وحيدًا في محافظة درعا يحمل وكالة (ترخيص) تسمح له بتمرير “الدخان” عبر الحواجز الأمنية، ولا يسمح لغير الوكيل بنقل “الدخان” سواء الوطني أو المستورد، ويعتبر هذا الوكيل المصدر الرئيس لـ”الدخان” في المحافظة.
ويعاني معظم المدخنين في مناطق سيطرة النظام ارتفاعًا شبه متكرر لأسعار “الدخان”، يختلف من محافظة لأخرى، ما يدفعهم لتغيير طريقة وشكل استهلاكهم للمادة بشكل مستمر.
وفي أيار 2020، قال مدير التخطيط في “المؤسسة العامة للتبغ”، سلمان العباس، إن عدد المدخنين في مناطق سيطرة النظام (يشمل مدخني المنتج المحلي أو المستورد نظاميًا فقط) يبلغ 4.5 مليون شخص، مشيرًا إلى أن الفئة الأكثر استهلاكًا هي التي يتراوح عمرها بين 20 و40 عامًا، وتقدّر بـ60% من المدخنين.
وأوضح العباس، في تصريح صحفي لإذاعة “المدينة إف إم” حينها، أن سوريا تصدّر التبغ الخام نصف المصنّع فقط، فيما تنتج 11 صنفًا، وتقدّر قيمة مبيعاتها السنوية بـ30 مليار ليرة سورية، وفق أحدث الأرقام الصادرة عن المؤسسة.
خطة لمضاعفة الإنتاج
تعتبر محافظة درعا من المحافظات المنتجة للتبغ، إذ عادت بعد عام 2018 لإنتاج التبغ الذي يذهب لصناعة “الدخان الوطني”.
رئيس قسم الزراعة والبحث العلمي في المنطقة الجنوبية التابع لـ”المؤسسة العامة للتبغ”، فادي سويدان، قال في تصريح صحفي للوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، في حزيران الماضي، إن خطة شعبة التبغ في درعا للموسم الحالي تتمثل بزراعة 5000 دونم، بزيادة قدرها 100% على الموسم الماضي، إذ بلغت المساحة المزروعة بالتبغ العام الماضي نحو 2200 دونم.