جاءت مواقف رجال الدين في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، تباعًا، لتقف بالمجمل إلى جانب مطالب الشارع واحتجاجاته المحافظة المتواصلة منذ خمسة أيام في مختلف مناطق المحافظة.
وصدر اليوم الخميس، بيان مشترك عن شيخي عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز، حمود الحناوي، ويوسف جربوع، طالب “القيادة” بتغيير حكومي وتشكيل حكومة جديدة قادرة على إدارة الأزمة وتحسين الواقع وإيجاد الحلول وعدم ترحيل المسؤوليات.
وطالب أيضًا بالتراجع عن القرارات الاقتصادية الأخيرة والعمل على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، ومحاربة الفساد والضرب على أيدي المفسدين وتقديمهم للعدالة، وأن تكون مؤسسة الأمن والشرطة عونًا للمواطن، لا عليه.
ومن المطالب التي تضمنها البيان، المحافظة على وحدة الأراضي السورية وتحقيق السيادة الوطنية، وإعادة دراسة تشغيل معبر حدودي لمحافظة السويداء لإنعاشها اقتصاديًا.
من الأراضي المحتلة
دعا الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الشيخ موفق طريف، إلى وحدة صف بين مشايخ العقل والقيادات الشعبية والسياسية في جبل العرب.
وجاء في بيان منشور عبر “فيس بوك”، اليوم، الخميس 24 من آب، أن سماحة الشيخ موفق طريف تابع الأنباء الواردة من السويداء، فيما يتعلق باحتجاجات أبناء الطائفة الدرزية، لحفظ كرامتهم وحقوقهم الأساسية في العيش الكريم وحقهم الطبيعي في الوجود في الجبل ضمن الدولة السورية.
كما أكد أن صمود الطائفة في سوريا يحتم وحدة الصف، إذ لا يختلف اثنان على مطالب الطائفة وأبنائها، وفق البيان الذي أشار إلى اتصالات للشيخ موفق طريف مع القيادات الدرزية في الجبل، دعوة للعمل المشترك والوحدة.
الهجري.. مطالب الشارع معروفة
بعد وقوفه إلى جانب الاحتجاجات ودعوته لتعزيزها، وحديثه إلى الشارع المنتفض لأكثر من مرة، تلقى الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين، الشيخ حكمت الهجري، زيارة من محافظ السويداء، بسام بارسيك، الذي جاء من دمشق في وساطة، طلبًا للتهدئة، مع عرض لمجموعة حلول، وفق ما نقلته شبكة “الراصد“.
ووفق مصادر نقلت عنها الشبكة، فالشيخ الهجري أوضح أن المسألة لا تحتاج إلى وساطات ولا اتصالات، مؤكدًا أن مطالب الشارع معروفة، ولا داعي لشرحها، وأنه لن يكون هناك تواصل مع أي أحد قبل تحقيق مطالب الشارع.
وكان الهجري أصدر في 19 من آب بيانًا، أكد فيه على حق الناس بالمطالبة بالعيش الكريم، وعدم الرضا بالحد الأدنى، وأشار فيه إلى غياب الجهات الأمنية عن السويداء إلا لقمع الكلمة وتوجيه أزلامها البعثيين وفق أوامرها ضد أهلهم.
وجاء في البيان أن هناك “عائلات تموت غرقًا أو في البراري بحثًا عن لقمة عيش، في سوابق ذل لم يعرفها الشعب السوري عبر التاريخ”.
كما أضاف “أين هي الدول الصديقة؟ أين هي الدول الضامنة؟”، مطالبًا بمحاسبة كل من حرم الشعب حقوقه، وكل من يدمر بنيان المجتمع واقتصاده وينهب ثرواته.
“من حق الناس أن تصرخ وتستغيث، من حق الناس أن تتوقف عن عمل أصبح يجلب لهم الإذلال، ومن العيب أن نرى هذا التدمير ونبقى صامتين، وليكن في وجه من يستلم موقعًا قياديًا بعض الحياء والخجل حين العجز والتقصير”.
الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين، حكمت سلمان الهجري |
الحناوي.. لا نسكت على ضيم
كما شارك شيخ عقل الطائفة الدرزية، حمود الحناوي، في وقفة احتجاجية في بلدة القريا، جنوبي السويداء، في وقت سابق، وقال خلال كلمة ألقاها أمام المحتجين، “لا نسكت على ضيم، ولا نرضى بامتهان، فكرامتنا هي حياتنا”، وفق ما نقلته شبكة “السويداء 24“.
واعتبر الحناوي أن مطالب المتظاهرين حق من حقوق الجميع، وأن السويداء مدينة الدخل المحدود، التي تعرضت لسنين عجاف وسنين عطش “ومع ذلك صبرنا وما همنا خماص البطون، وما همنا الجوع والحاجة والفقر، إنما نحن جوعنا للكرامة والحق ولحماية الوطن”، أضاف الحناوي.
وشدد الهجري والحناوي على ضرورة الحفاظ على المرافق العامة والخاصة، مع التأكيد أن السويداء لسان حق للشعب السوري ككل، وضرورة عدم الانجرار خلف الفتنة في التظاهرات المستمرة منذ خمسة أيام متواصلة.
وجدد المحتجون اليوم، الخميس، إغلاق الطرق والمؤسسات الحكومية، استمرارً للإضراب، بالإضافة إلى احتجاجات في قرى ومناطق مختلفة، منها قرية رسالة شرقي السويداء، وبلدة القريا، جنوبي المحافظة، وبلدة عرمان، جنوب شرقي السويداء.
شارك صباح اليوم مشايخ مدينة صلخد في وقفة احتجاجية في ساحة المدينة، وهناك وقفة احتجاجية في قرية مردك، شمالي السويداء، وأخرى في ساحة الكرامة وسط المدينة.
موقف أمريكي وآخر ألماني
خلال كلمتها في جلسة مجلس الأمن أمس الأربعاء، قالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد “في الأيام الأخيرة، شهدنا احتجاجات سلمية في مدن مثل درعا والسويداء، حيث دعا السوريون إلى تغييرات سياسية وطالب جميع الأطراف باحترام القرار (2254)، هذه هي المناطق التي بدأت فيها الثورة، ومن الواضح أن المطالب السلمية لم يتم التجاوب لها”.
كما أشاد المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، بشجاعة أهالي السويداء ودرعا، المطالبين بالعدالة والحرية والمواطنة.
وقال شنيك عبر موقع “إكس” (تويتر سابقًا)، “نقف مع المطالبين بالحوار السلمي وإطلاق سراح المعتقلين وتحقيق تطلعاتهم المشروعة. يستحق كل مواطن أن يكون له صوت والحق في العيش بكرامة”، ودعا النظام السوري إلى الامتناع عن ممارسة العنف ضد الاحتجاجات السلمية.
تزامنت الاحتجاجات في السويداء مع أخرى في مناطق متفرقة من محافظة درعا، الجارة، ولا تزال مستمرة بشكل متواز مع جارتها السويداء التي تجري مظاهراتها بحضور نسائي، وبمشاركة عشائر البدو في المحافظة.
وفي 16 من آب، أطلق ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للإضراب العام في عموم المحافظات السورية، احتجاجًا على الأوضاع المعيشية التي وصل إليها السكان.
الاحتجاجات ليست جديدة على المنطقة الجنوبية بعد تسويات عام 2018، إذ سبق وخرج أبناء السويداء ودرعا بمظاهرات في أوقات متفرقة أبرزها كان عام 2020 تحت شعار “بدنا نعيش”، نادت بإسقاط النظام السوري، محملة إياه مسؤولية الأوضاع المعيشية والأمنية في سوريا، لكن الاحتجاجات الحالية تحمل طابعًا مختلفًا باعتبارها تترافق مع حالة من الغضب الشعبي ورفع سقف الانتقادات للنظام في الساحل السوري، وسط دعوات لتوسيع رقعة الاحتجاجات وانضمام المحافظات الأخرى إليها كما جرى عام 2011، حين انطلقت الثورة.