شهدت محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، حيث تسيطر “الإدارة الذاتية”، حوادث متفرقة لعمليات سلب و”تشليح” تعرّض لها مواطنون على طرقات فرعية وفي مناطق خارج المدن الرئيسة.
الأمر المشترك بين هذه الحوادث، أن الضحايا جرى استدراجهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي خاصة صفحات تجارية في “فيس بوك”، يعرض فيها مستخدمون أدوات وآليات للبيع والشراء.
معمر الحسين (33 عامًا)، مواطن من القامشلي، قال لعنب بلدي إنه تعرض لعملية “تشليح” هاتفه ومبلغ من المال بالقرب من المنطقة الصناعية بالمدينة، عندما قرأ إعلانًا عن بيع خط “إنترنت” مستعمل بسعر رخيص من قبل أحد الأشخاص.
وأضاف أنه منذ عدة أشهر فُقدت خطوط شركة “أرسيل” للإنترنت من الأسواق وأصبحت غالية الثمن، وبدأ البعض ببيع خطوطهم بأسعار مرتفعة، وغالبًا كانوا ممن كانوا على وشك السفر خارج سوريا ولم يعودوا بحاجة إلى الخط.
اتفق معمر مع صاحب الإعلان على اللقاء عند المنطقة الصناعية، وعند الوصول إلى المكان فوجئ بثلاثة شبان يحملون السكاكين يحيطون به وأخذوا منه الجوال ومبلغًا من المال، ليختفوا بعدها بين المحال.
وتوجه معمر بعدها إلى مركز لـ”قوى الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، من أجل تقديم شكوى، وعلم داخل المركز بأن عدة أشخاص تعرضوا لسلب هواتفهم بنفس الأسلوب بذريعة بيع خط إنترنت بسعر رخيص، مضيفًا أنه إلى الآن لم يُقبض على المجموعة التي سلبت منه الجوال.
دارا الأمين (40 عامًا) من ريف القامشلي الغربي، اعتاد على عرض بعض السيارات والآليات للبيع على صفحته الشخصية، قال لعنب بلدي إنه فوجئ بصور لآلية زراعية يمتلكها، معروضة للبيع بسعر منخفض في موقع آخر وبسعر منخفض.
وذكر أن صاحب المنشور يدّعي وجود الآلية بريف الحسكة الشرقي، في حين أن الآلية كانت موجودة في مكتب للبيع، وكان واضحًا أن القصد هو الاستدراج والنصب والاحتيال، وفق دارا.
وأضاف دارا أنه تعرض لأكثر من محاولة استدراج من أجل “التشليح” بأسلوب العرض عبر وسائل التواصل، لافتًا إلى أنه أبلغ قسم “الجريمة المنظمة” عما حدث معه وزودهم بأرقام الهواتف المستخدمة، وأوضح أن بلاغاته لم تأتِ بـ”أي نتيجة”.
قد تصل إلى القتل
المحامي عبد الرحيم سليمان (40 عامًا)، قال لعنب بلدي إن عشرات الحوادث من هذا النوع سجلت في محاكم “الإدارة الذاتية”، وجرى فيها استدراج الضحايا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر المحامي أن ما حصل مؤخرًا مع الرجل الستيني علي المعروف وولده راغب (21 عامًا) مثال على ذلك، إذ جرى استدراجهما عن طريق عرض محرك زراعي للبيع، مع ذكر أن المحرك موجود في إحدى المشاريع الزراعية بين قريتي المجيبرة والسحيل شرقي الحسكة.
وعند توجه الأب والابن إلى المكان المحدد فوجئا بعصابة مكونة من نحو عشرة أشخاص تطلق الرصاص عليهما وأصابتهما بجروح، وبعدها سلبوهما أجهزة الجوال وما يحملانه من نقود (ثمن المحرك).
وحسبما رصدت عنب بلدي فإن المكان المذكور كان شاهدًا على عدة عمليات سلب يخطط لها بنفس الأسلوب (استدراج عبر الإنترنت).
وأوضح المحامي لعنب بلدي أن “استدراج مواطن لسلبه ممتلكاته سواء عبر الإنترنت أو غيره لا يُعد جريمة إلكترونية فحسب، بل يتضمن جريمتي الخداع والسرقة”.
وذكر أن محاكم “الإدارة الذاتية” تطبق قوانين الجرائم العامة على هذه الجرائم دون معاملة خاصة للأمور الإلكترونية (معظمه مستمد من قانون العقوبات السوري)، لافتًا إلى أن بعض الحالات “يمكن أن تتطور إلى القتل وحتى الاغتصاب ما يؤدي إلى عقوبات أكثر صرامة”.
وقالت “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، في 4 من كانون الثاني الماضي، في إحصائية عملياتها شمال شرقي سوريا، إنها استقبلت 882 شكوى خلال عام 2022، وتعاملت مع ستة ملفات تعاطي مخدرات، وتسعة ملفات تزوير، و75 ملف انتحال شخصية.
ولا تعد ظاهرة التسوق عبر الإنترنت، خاصة في مجموعات “فيس بوك”، أمرًا جديدًا في الحسكة، فهي منتشرة بكثرة منذ سنوات وتقوم على العرض والطلب، وتتم مرحلة البيع والشراء إما عبر التعليقات أو بحديث على “الخاص” بين البائع والمشتري.
ويلجأ سكان الحسكة كما في معظم مناطق سوريا، إلى الشراء عبر الإنترنت لكسب سعر أرخص من السعر في السوق.
اقرأ أيضًا: الصيف يزيد الطلب.. أسعار أدوات التبريد تتضاعف بالحسكة