يتواصل سعر مادة السكر في أسواق مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا بالارتفاع، وبلغ ثمن الكيلو 14000 ليرة سورية (حوالي دولار أمريكي)، بالتزامن مع شح وقلة توفرها في الأسواق.
مشكلة متكررة يعاني منها الأهالي، ومع كل أزمة تتوجه أصابع الاتهام نحو مؤسسة “نوروز” الاستهلاكية التابعة لـ”الإدارة الذاتية” صاحبة السيطرة على شمال شرقي سوريا، باحتكار السلعة لغرض الربح المادي.
وأفادت مراسلة عنب بلدي في القامشلي، أن السلعة غير متوفرة في عدد كبير من المحلات التجارية، وفي حال توفرت فإن الكميات منها قليلة.
وكان سعر كيلو السكر بداية آب الحالي يبلغ 10 آلاف ليرة سورية وارتفع تدريجيًا.
هيفاء عبد القادر، سيدة من القامشلي، اشتكت خلال حديثها لعنب بلدي من أزمات السكر المتكررة، مضيفة أن السكر”يوم يكون متوفرًا ويوم لا، وما إن تنتهي أزمة حتى ندخل بأزمة أخرى”.
وأعرب طارق (اسم مستعار) موظف في دائرة تابعة لـ”الإدارة الذاتية” من القامشلي، عن سخطه من أزمات السكر شمال شرقي سوريا، قائلًا “صارت الأزمات أمرًا طبيعيًا، تنتهي أزمة وتخلق أخرى”، مشيرًا إلى أن الأهالي باتوا مدركين بأن الأمر أصبح احتكارًا للسكر ولغيره من المواد الغذائية.
احتكار ومخازن ممتلئة
عصمت الأحمد وهو صاحب محل تجاري (بقالية) في حي الموظفين بالقامشلي، قال إن أصحاب المحال ليسوا سببًا لارتفاع السعر، وإنما الأمر مرتبط بتحكم التجار الذين يمتلكون كميات كبيرة.
تاجر في القامشلي (على صلة بنوروز)، قال إن إغلاق معبر “سيمالكا” الحدودي مع العراق لا علاقة له بأزمة السكر، فقد بدأت الأزمة قبل إغلاق المعبر مباشرة.
وذكر أنه في حال كانت الجهات المسؤولة في “الإدارة الذاتية” جادة في حل مشكلة نقص السكر وارتفاع الأسعار، فيجب أن تسمح باستيراد السكر من قبل جميع التجار بحرية ودون تمييز.
وأضاف أن ما يحدث في المنطقة يكمن في حقيقة أن مؤسسة “نوروز” وعدد من التجار الذين يتبعون لها يحتكرون المواد الأساسية مثل السكر والنفط ومواد البناء والحصص الغذائية والمواد الغذائية والحديد والدخان، لافتًا إلى أن المخازن ممتلئة بالسكر حسب اطلاعه.
اتهامات متبادلة
مصدر مسؤول في مؤسسة “نوروز” (غير مخوّل بالتصريح)، أرجع أسباب الاحتكار إلى التجار في المنطقة، وقال لعنب بلدي إن المؤسسة تؤمن السكر للتجار عن طريق تسعة مخازن للمؤسسة في مناطق مختلفة من شمال شرقي سوريا.
وأضاف المصدر أن مشكلة احتكار مادة السكر تكون من طرف التجار، فالمؤسسة تؤمن لهم السكر بأسعار مقبولة، ودور المؤسسة توزيع السكر وتأمينه أما الرقابة وآلية توزيع التجار للمحال فهي مسؤولية التموين ومكتب حماية المستهلك.
ما مؤسسة “نوروز”؟
مع مطلع عام 2015، أعلنت “الإدارة الذاتية” عن تأسيس ما صار يُعرف محليًا باسم شركة “نوروز” في مدينة القامشلي التي تركّز نشاطها فيها مع بداية انطلاقها، إلا أنها امتدت لاحقًا إلى مدن ومناطق عديدة محافظة الحسكة.
ومع توسع مناطق نفوذ “الإدارة” وجناحها العسكري “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وسيطرتها على مناطق واسعة في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة وأجزاء من ريف حلب الشرقي، افتتحت “نوروز” فروعًا لها.
وتتبع فروع شركة “نوروز” لمركزها الرئيس في القامشلي، الذي يتبع بدوره لهيئة الاقتصاد بالمجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية”، وتمتلك الاستقلالية الإدارية والمالية عن بقية مؤسسات “الإدارة الذاتية”.
وتعمل “نوروز” الاستهلاكية على شراء البضائع المستوردة عن طريق تجار ووسطاء من مناطق سيطرة المعارضة السورية ومن إقليم كردستان العراق، في حين تنتج بعض المصانع التابعة للشركة عددًا من المواد الغذائية مثل الألبان ومشتقاتها في معمل بمدينة المالكية بريف الحسكة ومعمل الزيوت النباتية في القامشلي.
وتُتهم الشركة باحتكار المواد الغذائية الرئيسة وبيعها لتجار وأشخاص متنفذين في صفقات مشبوهة، كما تُتهم أيضًا بالتسبب بالكثير من الأزمات التي تمر بها مناطق شمال شرقي سوريا، ومن أبرزها أزمة السكّر الأخيرة.
بالمقابل قالت “الإدارة الذاتية” إن المؤسسة تتدخل بالأسواق كطرف تجاري يمنع احتكار المواد من قبل التجار، وتوفير المواد في الأسواق حال نفادها عن طريق مخازن استراتيجية موجودة في مستودعات شركة “نوروز”، بحسب مقابلة أجرتها قناة “روناهي” مع الإدارية في الشركة سوزان عبد الله محمد، عام 2019.
اقرأ أيضًا: مؤسسة “نوروز”.. عصا للاحتكار أم للتدخل الإيجابي شرق الفرات؟