الموصلات الفائقة.. اكتشاف يعد بحقبة جديدة للبشرية
في 22 من تموز الماضي، أبلغ فريق من الباحثين في كوريا الجنوبية عن النتائج التي توصلوا إليها بشأن مركب أطلقوا عليه اسم “LK-99″، مدعين أن اكتشافه كان “لحظة تاريخية” من شأنها “فتح حقبة جديدة للبشرية”، كأول مركب يعمل على صنع موصل فائق يعمل في درجة حرارة الغرفة.
عندما تنتقل الطاقة الكهربائية عبر أي سلك أو دارة كهربائية، فإن بعض الطاقة تُهدر على شكل حرارة، وهي ضريبة تفرضها قوانين الطبيعة.
وتبرز الإمكانات الاستثنائية للموصلات الفائقة بأنها تستطيع نقل الكهرباء لمسافات طويلة بكفاءة مثالية دون أن تفقد جزءًا من الطاقة كحرارة، لكن موصلات كهذه تتطلب حرارة بمئات الدرجات تحت الصفر، وهو ما يجعلها عالية التكاليف.
اكتشاف طريقة لتصنيع موصلات فائقة بسعر رخيص وجعلها تعمل في درجة حرارة الغرفة، سيُحدث ثورة في الاقتصاد، ويساعد في إنقاذ البيئة، ويمكن أن يحقق أيضًا فوائد أخرى مثل توليد مجالات مغناطيسية قوية، وإتاحة فئات جديدة من الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر وأنماط النقل.
ويُعرف حاليًا بأن أعلى درجة حرارة للمواد المصنعة للموصلات الفائقة تعمل فقط عند -10 درجات مئوية، كما تحتاج إلى أن توضع تحت ضغط عالٍ يبلغ حوالي 1.9 مليون ضغط أرضي، في حين تتطلب المواد ذات التوصيل الفائق عند الضغط العادي درجات حرارة أقل من -150 درجة مئوية تقريبًا.
ويمكن الوصول إلى هذه الدرجات المنخفضة مخبريًا، لكن بتكلفة عالية، ما يقصر استخدامها حاليًا على بعض التطبيقات العالية التكلفة والضرورية، مثل التصوير الطبي في أجهزة الرنين المغناطيسي حيث يُستخدم الهيليوم السائل للتبريد، والفيزياء التجريبية.
توفير هدر الطاقة
وسيكون للموصلات الفائقة في درجة حرارة الغرفة التأثير الأكبر على توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها، إذ إنه حاليًا يفقد من 8 إلى 15% من إجمالي الطاقة المنتجة للشبكات الكهربائية كحرارة مهدرة خلال نقلها إلى الاستخدام.
وسيؤدي استخدام الموصلات الفائقة في درجة حرارة الغرفة إلى تخفيض هدر الطاقة في المحولات الكهربائية، التي تخفض الفولتية العالية في خطوط النقل إلى مستويات مناسبة للاستخدام المنزلي، وفي المولدات، التي تحول الطاقة الكهربائية من تيار مستمر إلى متناوب، وهو ما قد يوفر من 30 إلى 40% من الطاقة المهدرة.
وتفيد الموصلات الفائقة في حال إنتاجها بدرجة حرارة الغرفة في صنع بطاريات أكثر كفاءة، إذ تعمل أنظمة التخزين الكهربائي عن طريق السماح للتيار الكهربائي بالانتقال في حلقة لا نهائية، وبينما يبلغ إجمالي الطاقة المفقودة عند شحن وتفريغ بطارية تقليدية حوالي 20%، يمكن في نظام تخزين فائق التوصيل أن تصل النسبة إلى 5%.
وفي حال إنتاج الموصلات الفائقة في درجة حرارة الغرفة، ستبسط تصميم وهندسة القطارات العالية السرعة بشكل كبير، لتصل إلى سرعات تجعل السكك الحديدية منافسة لشركات الطيران في السفر بين المدن البعيدة، إذ يمكن لهذه القطارات أن تنفذ رحلات عبر الطاقة الكهربائية النظيفة، ما يقضي على كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من رحلة طيران داخلية.
في الأسبوع الماضي، نشر العلماء عدة تقارير تظهر أن “LK-99” ليس موصلًا فائقًا في درجة حرارة الغرفة، ولكنه مادة مغناطيسية عادية إلى حد ما، تحاكي بعض الخصائص المرئية المميزة للموصلات الفائقة، مثل الطوفان فوق مغناطيس قوي، أما الخاصية الفيزيائية الأكثر أهمية وهي مقاومة كهربائية صفرية فإنها غير موجودة.
ومع استمرار عديد من المخابر البحثية في اكتشاف مواد مشابهة لـ”LK-99″، قد يكون العصر الذهبي للموصلات فائقة التوصيل قريبًا، اعتمادًا على العلم التجريبي لإيجاد سبيل للوصول إلى هذا العصر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :