أطلق ناشطون وفعاليات مدنية في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي حملة مجتمعية أهلية، بهدف إيصال صوت أهالي المدينة، نتيجة التهميش الحاصل لهم من قبل “مجلس الشورى العام” وحكومة “الإنقاذ” العاملَين في المنطقة.
انطلقت الحملة في 10 من آب الحالي، وحملت عنوان “لا لتهميش الأتارب”، بعد أن نقلت حكومة “الإنقاذ” عددًا من المؤسسات الخدمية من المدينة، وبسبب تردي الأوضاع الخدمية والحالة الاقتصادية والاجتماعية فيها.
عمل أبناء المدينة على إطلاق الحملة بهدف تسهيل حياتهم واستمرار تقديم الخدمات في المدينة.
إعادة المؤسسات الخدمية
تهدف الحملة إلى إعادة المؤسسات الخدمية المسحوبة من المدينة إليها، وتشكيل لجان مجتمعية منتخبة أو متوافق عليها لتمثيلهم وإيصال أصواتهم والمشاركة في حل مشكلاتهم، وإعادة تشكيل مجلس محلي منتخب أو بمشاركة مجتمعية دون تفرد أو تعيين، وفق ما ذكره بعض القائمين على الحملة لعنب بلدي.
أحمد عبيد كنور أحد منسقي الحملة قال لعنب بلدي، إن سحب المؤسسات من الأتارب بشكل تدريجي هو أبرز أسباب إطلاق الحملة، فقد كان فيها مقر جامعة “حلب” ومديرية “الصحة الحرة “بحلب و”المجمع التربوي”، ومعهد إعداد المدرسين، والسجل العقاري، وشعبة الأوقاف، إضافة إلى إفراغ دور المجلس المحلي في الأتارب، واعتماد سلطة مركزية تمحو دور السلطات المحلية.
وأضاف كنور أن أهالي منطقة الأتارب يعانون عدم تفعيل السجل المدني في المدينة، وحصر إخراج الهويات الشخصية بمراكز قرب مدينة الدانا شمالي إدلب، ما يتطلب الذهاب مرتين، في ظل فقر حال الناس.
ويوجد في مدينة الأتارب ما يقارب 70 ألف نسمة، وهناك نواحٍ وقرى تابعة لها تم تفعيل دورها وتهميش الأتارب، كما أن عدم تفعيل إدارة المواصلات الموجودة فيها وحصر التوجه إلى الدانا، زاد من معاناة الناس في المنطقة.
هدف الحملة خدمي
انطلقت الحملة وفق أنشطة أساسية، وهي الحشد والمناصرة محليًا لتحقيق المطالب، وتنظيم الوقفات الاحتجاجية، إضافة إلى إيصال قضية الأتارب للرأي العام ووسائل الإعلام، وتشكيل لجنة تمثيلية عن الحملة، وفق ما قاله محمد الشافعي لعنب بلدي.
وأشار الشافعي وهو ناشط مدني وأحد منسقي الحملة، إلى أن الخطوات التي يتخذها القائمون على الحملة في حال عدم تلبية مطالبهم، هي الاستمرار بها، ومن الممكن أن تكون باسم جديد، كون الحملة أوصلت مطالب المدينة إلى الرأي العام، إضافة إلى مراقبة تنفيذ المطالب التي تم أخذ وعود بتنفيذها.
ونوه الشافعي إلى أن هذه الحملة خدمية بحتة، لتحسين الخدمات في مدينة الأتارب، التي كانت قبل 2011 منطقة تتبع لها 25 بلدة وقرية، وحاليًا لا يتبع لها سوى 14 قرية ومجمعًا سكانيًا، فمن الضروري أن يكون فيها أفرع للمؤسسات الخدمية للسلطة الموجودة في الوقت الحالي.
وبحسب أحمد كنور فإن أنشطة الحملة كلها بالوسائل السلمية لإيصال صوت المجتمع في الأتارب كمنطقة ومدينة، وقد عمل منسقو الحملة على جمع المطالب من شرائح مختلفة في الأتارب، وعبر لوحة كبيرة من القماش كتب الأهالي مطالبهم عليها، وتُسلم تلك المطالب لأي جهة رسمية تتواصل مع الحملة.
“الإنقاذ” تجتمع مع أهالي الأتارب
بعد انطلاق حملة “لا لتهميش الأتارب”، عمل القائمون عليها على تنظيم وقفة احتجاجية في 14 من آب الحالي، ضمت أهالي المدينة وناشطين، وحمل المحتجون لافتات كتب عليها “أعيدوا ثقل الأتارب الإداري والاقتصادي والاجتماعي، مللنا من الاجتماعات والمؤتمرات وصورها، نريد أفعالًا ونتائج ملموسة وليس أقوالًا، الأتارب هي أكسجين المنطقة، فلا تجعلوها تلفظ أنفاسها الأخيرة”.
بعد الوقفة بيوم حضر وفد من حكومة “الإنقاذ” إلى المدينة وعقد اجتماعًا برعاية إدارة المنطقة، حضره رئيس حكومة “الإنقاذ” ونائبه ورئيس “مجلس الشورى العام” ونوابه، وممثلون عن مدينة الأتارب.
وناقش المجتمعون كل طلب على حدة، وأجاب عنها رئيس “الإنقاذ”، علي كده، منها متابعة مصابي الحرب وضرورة الاهتمام بهم والبحث عن وظائف مناسبة لهم، وعن معاناة الوصول الى المجمع التربوي في ترمانين، بحسب ممثلي الحملة.
