
Image Source: Canva
Image Source: Canva
د. أكرم خولاني
من الملاحَظ أن البلوغ عند الأطفال أصبح يحدث في وقت أبكر مما كان يحدث في الماضي، وخاصة عند الإناث، ولعل أحد أكثر المواضيع التي تشغل تفكير الوالدين عند ظهور علامات بداية البلوغ عند طفلهم هو البلوغ المبكر، فليس من المعتاد أن تظهر علامات البلوغ على الأطفال، وهنا تختلط المفاهيم لدى الوالدين بين ما هو طبيعي وما هو مرضي يستلزم العلاج، إذ لا تحتاج كل حالات بدء أعراض البلوغ عند الطفل إلى العلاج حتى لو حدث ذلك بسن صغيرة، فقد يكون من الأنسب مراقبة سير وتطور البلوغ المبكر في مساره الطبيعي، لذلك من المهم جدًا التفريق بين مراحل البلوغ المبكرة التي تستدعي والتي لا تستدعي العلاج.
البلوغ (Puberty) هو مجموعة التغيرات الجسدية التي تحدث بشكل متسلسل ومتتابع، وتتضمن النمو السريع للعظام والعضلات، وتغير شكل الجسم وحجمه ليأخذ شكل الإنسان البالغ، وتطور في قدرة الجسم على التكاثر.
تحدث بداية البلوغ عندما تبدأ المنطقة تحت المهاد أو الهيبوثالاموس (منطقة الدماغ التي تتحكم بالغدة النخامية) بإفراز محفزات كيماوية يُطلق عليها اسم الهرمون المُطلق لموجهة الغدد التناسلية، حيث تستجيب الغدة النخامية إلى هذه المحفزات عن طريق تحرير هرمونين يُطلق عليهما اسم موجهتي الغدد التناسلية (الهرمون الملوتن LH والهرمون المنبه للجريب FSH)، يحفزان نمو الغدد الجنسية (الخصيتان عند الذكر والمبيضان عند الأنثى)، وتُفرز هذه الغدد الجنسية الهرمونات الجنسية (التستوستيرون والإستروجين) التي تسبب البلوغ.
في الحالات الطبيعية عادة ما يبدأ البلوغ عند الذكور بين عمر 9 و14 سنة، وتكون العلامات الأولى للبلوغ عند الذكور هي زيادة حجم الخصيتين وكيس الصفن، ثم زيادة طول القضيب، وبعد ذلك ينمو شعر العانة والإبطين.
أما عند الإناث فعادة ما يبدأ البلوغ بين عمر 8 و13 سنة، وتكون العلامة الأولى على البلوغ هي زيادة حجم الثديين (تبرعم الثديين)، بعد ذلك بفترة قصيرة يبدأ شعر منطقتي العانة والإبطين بالنمو.
تستغرق عملية البلوغ 4-6 سنوات تقريبًا حتى يتم إتمام النمو الجسدي والنضج الجنسي الكامل، وعادة بعد أول عرض بمعدل 2-2.5 سنة يبدأ أول نزف للعادة الشهرية عند الفتيات ويبدأ إنتاج النطاف عند الفتيان، وفي هذه المرحلة تزداد سرعة النمو بالتدريج، ثم في السنوات 2-2.5 اللاحقة يتباطأ النمو بالتدريج إلى أن يتوقف مع إغلاق لوحات النمو، وبشكل عام يتوقف الطول عن الزيادة في عمر 15-16 عامًا عند الفتيات و17-18 عامًا عند الفتيان.
أما البلوغ المبكر (Precocious Puberty) فهو الحالة التي يبدأ فيها البلوغ في مرحلة مبكرة جدًا، أي في عمر قبل سن 8 سنوات عند الفتيات، وقبل سن 9 سنوات عند الأولاد.
تتضمن مضاعفات البلوغ المبكر المحتملة ما يلي:
هناك ثلاثة أنواع من البلوغ المبكر:
البلوغ المبكر المركزي: يعد هذا النوع من البلوغ المبكر الأكثر شيوعًا بين الأنواع الثلاثة، ويحدث بمعدل أعلى لدى الفتيات بنسبة تصل إلى 5- 10 أضعاف منه عند الأولاد.
