دير الزور – عبادة الشيخ
في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، يقف فلاحون عاجزين عن تعويض خسائرهم بسبب انتشار ما يعرف اصطلاحًا بـ”ملوحة التربة”، الذي يؤثر على نمو النباتات فيها، وجودة المياه الجوفية، وحتى البنى التحتية من طرقات ومبانٍ.
فلاحون في مدينة الشحيل شرقي دير الزور بالمناطق التي تديرها “الإدارة الذاتية” قالوا لعنب بلدي، إن انتشار الملوحة في مساحات كبيرة من أراضيهم جعل عديدًا منهم يحجمون عن زراعة الأراضي منذ مدة.
وأرجع الفلاحون انتشار التملح إلى البطء في تنظيف وتأهيل مصارف المياه الزائدة، إذ يسبّب تراكمها لأوقات طويلة ملوحة التربة، وهذا الأمر يقع على عاتق مكتب الري.
ما الأسباب؟
أحد العاملين في محطة الري بقرية الشحيل، تحفظ على اسمه كونه لا يملك تصريحًا بالحديث لوسائل الإعلام، قال لعنب بلدي، إن التملح نتج عن خروج “الآبار الشاقولية” عن الخدمة منذ عام 2013.
وأضاف أن الآبار البالغ عددها 85 بئرًا في المنطقة تعمل منها حاليًا عشر آبار فقط بعد مبادرات محلية أدت إلى تشغيلها.
في حين تعرض قسم كبير من هذه الآبار للتخريب والسرقة، إذ نُهبت منها محطات الإقلاع، وكوابل الكهرباء، وشبكات الصرف المغطاة المسؤولة عن جر المياه الزائدة من التربة وتصريفها في نهر “الفرات”.
وبحسب إحصائية قامت بها لجنة الري التابعة لـ”الإدارة الذاتية” في المنطقة، فإن ما بين 23 و25 ألف دونم تعرضت للتملح، وصارت تربتها غير صالحة للزراعة.
ولإعادة تأهيل المنطقة زراعيًا قال العامل في محطة الري، إن على سلطات المنطقة إطلاق مشروع لاستصلاح الأراضي الزراعية المتضررة، يبدأ بإعادة تشغيل آبار الصرف الشاقولية بكامل الأراضي الزراعية، وإصلاح شبكات الصرف فيها.
وسبق أن خاطبت إدارة الري في قرية الشحيل “الإدارة الذاتية” ومنظمات عاملة في المنطقة لإعادة استصلاح التربة في المنطقة، لكن تكلفة المشروع المرتفعة حالت دون تأمين مصدر تغذية كهربائي مستمر لشبكات الصرف الشاقولي، بحسب العامل في إدارة الري.
مزارعون يناشدون
“أبو بسام”، وهو مزارع من أبناء قرية الشحيل شرقي دير الزور، صارت أرضه البالغة مساحتها 275 دونمًا غير صالحة للزراعة جراء تملح التربة.
وقال المزارع لعنب بلدي، إن إهمال تطبيق الحلول على الأراضي الزراعية من قبل سلطات المنطقة قد يهدد الأمن الغذائي، ومع استمرار المطالب بتقديم الحلول، لم تبادر “الإدارة الذاتية” بأي مشروع في هذا الصدد.
عمران الذياب، وهو أيضًا مزارع من أبناء الشحيل، ذكر أنه طالب بشكل متكرر “الإدارة الذاتية” والمنظمات الدولية والمحلية بالتدخل لمنع زيادة ملوحة التربة، وتلقى كثيرًا من الوعود، لكن شيئًا لم يطبق منها على أرض الواقع، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
ولم تجب “الإدارة الذاتية” عبر قنوات التواصل الرسمية عن أسئلة وجهتها عنب بلدي في هذا الصدد.
ما الحلول؟
يرى المهندس الزراعي خلف الحنشول، أن ملوحة التربة تعتبر من أهم المؤشرات التي يمكن رصدها في المنطقة، وأن هناك مساحات من الأراضي ستصبح غير صالحة للزراعة مستقبلًا.
وقال إن مساحات الأراضي ذات الملوحة العالية ما بين بلدتي ذيبان والشحيل مرورًا بالحوايج، تقع ضمن مجال عمل “القطاع السادس للري” في الريف الشرقي لدير الزور، البالغة مساحته حوالي 23 ألف دونم.
وكان هذا القطاع سابقًا من الأراضي الزراعية المنتجة بشكل جيد، وبفعل الظروف المحيطة وممارسة العمل الزراعي البسيط وغير العلمي، والأخطاء الفنية، تحولت تلك الأراضي إلى مساحات غير قابلة للزراعة نسبيًا.
وأضاف أن الحلول لإعادة الخصوبة إلى هذه المساحات تكمن في تنظيف المصارف الزراعية الرئيسة والفرعية، وإصلاح وتشغيل آبار الصرف العمودي، وتوسيع المصارف الأفقية المتجاوز عليها، وتنظيف المجاري فيها، والأهم من ذلك، ترشيد استخدام مياه الري في السقاية الواحدة، وعدم اتباع طريق الري بالغمر.
وقال المهندس الزراعي، إن على مزارعي المنطقة زراعة أصناف مناسبة ومقاومة أو متحملة للملوحة، مثل السيسبان، والشعير، والشمندر السكري، والصفة، والبرسيم، والشيلم، والبونيكام، واستخدام طرق حراثة خاصة ومناسبة للأراضي المتملحة، إلى جانب إجراء غسل للأراضي، وحساب كميات مياه مضافة لاحتياج النبات بشكل دوري، واتباع طرق ري حديثة في الزراعة مثل خطوط الري الطويلة.