وقال محمد الشافعي، إن ممثلي حكومة “الإنقاذ” أبدوا تجاوبًا، وأقروا بعض الإجراءات التي سيتخذونها فيما يخص المؤسسات الخدمية بعد الاجتماع، وكانت هناك قرارات ودراسات لوجود أفرع لمؤسسات في مدينة الأتارب.
وتقرر في مخرجات الاجتماع الذي جمع ممثلي مدينة الأتارب وحكومة “الإنقاذ”:
– إعادة السجل العقاري إلى مدينة الأتارب.
– إنشاء شعبة (فرع) لمعهد إعداد المدرسين في الأتارب.
– تزويد المدينة بآليات جديدة حديثة قادرة على القيام بالخدمة عوضًا عن المسحوبة منها.
– تفعيل مكتب لإدارة المنطقة ضمن الأتارب لمتابعة أمور المدينة والشكاوى.
– تفعيل مديرية الزراعة في المدينة وتقديم خدماتها للمزارعين.
– دعم أي عمل اجتماعي يخدم المدينة (تشكيل لجان مجتمعية تمثيلية ومتابعة).
أما فيما يخص الطلبات التي قدمها أهالي الأتارب وتحولت إلى الدراسة فهي:
– فتح مركز لتجديد رخص السيارات (معاينة).
– وضع خطة عمل لصيانة المنصف والأرصفة والتشجير وهي قيد الإعداد بين إدارة المنطقة وشركة “E-clean” للنظافة.
– البحث عن موقع لحديقة في مدينة الأتارب.
– إعداد دراسة من إدارة المنطقة يتم من خلالها وضع نظام داخلي للمجالس المحلية، تتضمن مهام ووظائف وصلاحيات هذه المجالس وطرق تشكيلها في المستقبل القريب.
– إنشاء محكمة للصلح في ترمانين.
– إعداد قانون الآداب العامة والذوق العام ومحددات التعامل بين الموظف والمواطن بعيدًا عن الطريقة الأمنية.
– ترميم مكاتب في المجلس المحلي للمدينة والبحث عن مكان آخر مناسب له في المستقبل.
وطالب الأهالي بتوضيح حول عدم إنشاء مكتب إصدار البطاقات الشخصية، وكان الرد بأن الأمر متوقف على وجود الكابل الضوئي، إضافة إلى إقامة مستشفى الأطفال والأمومة، فكان الجواب أنه يتم دراسة الطريقة التي تمت بها عملية النقل من المدينة إلى مكان آخر وكيفية إعادته، كونه يدار من قبل منظمة إنسانية.
ويحتاج افتتاح فرع للجامعة في الأتارب إلى دراسة من قبل المختصين، وتم في نهاية الاجتماع تسليم مطالب أهالي الأتارب إلى رئيس حكومة “الإنقاذ”.
ماذا قالت “الإنقاذ”
وعن تنفيذ المطالب من قبل حكومة “الإنقاذ” قال أحمد كنور، إنه إلى الآن لم تتحقق المطالب، وينتظر القائمون على الحملة الاستجابة، وفي حال تم تمييع مطالب الحملة، فإن القائمين عليها سوف يستمرون بحملتهم حتى تحقيق كامل مطالبها.
مدير العلاقات العامة في حكومة “الإنقاذ”، جمال شحود، قال لعنب بلدي، إن “الإنقاذ” تعمل على تقديم الخدمات لجميع المناطق بسوية واحدة، مع مراعاة الوضع الأمني كالقرب من خطوط التماس لبعض المؤسسات الحكومية ما قد يشكل خطرًا عليها، كالجامعات والمدارس وأماكن التجمعات الكبيرة على وجه الخصوص.
وأطلقت “الإنقاذ” عدة مشاريع خدمية في مدينة الأتارب، منها مشروع تعبيد طريق كفركرمين- الأتارب وهو طريق رئيس فيها، وتعمل بالتنسيق مع الجهات الإنسانية لتنفيذ أعمال صيانة لعدة طرقات فرعية ضمن المدينة، وفق شحود.
وأضاف شحود أن بلدية المنطقة الشمالية التابعة لـ”الإنقاذ” أجرت دراسات لإنارة شوارع الأتارب، وأن أعمال تجميل وإصلاح الدوارات والمنصفات قائمة، وأن إعادة تأهيل الحديقة باتت قريبة.
وأشار إلى أن وزارة التنمية والشؤون الإنسانية فعّلت دائرة فرعية لها في الأتارب، وتم تفعيل مكتب للمديرية العامة للمصالح العقارية لخدمة، وتم تنفيذ أعمال صيانة لثانوية “الأتارب الصناعية” شارفت على الانتهاء، لافتًا إلى أن عدة أعمال يتم العمل عليها قريبًا بعد انتهاء دراسة مدى تطبيقها.
وتعرضت مدينة الأتارب لدمار كبير في بنيتها التحتية، نتيجة الزلزال الذي ضرب تركيا وشمالي سوريا في شباط الماضي، وبحسب “الدفاع المدني السوري”، فإن مدينة الأتارب خسرت 155 شخصًا، وأُصيب 255 آخرون، وهي ذات بنية تحتية هشة، بفعل عمليات القصف والتدمير في السنوات السابقة.
اقرأ أيضًا: الأتارب.. مدينة “هامدة” يخيم عليها الحزن بعد الزلزال
–