بعد نحو أقل من ثلاث سنوات على تعيين مندوب سوريا السابق لدى الأمم المتحدة، بسام صباغ، في هذا المنصب، نقله مرسوم رئاسي صدر حديثًا إلى مركز نائب وزير الخارجية، لتنتهي بذلك حقبة مثّلها صباغ تحمل ذات نهج من سبقوه، وتزيد من رصيد الإدانات الدولية بحق النظام الذي يمثله.
وأصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 27 من آب، مرسومًا يقضي بنقل بسام صباغ، من المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة إلى الإدارة المركزية لوزارة الخارجية، بصفته نائبًا لوزير الخارجية.
وحدد المرسوم تنفيذ إجراءات النقل، بما في ذلك مهلة الطريق، خلال مدة شهرين اعتبارًا من تاريخ صدور المرسوم، دون تحديد من سيشغل المنصب بديلًا عن صباغ.
وكان الأسد قد عيّن بسام صباغ مندوبًا في 22 من تشرين الثاني 2020، لكن تقديم أوراقه في المؤسسة الأممية جاء في شباط من العام الذي تلاه.
روايات متشابهة
خلف بسام صباغ في الأمم المتحدة، المندوب الأسبق، بشار الجعفري، والذي تولى بدوره منصب نائب وزير الخارجية حينها، قبل أن يعاد تعيينه في منصبه الحالي سفيرًا في روسيا.
ولم تختلف روايات صباغ عن سابقه فيما يخص الملفات التي تدان بها حكومة النظام وقواته، إذ انتهج أسلوب إنكار هذه الإدانات، موجهًا الاتهامات للدول الغربية تارة، ولمؤسسات الأمم المتحدة تارة أخرى بتحيزها ضد “الدولة السورية”.
تسع جلسات لمجلس الأمن الدولي حول تنفيذ القرار “2118” بشأن إزالة برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا، عام 2022، ويتشابه، كل مرة، التقرير الذي تتلوه الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح الكيماوي، إيزومي ناكاميتسو، أو نائبها، بعدم إحراز أي تقدم من قبل النظام السوري.
واستخدم صباغ خلال جلسات مجلس الأمن التسع، خطابًا إنكاريًا ممنهجًا، بما يتوافق وخطابات النظام السوري الذي يمثله، إذ اعتاد أن يرفض ما وصفها بـ”الاتهامات الباطلة” الموجهة للنظام من ممثلي الدول الغربية، داعيًا إلى عدم انعقاد الجلسات بشكل شهري، بحجة “عدم وجود أي تطورات تتطلب أن يجتمع المجلس لمناقشتها”.
كما كرر اتهام ذات الدول “بممارسة الضغوط السياسية” على الأمانة الفنية لمنظمة “حظر الأسلحة الكيمياوية” وفرقها المختلفة، التي “أثّرت” على مسار عملها، مع التأكيد بذات الوقت على تقديم السلطات السورية كافة “التسهيلات” لفريق بعثة تقصي الحقائق.
ولم ينجح صباغ خلال فترة تمثيله في الأمم المتحدة “بإغلاق” ملف الكيماوي، وهو الذي صرح خلال جلسة مجلس الأمن، في 5 من كانون الثاني الماضي، أن “استمرار تعاون سوريا مع منظمة (حظر الأسلحة الكيماوية) هو لإغلاق ملف الكيماوي فيها”، حاملًا في تنصيبه من مندوب النظام لمنظمة حظر الأسلحة إلى مندوبها في الأمم المتحدة، رواية الكيماوي السورية.
في 11 من آذار 2020، دعا صباغ الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة (وكان حينها مندوب سوريا فيها) إلى “تغيير نهجها”، مشددًا على ضرورة “حياديتها واستقلالها” بما يعيد الثقة بالتقارير التي ستصدر عن فرقها مستقبلًا، على حد قوله.
وشغلت جلسات مجلس الأمن الخاصة بسوريا عدة نقاشات حول عبور المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، حيث كانت رواية النظام موجودة عبر صباغ الذي اعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، يمارسون “ابتزازًا سياسيًا وإنسانيًا”، عبر إرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وقال صباغ، إن بعثة سوريا في الأمم المتحدة، تعمل على شرح موقفها لـ”الأصدقاء” في مجلس الأمن، والتوضيح بأن آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، لا تحترم معايير الحفاظ على سيادة واستقلال الأراضي السورية، التي تأتي في مقدمة كل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسوريا.
حقبة مليئة بالإدانات
ازدادت حدة الإدانات خلال فترة تولي بسام صباغ منصبه في الأمم المتحدة، إذ دعا نائب الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، أديديجي إيبو، في أحدث جلسة دورية لمناقشة تطورات الملف الشهر الحالي، مجلس الأمن للاتحاد وإظهار دور قيادي في عدم التسامح مع الإفلات من العقاب في حالات استخدام الأسلحة الكيماوية.
وخلال فترة تولي بسام صباغ منصبه في الأمم المتحدة، أصدرت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، في 27 من كانون الثاني الماضي، تقريرًا يثبت مسؤولية قوات النظام في هجوم بغاز الكلور السام، على مبنيين سكنيين في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين في دوما، مما أسفر عن مقتل 43 شخصًا وإصابة عشرات آخرين.
وصدر بعدها في شباط، بيان دولي مشترك دعا لمحاسبة النظام السوري جراء انتهاكه معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن المقررة للاستماع لتقرير منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” حول المسؤولية عن الهجوم الذي وقع في مدينة دوما بريف دمشق يوم 7 من نيسان 2018.
وفي ملف المفقودين والمختفين قسرًا في سوريا، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء مؤسسة دولية في تموز الماضي، لتوضيح مصير المفقودين وأماكن وجودهم في سوريا، وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين وأسر المفقودين، بعد التصويت على مشروع القرار في 29 من حزيران الماضي.
ووصف المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، المؤسسة بأنها “مسيسة”، معتبرًا أن النظام لم يكن طرفًا في أي من هذه المناقشات التي جرت، ولم تتم دعوته إليها، ولم يتم التشاور معه بشأن إنشاء هذه المؤسسة.
وجاء إنشاء المؤسسة بعد ضغط مؤسسات حقوقية سورية وتقرير لجنة التحقيق الأممية بإنشاء هذه المؤسسة، وهو ما زاد الضغوط الدولية على النظام الذي يعد صاحب المسؤولية الأكبر عن االمفقودين والمختفين قسرًا في سوريا، إذ لا يزال قرابة 122 ألف مختفٍ قسريًا، نحو 86% منهم لدى قوات النظام السوري، وفق إحصائية “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.
من بسام صباغ
ولد بسام صباغ في 1 من كانون الثاني 1969 في حلب، وهو حاصل على إجازة من المعهد العالي للعلوم السياسية في سوريا عام 1990.
وكان مديرًا مناوبًا في مكتب نائب وزير الخارجية من 2000 إلى 2001، ومسؤول مكتب في وزارة الخارجية بين عامي 1994 و1995.
وشغل منصب سكرتير ثانٍ بالسفارة السورية في واشنطن خلال الفترة من 1995 إلى 2000.
عمل بسام صباغ خارج سوريا مستشارًا سياسيًا في البعثة الدائمة لسوريا لدى الأمم المتحدة في نيويورك في الفترة من 2001 إلى 2006.
ما بين 2006 و2010، كان صباغ مدير إدارة في مكتب وزير الخارجية بدمشق.
وكان الصباغ الممثل الدائم لسوريا لدى مكتب الأمم المتحدة في فيينا، وسفير النظام لدى النمسا وسلوفاكيا وسلوفينيا من 2010 إلى 2020.
وشغل منصب مندوب سوريا الدائم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، ومكتب الأمم المتحدة المختص بالمخدرات والجريمة (UNODC).
وما بين 2013 و2020، شغل صباغ منصب المندوب الدائم لسوريا لدى منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي بهولندا قبل أن يتولى منصب المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في 2020.