منصة المتدربين- وفاء عبيدو
تشهد محافظتي السويداء ودرعا، جنوبي سوريا، مظاهرات احتجاجية طالبت بإسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه بشار الأسد، منذ 16 من آب الماضي.
سبق هذه التظاهرات، ظهور حركات مدنية جديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعت لتغيير سياسي وتحسين الظروف المعيشية والخدمية والاقتصادية للسوريين في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، بالإضافة لظهور حركة عسكرية أطلقت على نفسها اسم “حركة الضباط العلويون الأحرار”.
وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، لا تعرف الجهات التي تقف وراء هذه الحركات، أو إن كانت تعمل بشكل متناسق بين بعضها، وكذلك إمكانية أن تؤدي إلى ظهور حركات احتجاجية جديدة، رغم الصور التي تنشرها هذه الحركات عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تظهر قصاصات ورقية تحمل شعاراتها وأسماء المدن وتاريخ التقاط الصورة، وجميعها ضمن محافظات يسيطر عليها النظام السوري.
حركات افتراضية.. ما هو التأثير؟
ظهرت عبر موقع “فيس بوك”، في 5 من آب الماضي، حركة أطلقت على نفسها “10 آب”، وأطلقت بيانها الأول، طالبت من خلاله بإخراج المعتقلين والتوقف عن بيع أملاك الدولة، وتحسين الظروف المعيشية والخدمية، ورفع الرواتب ومحاربة صناعة المخدرات في سوريا.
بعد خمسة أيام من البيان الأول، بدأت الحركة بنشر تسجيلات مصورة وصور فوتوغرافية قالت إنها من داخل مدن يسيطر عليها النظام السوري، تظهر قصاصات ورقية تحمل شعارات احتجاجية، سبقها إصدار بيان ثان في 9 من آب، عقب ظهور رئيس النظام السوري بشار الأسد في لقاء تلفزيوني على قناة “سكاي نيوز عربية”.
اعتبرت الحركة حينها أن الأسد وحكومته أهملا مطالبها ولا يهتمان بما يطالب به السوريون، وعليه أعلنت بداية “حراكها السلمي”.
وبالتوازي مع ظهور حركة “10 آب”، ظهر في 12 من آب الماضي، تجمع شبابي يتبع لحركة “الشغل المدني” والتي تعمل في مناطق الساحل السوري، ونشرت هي أيضًا قصاصات ورقية حملت المطالب نفسها.
ويرى الكاتب والسياسي، بهنان يامين، في حديث لعنب بلدي، أن الحركة “غير واضحة المعالم”، رغم أن مطالبها المعلنة هي “صوت للشعب” وتحديدًا بعد رفع الدعم عن المحروقات.
من جهته قال عضو القيادة القطرية السابق لحزب “البعث”، مروان حبش، لعنب بلدي، إن حركة “10 آب” افتراضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط، وقد يكون وراءها شخص واحد وليس مجموعة من الأشخاص، ولا يمكن الجزم بمن يقف ورائها حتى الآن، وبالتالي لا يمكن معرفة مدى تأثيرها الحقيقي بحسب رأيه.
ورغم استمرار المظاهرات في مدينة السويداء منذ 16 من آب الماضي، لم تظهر أي شعارات أو لافتات تتبع لحركة “الشغل” أو لـ”10 آب”.
ومنذ انتشار المظاهرات الأخيرة في السويداء، لم يتحرك النظام السوري بشكل علني لمواجهتها، وتجاهلتها وسائل الإعلام الحكومية، واكتفى بإرسال وفود تفاوض “شيوخ العقل” في السويداء، مع تأكيدات من محافظ المدينة على تحسين الواقع الخدمي، فيما تجاهل الحديث عنها بشكل علني أو الإشارة لها.
لكن مصدرًا بفرع “أمن الدولة” في مدينة اللاذقية (تحفظ عن ذكر اسمه)، قال لعنب بلدي في 21 من آب، إن موجة اعتقالات شنتها أجهزة الاستخبارات، وسط حالة استنفار أمني كبير، خصوصًا بعد تمزيق صور لرئيس النظام، بشار الأسد، في مدينتي اللاذقية وجبلة.
وبحسب المصدر، فإن الاعتقالات شملت أشخاصًا يُشتبه بانضمامهم إلى “حركة 10 آب“، التي أُعلن عنها مؤخرًا، وتداول أعضاؤها قصاصات ورقية احتجاجية في مدن يسيطر عليها النظام.
وفق يامين، فإن رد فعل النظام غير الواضح تجاه هذه الحركات قد يجعل منها ذات تأثير أكبر أمام الناس.
من يقف وراء الحركات؟
منذ ظهور هذه الحركات، طالبت بتحسين الواقع المعيشي والخدمي في مناطق النظام السوري، قبل أن ترفع سقف مطالبها لتصل إلى تطبيق القرار الأممي “2254”، وإطلاق سراح المعتقلين، مع نشر صور يومية للقصاصات من محافظات سورية مختلفة.
وجاءت هذه المطالب التي حملتها القصاصات تحت شعار “الشعب السوري بكل طوائفه يقول كفى للذلّ”.
وبالتزامن مع ظهور حركة “10 آب”، عادت حركة “الشغل” للظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجددًا، بعد غيابها لفترة طويلة، كما ظهرت حركة “الضباط العلويون الأحرار” في الفترة ذاتها، وهي حركة عسكرية، ظهرت بمقطع تسجيلي مصور بالقرب من قبر حافظ الأسد في قرية القرداحة.
لا يعرف حتى الآن من يقف وراء حركة “10 آب”، سوى ظهور أحد مؤسسيها تحت اسم مستعار (أمير ناصر)، في لقاء تلفزيوني، ودون ظهور أي صورة له.
كما أن أعضاء حركة “الضباط العلويون الأحرار”، ظهروا مع وضع لثام على وجوههم أثناء تلاوتهم لبيانهم.
وتتباين الآراء حول هذه الحركات ودوافع ظهورها أو خلفية مؤسسيها، وقالت الصحفية والناشطة الحقوقية السورية منى عبود لعنب بلدي، إن الحركة “ذات خلفية مخابراتية للنظام السوري”، على اعتبار أن النظام يسمح في بعض الأحيان بالانتقاد شريطة عدم الاقتراب من رئيسه بشار الأسد، في حين وصف الكاتب بهنان يمين الحركة بـ”غير واضحة المعالم”.
وحملت البيانات الصادرة عن الحركات الثلاث، تشابهًا في الخط العام للمطالب، والتي شملت إطلاق سراح المعتقلين وسجناء الرأي، فيما تباينت في عدد من المطالب الأخرى، وفق ما رصدت عنب بلدي.