علامات البلوغ المبكر المركزي تحدث بشكل نمطي كما في البلوغ الطبيعي تمامًا، لكنها تحدث مبكرًا، ويجري تحفيز البلوغ في هذا النوع بسبب الإفراز المبكر لهرمونات جنسية محددة (موجهات الغدد التناسلية) من الغدة النخامية، فتسبب هذه الهرمونات نضج الغدد الجنسية وزيادة حجمها (المبيضان أو الخصيتان)، وحالما تنضج الغدد الجنسية فإنها تبدأ بإفراز الهرمونات الجنسية الأخرى (الإستروجين أو التستوستيرون والإندروجينات) التي تحفز البلوغ.
البلوغ المبكر المحيطي: ويسمى البلوغ الكاذب المبكر، وفيه لا يتحفز إفراز الهرمونات الجنسية بموجهات الغدد التناسلية التي تفرزها الغدة النخامية، وعوضًا عن ذلك فإن المستويات المرتفعة من الإندروجينات أو الإستروجين يجري إنتاجها من قبل ورم أو شذوذات في الغدة النخامية أو خصية غير ناضجة أو أحد المبيضين، ولا تسبب هذه الهرمونات نضج الخصيتين أو المبيضين ولكنها تحفز تطور الصفات الجنسية الثانوية.
وبما أنه يمكن لكل من الذكور والإناث الذين لديهم بلوغ محيطي مبكر إنتاج الإستروجين أو الإندروجينات، فإن التغيرات الجسدية المرافقة للبلوغ تعتمد على الهرمون المُنتج أكثر من جنس الطفل، أي أن الأورام والشذوذات التي تُنتج الإستروجين تؤدي إلى نمو نسيج الثدي عند الذكور والإناث، في حين أن الأورام والشذوذات التي تُنتج الإندروجينات تؤدي إلى نمو شعر العانة والشعر تحت الإبطين، ورائحة جسد البالغ، وحب الشباب عند الذكور والإناث، وزيادة حجم القضيب عند الذكور (ولكن ليس الخصيتين).
البلوغ غير الكامل: قد تظهر لدى بعض الأطفال علامات قليلة فقط من علامات البلوغ بشكل مبكر، وعادة ما يشمل ذلك النمو المبكر للثديين أو شعر العانة، دون أن يترافق ذلك بأي علامات أخرى على البلوغ مثل زيادة حجم الخصيتين أو المبيضين أو حدوث الدورة الطمثية أو طفرة النمو، ولكن غالبًا ما يترافق الظهور المبكر لشعر العانة (بين عمر 6 و8 سنوات) مع ظهور حب الشباب ورائحة أجساد البالغين، وينمو شعر العانة بشكل مبكر لأن الغدة الكظرية تزيد من مستويات الأندروجينات التي تنتجها ولكن لا تُلاحظ أي زيادة في إنتاج موجهات الغدد التناسلية أو الإستروجين بالتزامن مع النمو الباكر لشعر العانة.
لا يمكن تحديد سبب للبلوغ المبكر لدى معظم الأطفال المصابين بهذه الحالة، ولكن في حالات نادرة يكون هناك سبب واضح.
فيمكن أن يكون البلوغ المبكر المركزي نتيجة لما يلي:
أما البلوغ المبكر المحيطي فقد يحدث نتيجة لما يلي:
وعند الفتيات، قد يرتبط البلوغ المبكر المحيطي أيضًا بما يلي:
وعند الفتيان، قد ينجم البلوغ المبكر المحيطي أيضًا عما يلي:
نعم، تشمل العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة:
من الضروري تشخيص حالة البلوغ المبكر من قبل الطبيب لتحديد الحالات التي تستلزم العلاج والحالات التي تكفي مراقبتها، وهذا ما سنتطرق إليه في العدد المقبل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى