لبنان يفضّل تسمية عودة السوريين بـ”غير القسرية” لا “الطوعية”.. ما الفرق؟

  • 2023/08/18
  • 4:24 م
وزير الخارجية اللبناني يشارك في اجتماع "لجنة الاتصال الوزارية العربية" بشأن سوريا- 15 من آب 2023 (المتحدث باسم الخارجية المصرية/ تويتر)

وزير الخارجية اللبناني يشارك في اجتماع "لجنة الاتصال الوزارية العربية" بشأن سوريا- 15 من آب 2023 (المتحدث باسم الخارجية المصرية/ تويتر)

يحمل لبنان باستمرار ملف اللاجئين السوريين على أراضيه إلى المؤتمرات واللقاءات الدولية التي يشارك بها، للمطالبة بإعادتهم إلى سوريا، أمام عدم قدرته على “تحمل أعبائهم”.

أحدث الخطوات في هذا الإطار جاءت خلال مشاركة وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، في اجتماع “لجنة الاتصال الوزارية العربية” بشأن سوريا، في 15 من آب.

وانتهى الاجتماع حينها ببيان من أربع صفحات، جرى خلاله التأكيد على أهمية توفير الحوافز والتسهيلات التي ستقدم للاجئين العائدين والإجراءات التنسيقية مع الدول المستضيفة لهم، والعمل على إنشاء منصة لتسجيل أسماء اللاجئين الراغبين بالعودة، بالتنسيق مع الدول المستضيفة وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة.

كما تضمنت إحدى صفحات البيان ملاحظة بخط أصغر، تتحدث عن تفضيل لبنان اعتماد صيغة “غير القسرية” محل “الطوعية”، بالحديث عن عودة اللاجئين السوريين.

المحامي اللبناني، طارق شندب أوضح لعنب بلدي أن محاولة تغيير المصطلح لا تتعدى كونها لعبًا على الألفاظ، وما يحصل على الأرض هو عودة قسرية فعلًا، مشيرًا في الوقت نفسه إلى اعتماد الخطاب الرسمي اللبناني صيغة “نازح”، لا “لاجئ” بالحديث عن السوريين في لبنان.

وقال شندب إن الحكومة اللبنانية تصرّح باتجاه، وتنفذ على الأرض بشكل مختلف، وتخدم حكومة النظام السوري، وتجري عمليات تسليم سرية مستمرة بعيدة عن الإعلام، للاجئين سوريين في لبنان، لقوات النظام.

“الحكومة اللبنانية تلزم اللاجئين السوريين بالعودة القسرية إلى نظام بشار الأسد”، أضاف شندب.

“غير قسرية” أو “طوعية”.. لها شروط

يتفق رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، غزوان قرنفل، نسبيًا مع وجهة نظر المحامي اللبناني، إذ يرى قرنفل أن تسمية لبنان للاجئين “نازحين” خطوة مماثلة لتبديل المصطلح أو الرغبة بتبديله، فالعودة “غير القسرية” لا تختلف عن “الطوعية”.

وأوضح قرنفل أن هذه العودة، سواء جرت تسميتها بـ”غير قسرية” أو “طوعية”، فلها شروط، أبرزها أن تجري العودة بإرادة حرة من الشخص، دون إكراه معنوي أو مادي، عبر تسجيل الشخص لدى الدوائر المعنية في الدولة التي يقيم بها، رغبته بمغادرة البلاد والعودة إلى وطنه، فيجري تنظيم ضبط مع تزويد الشخص بورقة لعبور أراضي البلد الذي يقيم به بنحو بلاده.

“بتحقيق هذه الشروط تكون العودة طوعية، لكن تعبئة الناس بشاحنات الجيش والأمن العام ووضعهم على الحدود السورية- اللبنانية، فهذه لا تكون عودة طوعية”، أضاف قرنفل.

ويسعى لبنان بشكل مستمر لتحريك ملف عودة اللاجئين أمام غياب الترحيب الدولي والأوروبي بهذه الخطوة، على اعتبار أن سوريا غير آمنة للعودة، وتجلى ذلك بمساعي إعادة 15000 سوري شهريًا من لبنان، ثم إعادة المحاولة، قبل الحديث عن تحضيرات لمؤتمر لإعادة اللاجئين السوريين، وفق تصريحات رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، في 23 من نيسان الماضي.

السوريون في لبنان أربع فئات

خلال مشاركته في مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 15 من حزيران الماضي،

قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، إن لبنان يستقبل 1.5 مليون لاجئ سوري، ما أثر على اقتصاده الهش والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وخلق سلسلة تحديات تتجاوز الحدود الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب ما يواجهه لبنان أصلًا من قضايا وصعوبات سياسية واقتصادية تؤدي لتفاقم الوضع.

كما صنّف السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية ضمن أربع فئات، الأولى لاجئون هربوا بسبب الوضع السياسي، والثانية سوريون موجودون في لبنان قبل عام 2011، بحثًا عن سبل معيشة أفضل، والثالثة هم سوريون غادروا سوريا بعد 2011، للنجاة، والفئة الرابعة هم سوريون يعبرون الحدود بانتظام من وإلى سوريا، ولا يمكن احتسابهم في عداد اللاجئين والنازحين، وفق تصنيفه.

وكان البرلمان الأوروبي أجرى في 12 من تموز الماضي، تصويتًا، دعمت أغلبية الأصوات فيه إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، ما تبعه ردود فعل غاضبة من قبل المسؤولين اللبنانيين حينها، إذ أرسل وزير الخارجية اللبناني، رسالة إلى جوزيب بوريل، للتنديد بالقرار.

بحث مسؤولون لبنانيون، في 12 من حزيران، مسألة دفع فواتير الكهرباء للاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان، وقال وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، إنه ليس مطلوبًا من اللبنانيين أن يغطوا كلفة استهلاك السوريين والفلسطينيين، وعلى كل طرف أن يغطي كلفة استهلاكه، وفق ما نقلته الوكالة “اللبنانية” الوطنية للإعلام.

اللاجئون “كبش فداء”

في 11 من أيار، أصدرت 20 منظمة محلية ودولية، منها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، بيانًا مشتركًا طالبت فيه بوقف ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان.

بيان المنظمات انتقد العملية التي تنفذها السلطات اللبنانية، موضحًا أنها أساءت إدارة الأزمة الاقتصادية في لبنان، ما تسبب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم.

وقال البيان، “بدلًا من تبني إصلاحات ضرورية للغاية، عمدت السلطات إلى استخدام اللاجئين ككبش فداء للتغطية على إخفاقها، دون وجود ما يبرر إخراج مئات الرجال والنساء والأطفال من أسرّتهم بالقوة، في ساعات الصباح الباكر، وتسليمهم إلى الحكومة التي فروا منها”.

إلى جانب ذلك، يتعرض السوريون في لبنان لخطاب تحريضي تشارك في صناعته بعض وسائل الإعلام المحلية، والحكومة اللبنانية عبر تحميلها وجود السوريين مسؤولية تردي الواقع المعيشي والظروف الاقتصادية، في بلد يواجه أزمة سياسية تتجلى بفراغ رئاسي متواصل منذ أكثر من نصف عام، إلى جانب أزمة المصارف أو الأموال المهربة.

كل هذه المتغيرات، إضافة إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 من آب 2020، أسهمت في تراجع متواصل لقيمة العملة المحلية التي هوت إلى مستويات قياسية، وصولًا إلى نحو 90 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي