ما طقوس عيد “الفرح بالله” الخاص بالطائفة المرشدية في سوريا
يحتفل أبناء الطائفة المرشدية في سوريا بعيدهم، عيد “الفرح بالله يوم 25 آب من كل عام، ويمتد على مدى ثلاثة أيام، يمارسون فيها طقوسًا دينية واجتماعية، إضافة إلى تحضيرات تخص الحلويات والملابس، باتت اليوم تكلف الكثير من الأموال.
وتتميز طقوس الاحتفال بالسرية لتجنب الانتقادات بالبذخ والترف، خاصة مع تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، لكن أبناء الطائفة يعتقدون أنه عيدهم الوحيد ومن حقهم الاحتفال به.
أغيد (38 عامًا) مهندس معلوماتية من منطقة الفاخورة بريف اللاذقية، قال إن تجهيزات العيد كلفته هذا العام نحو خمسة ملايين ليرة سورية، تتضمن الحلويات والملابس له ولأفراد عائلته المؤلفة من زوجة وثلاثة أطفال.
واشترى أغيد ثمانية كيلوجرامات من الحلويات المتنوعة والشوكولا، ودفع لقاء ذلك 1.7 مليون ليرة تقريبًا، إضافة إلى بعض الفواكه والمكسرات كلفته نحو 500 ألف ليرة.
وقضمت الملابس الجزء الأكبر من الكلفة، وفق أغيد، مضيفًا أنه اعتاد شراء بدلين لكل يوم من أيام العيد، واحد يُلبس صباحًا وآخر خاص بالسهرة التي تتضمن طقوسهم الدينية في مكان يدعى المحفل أو الساحة، حيث يرقصون على أنغام أغاني خاصة بهم.
لكن هذا العام، اكتفت العائلة بشراء بدل واحد للأيام الثلاثة لكل فرد فيها، مع الاستعانة بملابسهم بالأيام العادية وإدخال بعض التعديلات عليها لتناسب العيد.
تمكن أغيد من شراء مستلزمات العيد، بعد استلامه حوالة مالية 500 يورو (نحو ستة ملايين ليرة) مرسلة من شقيقته التي تقيم في أوروبا، والتي اعتادت أن ترسل للعائلة حوالة بمناسبة العيد كل سنة منذ هجرتها، والمبلغ يكفيه للعيد ولمستلزمات المدارس.
وتساوي كل 14550 ليرة سورية دولارًا أمريكيًا واحدًا، بحسب موقع “الليرة اليوم“، المتخصص بأسعار الصرف والعملات.
التحضيرات تبدأ قبل شهر
تبدأ التحضيرات لعيد “الفرح بالله” قبل شهر من المناسبة، وتتضمن شراء الملابس و”تعزيل” المنازل، وزراعة الورود سواء على الشرفات في المدن، أو أمام المنازل في الأرياف.
عبير (29 عامًا) من صلنفة بريف اللاذقية، قالت إن أفراد عائلتها يبدؤون بشراء الملابس أولًا، ثم ينظفون المنازل بشكل كامل، وبعدها ينتقلون لمرحلة شراء الحلويات، مضيفة أنهم ومنذ اقتصار وصول الكهرباء على ساعتين خلال الـ24 ساعة، باتوا يوصون على الحلويات ويدفعون نصف ثمنها ويتركونها لدى محل الحلويات، ليأخذونها إلى منازلهم قبل يوم واحد من العيد لضمان أن عدم فسادها بسبب الحرارة.
في السابق كما ذكرت الشابة، كانت العائلة تشتري ست بدلات كاملة لكل فرد في العيد، وحتى الملابس الداخلية يجب أن تكون جديدة، وفي حال أراد أحدهم تغيير أثاث منزله، فإنه يؤجل لفترة ما قبل العيد، لكن اليوم البدل الواحد يكلف أكثر من 500 ألف ليرة، لذا فالأولوية للشابات والأطفال أولًا، ثم الأب والأم.
كلّفت طاولة الحلويات لدى أهل عبير نحو مليوني ليرة تقريبًا، وتترك لها مهمة تنسيقها، وغالبًا ما توضع هذه الطاولة وسط غرفة الضيوف، إلى جانب إبريق القهوة العربية.
يدّخر أبناء هذه الطائفة المال طيلة العام، لشراء احتياجات العيد، الذي يعتبر الفرح فيه مقدسًا ويجب على الجميع عيش تفاصيله سواء بالرقص أو الحلويات أو الملابس الجديدة، وحتى الطقوس الدينية السرية المرافقة له.
ويتبادل أبناء الطائفة المرشدية التهاني بقدوم العيد في الصباح، إذ يجولون على منازل بعضهم البعض، وتتضمن المعايدة عبارة “هنأكم الله على الإيمان” ويرد الشخص “وأسعد حياتك”.
وفي فترة المساء يتوجه المحتفلون إلى صالة مغلقة تسمى الساحة أو المحفل، يرقصون حتى الصباح ويرددون أغاني دينية خاصة بهم.
ويمنع على أبناء بقية الطوائف مشاركتهم حضور حفلهم الذي يعتبر خاصًا بهم وبدينهم.
تكاليف عالية وأزمة نقل
تنشط حركة الحلويات في آب قبل عيد “الفرح بالله”، وتنتشر إعلانات محال الحلويات في الشوارع، فالعيد يشكل موسمًا جيدًا بالنسبة لأصحاب المحال التجارية.
وارتفع سعر كيلو الحلويات الشرقية إلى أكثر من 300 ألف ليرة، وهي النوع الأساس على طاولة العيد، ولجأ بعض أبناء الطائفة إلى شراء الحلويات العربية بالفستق العبيد وليس الحلبي أو الجوز، إذ يتراوح سعر الكيلو منه بين 50 و75 ألف ليرة.
ولجأ وثوق (45 عامًا) وهو من الفاخورة أيضًا، إلى شراء كيلو جرامين فقط من الحلويات الشرقية باهظة الثمن، بينما اشترى بقية الحلويات من الأنواع الأخرى الأقل ثمنًا، فمدخراته التي خبأها من عمله سائق حافلة على خطوط إحدى الأرياف في اللاذقية لم تعد تكفيه كما السابق.
وأدت أزمة النقل الخانقة وارتفاع أجور المواصلات إلى فقدان العيد الكثير من طقوسه، مثل طقس زيارة الأقارب البعيدين، فاليوم تتجاوز أقل أجرة سيارة خاصة “تكسي” بين أرياف اللاذقية 200 ألف ليرة مهما كانت المسافة قريبة.
ولا يعترف في سوريا بالمرشدية ديانة حتى اليوم، وينسب أبناؤها إلى دين الإسلام في الوثائق الرسمية.
ويقتصر وجود الطائفة على سوريا وتوجد في سلسلة جبال الساحل، بين محافظتي اللاذقية وحماة، وتعتبر بلدتا جوبة برغال وشطحة أبرز معاقلها.
اقرأ أيضًا: وفاة “نور المضيء” نجل مؤسس الطائفة المرشدية في سوريا
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :