اعزاز – ديان جنباز
تنشط عدة مراكز في مدينة اعزاز، بريف حلب الشمالي، في تنظيم تدريبات ضمن مجالات مختلفة تستهدف خريجي وطلبة الجامعات، منها ما يتعلق بـ”التفكير النقدي” أو التأهيل للتدريب مثل دورات “TOT”.
كما تهدف التدريبات إلى تطوير القدرات والمهارات اليومية والعملية، وإتاحة الفرص لدخول سوق العمل، مثل التدريبات التقنية التي تشمل حزمة “Office” وسلسلة برامج “Google”، وغيرهما.
وتعد التدريبات مجانية في المراكز العامة بإشراف منظمات مختلفة، في حين تكون مأجورة في بعض المراكز الخاصة.
ومع نهاية الساعات التدريبية، تمنح الجهة القائمة على التدريب شهادة حضور للمتدرب بعد خضوعه لاختبار نظري.
كسب خبرة وتجربة
يتجه عديد من الطلبة الجامعيين إلى تدريبات مغايرة لتخصصهم الجامعي، بهدف اكتساب مهارات وبناء ثقافة عامة، وقد يكون بعضها مشابهًا لمحتوى تخصصهم الجامعي، بهدف كسب الخبرة العملية والتجربة.
قالت صابرين جبلاوي، وهي طالبة في كلية الآداب بجامعة “حلب الحرة” بمدينة اعزاز، إنها التحقت بتدريب “التفكير النقدي” ضمن مركز “واثقون” في المدينة، لافتة إلى أنه أسهم بشكل إيجابي في حياتها الشخصية، وأكسبها مهارات وخبرات مختلفة وجديدة.
“التفكير النقدي” هو تفكير عقلاني يبنى على الحقائق والوقائع، ويتمتع بالموضوعية، دون التحيز إلى جهة معينة، ويُعرف بالتفكير الاستقلالي، ويتطلب القدرة على استخدام المنطق.
زهراء الشيخ، طالبة في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة “حلب الحرة”، قالت لعنب بلدي، إن توجهها غالبًا ما يكون نحو التدريبات في اللغات الأجنبية، لأن الدراسة الجامعية أكاديمية تدخل في التفاصيل والجزئيات والقواعد، ولا تتيح لها إتقان المحادثة، بينما تتوجه التدريبات أكثر نحو المحادثات من أجل تحسين النطق، وإبراز الثقة وقوة الشخصية عند الحديث باللغة.
وأضافت أن اكتساب محادثات في لغات مختلفة، تفتح لها آفاقًا جديدة، وتتيح فرص عمل أكثر، سواء مع مؤسسات محلية أو جهات دولية.
وتتفق الطالبتان صابرين وزهراء على أن التعليم الجامعي لا يقل أهمية عن تلك التدريبات، لكن الأسلوب الذي يتم اتباعه خلال التدريب يختلف عن التعليم الجامعي، إذ يكون أكثر مرونة ومتعة، ويسهم في تكوين ثقافة عامة لدى المتدربين.
المدير الإداري لنادي الشباب في منظمة “بنفسج”، أحمد كلو، قال لعنب بلدي، إن المنظمة مهتمة بإعطاء تدريبات إدارة الكوارث والأزمات، نظرًا إلى الأزمات التي يعانيها الشمال السوري.
وأضاف أن التدريبات تهدف إلى تهيئة أكبر عدد ممكن للتصدي لتلك الأزمات، لافتًا إلى أن مصدر التدريبات هو منهج دولي معتمد في أوقات الأزمات والكوارث، وليس بديلًا عن أي تعليم رسمي، بل يتجه نحو تمكين المجتمع بمعارف ومهارات تزيد من صموده في ظل الخطر.
ونهاية تموز الماضي، أنهى 25 متدربًا من خريجي الاقتصاد في الشمال السوري دورة تدريبية استمرت شهرين في اعزاز، بمكتب مؤسسة “تعليم بلا حدود- مداد”، بالتعاون مع وزارة المالية والاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة” و”نقابة الاقتصاديين السوريين الأحرار”.
