يباع لتجار بمناطق سيطرة "قسد"
“المؤقتة” تتخلى عن قمح رأس العين
رأس العين – حسين شعبو
يشكو مزارعو مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة من تكدّس محصول القمح لديهم، لعدم تسلم “الحكومة السورية المؤقتة” إلا كميات قليلة منه.
ويشكل عدم تسلم القمح تحديًا حقيقيًا للمحصول الاستراتيجي وللمزارعين، نظرًا إلى غياب أماكن مناسبة للتخزين وصعوبات في الحفاظ على جودة المحصول، ما يؤدي إلى تلفه.
ودفعت هذه الحالة بمزارعين كثر لبيع المحصول لتجار يشترونه بأسعار منخفضة، ويرسلونه إلى مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مستغلين حاجة المزارع وعدم تسلم القمح من قبل “المؤقتة”.
“المؤقتة” متوقفة عن تسلم القمح
قال محمد عزيز (50 عامًا)، وهو مزارع من رأس العين، إن إنتاج 40 دونمًا التي يملكها من القمح بلغ 95 طنًا هذا العام، وواجه صعوبات في تصريف المحصول لأن سعر الشراء متدنٍّ.
وأضاف أن تحديد سعر شراء طن القمح القاسي الصافي من الدرجة الأولى من “الحكومة المؤقتة” بـ330 دولارًا أمريكيًا، بعد أن كان العام الماضي بـ480 دولارًا، أمر لم يرضِ الفلاحين ولا يتناسب مع التكاليف.
رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي برأس العين، عمر حمود، قال لعنب بلدي، إن موسم القمح هذا العام كان وفيرًا بواقع 75 ألف طن في أراضي رأس العين، وإن “الحكومة المؤقتة” وعدت بتسلم 30 ألف طن منه، إلا أنها تسلمت فقط 4200 طن.
وأوضح حمود أن عدم تسلم “المؤقتة” أثر سلبًا على المزارعين، ومكّن التجار من التحكم بأسعار القمح وتخفيضها بشكل كبير.
تواصلت عنب بلدي مع وزير الزراعة في “الحكومة المؤقتة”، هايل أحمد خليف، للحصول على توضيحات عن أسباب عدم تسلم “المؤقتة” المحصول من المزارعين، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.
“رهينة” بيد التجار
قال المزارع محمد عزيز، إن المزارعين باتوا عرضة للاستغلال من قبل تجار يشترون منهم المحصول بأسعار منخفضة جدًا، ويبيعونه لتجار ضمن مناطق سيطرة “قسد”.
ويدخل القمح إلى مناطق سيطرة “قسد” محملًا بالشاحنات بطرق غير نظامية (تهريب) عبر معبر “التروازية” الذي تسيطر عليه فرقة “الحمزة” (الحمزات) ومعبر “التفاحة” الذي يسيطر عليه فصيل “أحرار الشرقية”، ويشهد المعبران حركة مرور نشطة لتمرير القمح، ويتبع الفصيلان المذكوران إلى “الجيش الوطني السوري”.
خالد عبد الوهاب (40 عامًا)، مزارع آخر من رأس العين، قال إن التجار يدفعون مبلغ 200 دولار أمريكي لطن القمح القاسي وحددت “المؤقتة” سعره بـ330 دولارًا، في حين يدفعون للطن الطري 175 دولارًا وحددته “المؤقتة” بـ285 دولارًا.
واعتبر خالد أن المزارعين في الوقت الحالي باتوا “رهينة” بيد التجار، محملًا مسؤولية ذلك إلى “الحكومة المؤقتة”، لافتًا إلى أنها لم تدعم المزارعين وقت الزراعة وتركت محصولهم عند الإنتاج.
وشدد رئيس مكتب الزراعة، عمر حمود، على أهمية وجود جهة مسؤولة تتسلم الحبوب من المزارعين، وتلتزم بدفع أسعار تعكس تكاليف الإنتاج والواقع الاقتصادي الحالي، ما يعزز توازن الأسعار ويحمي حقوق المزارعين من التجارة غير المنصفة، حسب قوله.
ولفت حمود إلى ضرورة اتخاذ إجراءات جدية لتحسين الوضع الحالي، وضمان تسلم كامل المحصول بأسعار تدعم جهود المزارعين، وتسهم في استدامة القطاع الزراعي بالمنطقة.
ويعد محصول القمح أهم المحاصيل التي يزرعها فلاحو المنطقة بالإضافة إلى محصول الشعير، ويشكلان مصدر الدخل الرئيس لسكان المنطقة الذين يعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على الزراعة.
وواجهت منطقة رأس العين عديدًا من المشكلات، منها فرض رسوم المنشأ قبل إلغائها نتيجة مطالب سكان المنطقة، وحفر الخندق الذي قطّع أوصال الأراضي الزراعية، ما أثر سلبًا على إنتاج موسم هذا العام.
“رسوم وخندق”
مع بدء موسم الحصاد منذ أيار الماضي، اشتكى مزارعون في تل أبيض ورأس العين من فرض “إتاوات وضرائب” من قبل فصائل عسكرية ومجالس محلية في المنطقة على محاصيلهم الزراعية، قوبلت بنفي الأخيرة.
وبعد تكرار الشكوى، نشرت “حركة التحرير والبناء” التابعة لـ”الجيش الوطني” بيانًا، في 12 من حزيران الماضي، ذكرت فيه أنها وجهت قواتها لتسهيل ومساعدة الفلاحين في أثناء عملية حصاد الحبوب، وحماية نقاط تجميع المحاصيل، ووضعت رقمًا للتواصل لتلقي أي شكوى والتجاوب معها.
وفي 13 من نيسان الماضي، أصدرت وزارة الدفاع في “الحكومة المؤقتة” تعميمًا بإقامة منطقة عسكرية “محظورة” بعمق 300 متر في مدينتي تل أبيض ورأس العين.
بعد نحو أسبوع من القرار، بدأت آليات وعناصر للقوات التركية بحفر خندق محاذٍ للحدود السورية- التركية ضمن أراضٍ خاصة تعود ملكيتها للمزارعين، بمسافة تبعد 300 متر عن الحدود.
وأدت عملية الحفر إلى احتجاجات واسعة من قبل الأهالي رفضًا للقرار، وتنديدًا باقتطاع مساحات من أراضيهم التي تعد مصدر رزقهم في منطقة يعتمد معظم قاطنيها على الزراعة.
وقال حينها رئيس دائرة الصلح والسلم الأهلي في مجلس القبائل والعشائر السورية بمدينة رأس العين، الشيخ سالم صالح السمير، لعنب بلدي، إنه تمت الاستجابة لشكاوى الأهالي والمزارعين بشأن تأثير حفر الخندق على الأراضي.
وبعد تواصل المجلس مع الجهات المعنية ووالي المنطقة، جرى الاجتماع واتخذ القرار بتقليص المسافة المسموح بها لحفر الخنادق من 300 متر إلى 20 مترًا، وتم الحصول على وعود من الجهات المعنية بتعويض الأشخاص المتضررين في حالة اقتطاع أجزاء من أرضهم، من خلال تقديم تعويضات سنوية، بحسب الشيخ سالم صالح السمير.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :