عادة ما تنطلق الأعمال الدرامية من العام نحو ما هو أكثر خصوصية، لبناء حبكة درامية من مجتمع معيّن تختلف القواسم المشتركة بين أبنائه إن وجدت، وما يفعله المسلسل الأمريكي “suits” هو المضي قدمًا نحو تطبيق هذه الفكرة، متخذًا من شركة محاماة، أو شركة خدمات قانونية، أرضية للموضوعات من جهة، وعلاقات الأبطال من جهة أخرى.
والقضية أن المسلسل يركز على مجموعة محامين وعاملين في الشأن القانوني، وفي القضايا والمرافعات والتسويات القضائية التي يعقدونها، أو يتورط أحدهم بها، على مستوى شركة واحدة، يتحوّل بعض موظفي الشركة إلى أصدقاء، ومنهم من يمضي أبعد من الصداقة، دون إغراق في العاطفة، مع تركيز أكبر على ما هو عملي، وكوميدي بعض الشيء.
وتبدأ الحكاية من نيويورك، في الولايات المتحدة، حين يتجه “مايك” للعمل في الشركة بدعم من “هارفي”، رغم انتهاك الأول شرطًا للعمل يتجلى بالتخرج في جامعة “هارفارد”، للانتقال للعمل بالمحاماة كمساعد قانوني، وهذا الانتهاك يظل سرًا على مدى حلقات كثيرة من العمل، قبل بدء تكشفه تحت وطأة عديد من العوامل، منها علاقة حب تنشأ بين “مايك” و”راشيل”، المساعدة القانونية التوّاقة لدراسة القانون في “هارفارد”.
ولأن “مايك” ميّال لبدء حياته العاطفية بشفافية، شاركها السر، وبعد قليل تحوّل السر إلى معلومة يعرفها كثيرون، لكنهم لا يتحدثون عنها إلا همسًا، تمسكًا بـ”مايك” من جهة، وخوفًا من افتضاح أمر الشركة، ونظرًا إلى الحضور العملي البارز الذي يحرزه المحامي الذي لم يدرس في “هارفارد”، يما يفرغ الشهادة الدراسية أو الأكاديمية من بعض مضمونها، أمام الخبرة والممارسة، والقدرة على الإنجاز فعلًا.
إلى جانب الإغراق في عالم المحامين والقضايا والقوانين، يقسم العمل أبطاله وفق ما يبدو على أساس المكان، فيحظى “هارفي” ببطولة الشركة والقضايا، باعتباره أحد الشركاء القانونيين، دون إضاءة كبيرة على عالمه العاطفي، وحياته خارج المكتب، على عكس “مايك”، العاشق.
كما أن طبيعة العلاقات الإنسانية التي يعززها العمل تمر بسلاسة عبر الشاشة، مستفيدة من عدم التسرع في السرد الدرامي، فعلاقة “هارفي” بـ”مايك” هي صداقة محضة، تبدو بوضوح حين يتعرض أي منهما لما يمس حياته المهنية أو العاطفية، و”هارفي” متمسك بـ”مايك”، ويداري سرّه، ويجازف بتوظيفه، رغم خطورة افتضاح أن محاميًا في شركة ذائعة الصيت هو محتال.
ويلاحظ المشاهد حالة التعاطف التي تحضر وتغيب مع “ريك”، وهو محامٍ غير متزن اجتماعيًا، بالإضافة إلى ردود فعله وسلوكه عند انتقاله من ضعف إلى قوة، وتأثير حالة الشفقة أو شعوره بشفقة الآخرين على سلوكه العام والخاص.
بدأ عرض العمل في 2011، واستمر حتى 2019، ويتكون من تسعة أجزاء، أولها مكون من 12 حلقة، وكل جزء آخر من 16 حلقة، ويحظى العمل بتقييم مرتفع عبر موقع “IMDb” لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية، وصولًا إلى 8.4 من أصل 10 للعمل ككل، كما تخطى بعض الحلقات بتقييم 9.5 من 10.
العمل من بطولة غابرييل ماخت، وباتريك جاي أدامز، وميجان ماركل، وسارة رافيرتي، وجينا توريس، وريك هوفمان، وقُدّم بنسخة عربية (مصرية) عُرضت في 2022، من بطولة آسر ياسين، وريم مصطفى وأحمد داود، وصبا مبارك.