وقال وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، لعنب بلدي، إن هذه هي الدورة الأولى في المنطقة، وستحاول الوزارة الإعلان عن دورة مشابهة كل عام، تسبقها دورة للمتقدمين بالخضوع لمواد علمية تؤهلهم لاجتياز الامتحان والحصول على شهادة، يستطيعون من خلالها دخول سوق العمل.
حلول لإيجاد فرص عمل
بعد إنهاء تدريب بعنوان “TOT”، وهو مخصص لإعداد المدربين بمعدل 70 ساعة تدريبية، في نادي الشباب التابع لمنظمة “بنفسج” بمدينة اعزاز، فُتحت آفاق جديدة أمام آلاء الحسين، لتصبح مدربة في “التوعية القانونية” بعد أن تجاوزت الفترة التدريبية مكتسبة مهارات المدرب الجيد، ومهارات الإلقاء والتحدث أمام الجمهور، لتبدأ مسيرتها العملية بالتدريبات القانونية في عدة مراكز.
وبحسب ما قالته آلاء لعنب بلدي، فإن العامل المميز للتدريبات هو الأساليب العملية الشائقة التي تختلف عن أسلوب المعلومات النظرية والسردية، والمشاركة الفعالة، لافتة إلى أن إعطاء كل شخص مساحته ضمن التدريب يسهم في إكسابه قيمًا واهتمامات جديدة.
واعتبرت أن التخصص الجامعي وحده غير كافٍ، وأن التدريبات تتيح للشخص مجالات أخرى ومختلفة، ويلتحق بها الشخص حسب رغبته واهتمامه طواعية لا فرضًا، وهذا ما يجعله مهتمًا أكثر وقابلًا لحفظ المعلومات بشكل أفضل.
امتلاك شهادات حضور
يقبل الشباب في الشمال السوري على الدورات التعليمية والمهنية، التي تناسب اختصاصاتهم الدراسية ومجالاتهم المهنية، وتحسّن فرص عملهم بشكل عام.
عبد الناصر الكاكو، طالب في معهد “الإعلام” بجامعة “حلب الحرة”، قال لعنب بلدي، إنه التحق مع زملائه بدورة تدريب “التحرير الصحفي” بمركز “هوز للتطوير المجتمعي” في اعزاز، من أجل اكتساب الخبرات العملية والتهيئة لدخول سوق العمل كونهم لا يمتلكون تجارب سابقة ضمن تخصصهم.
وأضاف أن الدافع أيضًا لهذه التدريبات هو الحصول على شهادة حضور وتقوية السيرة الذاتية، فمعظم المؤسسات والمنظمات المحلية عند إعلانها عن شاغر وظيفي، غالبًا ما تكون الأولوية لمن لديهم أعمال سابقة وخبرات وتدريبات، بحسب ما قاله عبد الناصر.
ورغم إقبالهم على تلك الدورات، يعاني الطلبة وخريجو الجامعات في اعزاز ومعظم مناطق الشمال السوري قلة فرص العمل المناسبة، أو حتى العمل التطوعي غير المأجور الذي يساعدهم على كسب الخبرة لتزيد فرصة حصولهم على عمل مستقبلًا، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
ونتيجة لهذا الواقع، اضطر عدد من الشباب إلى التخلي عن طموحهم في الحصول على العمل المناسب لتخصصهم الدراسي، متجهين نحو ما يتوفر من الأعمال، بغض النظر عن مدى تناسبها مع تخصصهم.
كما يواجه طلاب وخريجو جامعات الشمال السوري العامة والخاصة صعوبة بالاعتراف الخارجي بالشهادات الجامعية الصادرة عن جامعاتهم، ما يجبر معظمهم على قبول أي فرصة عمل حتى وإن كانت في غير تخصصهم الجامعي.