اسطنبول.. مطاعم سورية تجتمع لبحث التحديات ومعوقات النمو

camera iconجانب من مؤتمر "مستقبل المطاعم الثاني" في اسطنبول- 19 آب 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

اجتمع في اسطنبول أصحاب مطاعم سوريون وعرب، لمناقشة أبرز التحديات التي يواجهونها في تركيا، وما يعوق نمو تجارتهم في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وتأثير القرارات الحكومية الأخيرة على اليد العاملة.

وفي 19 من آب الحالي، نظمت مؤسسة “Building Markets” بالشراكة مع جمعية “المطاعم الدولية” في اسطنبول، مؤتمر “مستقبل المطاعم الثاني”، بمشاركة نحو 120 صاحب مطعم وخبيرًا ومستثمرًا ومزود خدمات في قطاع الضيافة والمطاعم.

وناقش المؤتمر عبر عدة متحدثين مستقبل المطاعم والتسويق والنمو عبر الامتياز التجاري (الفرانشايز)، وأهمية التحول الرقمي وإدارة الجودة، وتحسين تجربة التذوق وخدمة العملاء، والتوجه نحو “المطابخ السحابية”.

“المطبخ السحابي” عبارة عن مساحة تستأجرها المطاعم والعلامات التجارية من أجل توفير وجباتها إلى العملاء عن طريق التوصيل فقط، بالتعاون مع خدمة توصيل خارجية.

وتسهل “المطابخ السحابية” على المطاعم والعلامات التجارية تنفيذ عملياتها وإرضاء زبائنها بأقل مصاريف تشغيلية ممكنة، مع إمكانية وصولها إلى شرائح أكبر من العملاء والحصول على نسب ربح أكبر، لعدم وجود مصاريف تشغيلية كما في المطاعم العادية من حيث وجود مكان لاستقبال العملاء ومستلزماته.

مدير النمو والتدريب في “Building markets”، علاء الدين أكسوي، ركز في كلمته خلال المؤتمر على أهمية المطاعم السورية والعربية على خارطة السياحة التركية، قائلًا إن تركيا تستضيف سنويًا خمسة ملايين سائح عربي، يتميزون بمحفظة إنفاقية تعادل نحو عشرة أضعاف أي سائح من جنسية أخرى، وهو ما يزيد من مسؤولية أصحاب المطاعم في تقديم خدمة متميزة.

وكشف أكسوي عن نتائج استبانة أجرتها منظمة “Building markets” لنحو ألف شخص لتقييم قطاع الضيافة في تركيا، جاء فيها أنه خلال العام الحالي، وجد 87% من الأشخاص “انخفاضًا حادًا” في تجربة العميل لدى المطاعم العربية، وقال 99% من المشاركين إن السبب هو موضوع التواصل.

وأعلن أكسوي عن وجود شراكة بين “Building markets” وجمعية “المطاعم الدولية”، لإنشاء مدرسة بقطاع الضيافة في تركيا، تشمل عديدًا من الاختصاصات، من الطهو والتسويق والتكنولوجيا المستخدمة في القطاع مثل “المطابخ السحابية”.

“Building markets” منظمة غير حكومية أمريكية أُسست عام 2004، وتعمل على إيجاد وبناء وربط الشركات المحلية التنافسية الصغيرة والمتوسطة بسلاسل التوريد والاستثمار.

ودعمت “Building Markets” أكثر من 27 ألف شركة صغيرة ومتوسطة، وساعدت تلك الشركات في الفوز بصفقات تجارية بقيمة 1.4 مليار دولار، وخلق أكثر من 74 ألف فرصة عمل في أسواق متنوعة مثل كولومبيا، وتركيا، والأردن، وميانمار، وأفغانستان، وليبيريا، وهايتي، وفق معلومات المنظمة.

جمعية لتوحيد الكلمة

رئيس جمعية “المطاعم الدولية”، عمر درويش، قال لعنب بلدي، إن الجمعية أُسست بشكل رسمي عام 2019، وتضم حاليًا أكثر من 100 صاحب مطعم في تركيا بين عضو بشكل رسمي ومشارك، تختلف جنسياتهم بين عراقي ويمني وأردني ولبناني، بينما أغلبيتهم من السوريين.

ويقع مقر الجمعية حاليًا في اسطنبول، حيث ينتمي جميع أعضائها، لكن من أهداف الجمعية الوصول وجمع جميع أصحاب المطاعم في اسطنبول بشكل خاص وتركيا عمومًا، وفق درويش.

ويتوقع درويش زيادة أعضاء المنتسبين بعد إلغاء رسوم الاشتراك، إذ تهدف الجمعية لجمع وتوحيد أكبر عدد ممكن من العاملين في قطاع الضيافة بتركيا، وهو ما سيفيد أعضاءها بخصوص تأمين اليد العاملة والتسعير العادل والتعامل مع الموردين، كما ستكون خطوة مهمة للتحدث باسم الأعضاء مع الجهات المسؤولة حول المشكلات التي تواجه أصحاب المطاعم.

وحول سبب عدم انتساب أصحاب المطاعم للجمعية، عبّر درويش عن أسفه لعدم وجود “ثقافة التكتل والتوحد”، على اعتبار أن عضو الجمعية “منافس” غير قابل للتعاون معه.

وأشار درويش إلى وجود تعاون مع شركة عالمية دون ذكرها، لإنشاء أكاديمية تعليمية في اسطنبول لتدريب الطهاة والكادر الإداري والبشري اللازم للتخفيف من حدة أزمة العمالة الموجودة.

وتسببت الحملة الأمنية الجارية في تركيا عمومًا وباسطنبول بشكل خاص، ضد المهاجريين غير الشرعيين، بالتأثير على عدد اللاجئين السوريين ممن لا يملكون بطاقة “الحماية المؤقتة” (كيملك) من جهة، وأصحاب بطاقات “الحماية المؤقتة” الصادرة من ولايات مختلفة عن الولاية التي يقيمون فيها من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى ترك عديد من اليد العاملة أماكن عملهما.

كما أدى التشديد في تنفيذ القوانين على المحال السورية، وإلزام أصحابها عبر القوانين المحدثة بالحصول على رخصة فتح المحل أو “إذن العمل” من ذات الولاية التي صدرت منها بطاقة “الحماية المؤقتة”، إلى إغلاق عديد من المحال.

وتخطط جمعية “المطاعم الدولية”، وفق رئيسها، للتوجه إلى أنقرة لمخاطبة المسؤولين بشأن المشكلات التي يواجهها أعضاء الجمعية، ومنها السماح باستخراج “إذن عمل” لمن يملك “كيملك” خارج اسطنبول.

حضر المؤتمر عديد من أصحاب المطاعم الأعضاء في الجمعية والذي يتطلعون للانضمام- 19 من آب 2023 (عنب بلدي)

ما أهداف المؤتمر

خلال كلمته في المؤتمر، قال صاحب مطعم “بوز الجدي” باسطنبول، نور المعلم، إنه لا يرى أي سبب يمنع أصحاب المطاعم من الانضمام لجمعية “المطاعم الدولية”، بما فيها رسوم الاشتراك “الزهيدة”، مقارنة بالفوائد التي يمكن أن تأتي من توحيد الخطاب بشكل مؤسساتي لضمان تأثيره لدى السلطات، مقارنًا ذلك بتجربة تجمع رجال الأعمال الصناعيين العرب (أسياد).

وأوضح المعلم في حديثه أن مثل هذه المؤتمرات يمكن أن تساعد في جذب الأعضاء الجدد.

وعقّب صاحب المطعم السوري على نتيجة الاستبانة التي تشير إلى تراجع جودة التواصل مع العميل، بظهور حالات “تنمر” لم تكن سابقًا لدى بعض الزبائن السوريين والأتراك تجاه عمال المطعم، مقترحًا إنشاء قنوات تواصل اجتماعية تتبع للجمعية لتوعية الزبائن حول ظروف العمل القاسية التي يواجهها عمال المطاعم، وتغيير النظرة المغلوطة عنهم.

وتظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة ومنشورات تنتقد المطاعم وخدمة العمال فيها، منها ما يصور أصحابها بطريقة غير مكشوفة داخل المطعم.

وقال مدير مطعم “بلودان” في اسطنبول، محمد آدم، لعنب بلدي، إن أكثر ما يجري النقاش حوله في مؤتمر “مستقبل المطاعم الثاني”، بالمقارنة مع النسخة الأولى العام الماضي، هي مشكلة نقص العمالة، واستخراج أذون العمل.

وتوجد عدة أسباب وفق آدم لنقص العمالة في المطاعم، منها عدم إمكانية تصحيح الوضع القانوني للعمال المخالفين من ناحية الإقامة في غير الولاية التي صدرت عنها “الكملك”، وهو ما يدفعهم للهجرة إلى أوروبا أو العودة إلى ولايتهم الأصلية، وفي ذات الوقت العمالة المتوفرة للمطاعم هي غير كافية بالأصل.

ويهدف المؤتمر، وفق آدم العضو في الجمعية، إلى مناقشة المشكلات الحالية وإيجاد الحلول، والتعارف بين أصحاب المهنة الواحدة.

بدوره قال صاحب مطعم “شاورما أنس”، أنس السيد اللحام، لعنب بلدي، إن مجرد الاجتماع ومناقشة المشكلات خطوة مهمة نحو التنفيذ العملي للحلول.

وبسبب الوضع السياسي في تركيا، يصعب على المطاعم السورية جذب العميل التركي، الذي “يكرهنا دون أن يجربنا”، وفق تعبير السيد اللحام، حيث يقرر العميل التركي عدم زيارة أي مطعم سوري بسبب “التأجيج الإعلامي” على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويرى السيد اللحام أن من الضروري استهداف الزبون التركي، لأنه الدائم وفيه عوامل نجاح أكبر، بينما يتأثر الزبائن السوريون بالقرارات الحكومية، كما أن السياح العرب يأتون لفترة محدودة من العام.

وحول مستقبل العمل بالبلاد في ظل هذه الظروف، قال السيد اللحام، إنه باقٍ ما دام العمل قائمًا، لوجود عدد كبير من الاستثمارات في تركيا، لكن من الناحية المعيشية يفكر صاحب المطعم في الإقامة خارج تركيا، لمخاوف أمنية.

عرضت بعض الشركات خدماتها ومنتجاتها لأصحاب المطاعم بغية توسيع قاعدة زبائنها- 19 من آب 2023 (عنب بلدي)

أكاديمية وشركة توصيل

طرحت عدة شركات خلال المؤتمر بعض خدماتها كحلول يمكن تقديمها لأصحاب المطاعم وأماكن الضيافة، في عدة مجالات منها في قطاع تدريب الكوادر، والتغليف، والديكور، والتوصيل، والمطابخ السحابية.

صاحب شركة “السلطان” لصناعة الحلويات العربية في تركيا، علاء خميس، تحدث لعنب بلدي عن أكاديمية “السلطان”، التي أُسست منذ ست سنوات، وهي حاليًا موجودة بشكل مترافق مع سبعة معامل للشركة في الشرق الأوسط، حيث تقدم عدة دورات تدريبية في مجال صناعة الحلويات، والطبخ الغربي والشرقي، والتسويق، وإدارة المنشآت الغذائية.

وأسهمت الأكاديمية في التخفيف من أزمة العمالة في المجالات التي تدرسها، لفروع الشركة من جهة وللمحال الأخرى العاملة في ذات القطاع، وفق خميس، الذي أشار إلى أن بعض المتدربين الموجودين خارج اسطنبول، استطاعوا التدرب عن بعد عبر الإنترنت في دورات محددة، وممارسة المهنة لاحقًا.

بدوره، عرض مدير شركة “Bus delivery”، بلال إمام، خدمات شركته على الحضور من أصحاب المطاعم الذين يواجهون مشكلة في النمو بسبب مشكلات التوصيل.

أُسست شركة “Bus delivery” المصرية لتوصيل الطلبات في تركيا منذ أربع سنوات، وحاليًا تقدم خدماتها لبعض المحال التركية والعربية، وتسعى عبر مشاركتها بالمعرض لتوسيع قاعدة زبائنها لتشمل المطاعم السورية.

وتجذب الشركة أصحاب المطاعم عبر أسلوب عملها الذي يعتمد على تقديم سعر ثابت لتوصيل الطلبية، خلافًا لآلية العمل المتبعة في أغلب المطاعم السورية التي تعتمد على أخذ عامل التوصيل نسبة من الأرباح، وفق إمام.

وتعد أبرز المشكلات التي تواجهها الشركة مع أصحاب المطاعم السوريين هو عدم اتباعهم نموذج العمل المتمثل في إرسال تفاصيل الطلبيات وعنوان الزبون عبر تطبيق خاص بين الشركة وأصحاب المطاعم.

مشروع “حماية”

شارك في المؤتمر عضو من مشروع “حماية”، وهو أحد مشاريع “منبر منظمات المجتمع المدني” (ULFED)، ويعنى بالعمل على حل الإشكالات القانونية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا، عن طريق عمل ممنهج لرفع مستوى الوعي القانوني لدى اللاجئين، وإنشاء آلية تواصل فعالة لاستقبال مشكلاتهم وحلها، بالإضافة إلى توثيق مهني للحالات التي يتعرض اللاجئون لها للاستفادة منها في الدفع لتحسين البيئة القانونية.

وتتمثل دوافع إطلاق المشروع، بحسب ما جاء في البيان الافتتاحي لمؤتمر الإطلاق، في 15 من آب الحالي، الذي حضرته عنب بلدي، باعتبار الإشكالات القانونية هذه عائقًا كبيرًا أمام انسجام اللاجئين في المجتمع التركي وتحقيق التوافق المجتمعي.

وذكر منسق مشروع “حماية”، سنان بيانوني، أن المطاعم السورية تعد الواجهة الثقافية للسوريين في البلاد، لما تمثله ثقافة الطعام من محور مهم في تبادل الثقافات والتعارف، وبيئة للانسجام المجتمعي.

من ناحية أخرى، تمثل أيضًا المطاعم السورية واجهة للوجود السوري في تركيا، وهو ما يعرضها أحيانًا لهجمات عنصرية “دون أي ذنب”، وفق بيانوني، كما أن بعض البلديات بدأت بإزالة جميع الكلمات العربية من واجهات المحال السورية والعربية بشكل يخالف القانون الذي يسمح بوجود 25% من الكلمات الأجنبية في الواجهة.

وفي نهاية المؤتمر، وزعت جوائز على أصحاب المطاعم الفائزين باستبانة الجمهور، حيث فاز مطعم “بلودان” بجائزة أفضل مطعم “شاورما”، ومقهى “بيت ورد” بجائزة أفضل مطعم للأكل الشرقي، ونال مطعم “بوز الجدي” جائزة أفضل مطعم فول وفلافل، كما نالت شركة “السلطان” جائزة أفضل محل حلويات.

وجرى المؤتمر الأول لمستقبل المطاعم في أيار 2022، برعاية جمعية “المطاعم الدولية” ومنظمة “Building markets”، وشاركت فيه أكثر من 150 شركة ومؤسسة من القطاع.

وناقش المؤتمر المشكلات والتحديات التي تواجه قطاع المطاعم والضيافة، وحضرته شركات تساعد في تقديم حلول لهذه المشكلات، مثل شركة تأمين موارد بشرية، وشركة برمجية لتحويل الأعمال المكتبية الورقية إلى إلكترونية.

وزعت عديد من الجوائز لأصحاب المطاعم وفقًا لاستبانة شارك فيه نحو ألف شخص- 19 من آب 2023 (عنب بلدي)

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة