“تحرير الشام” تجمد مهام “أبو ماريا القحطاني” لـ”إساءة تواصلاته”
أعلنت “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، تجميد صلاحيات ومهام عضو مجلس الشورى والقيادي في الصف الأول “أبو ماريا القحطاني”، بسبب “خطئه في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه”، حسب قولها.
وقالت “الهيئة” في بيان اليوم، الخميس 17 من آب، إنها جمدّت صلاحيات ومهام “أبو ماريا القحطاني” بعد استدعائه لورود اسمه في بعض التحقيقات التي أجرتها “تحرير الشام” بخصوص “العمالة “مؤخرًا.
وذكرت أنها ساءلته بكل شفافية ووضوح تقديرًا منها لدرء الشبهات وإزالة اللبس، وتبين للجنة أن “أبو ماريا” أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل، وفق قولها.
ولم توضح “الهيئة” أي تفاصيل عن طبيعة هذه التواصلات ولا الجهات التي يتواصل معها، القيادي العسكري والشرعي والرجل الثاني في “الهيئة”، ميسر بن علي الجبوري (الهراري) المعروف بـ”أبو ماريا القحطاني”.
ويأتي تجميد مهام “القحطاني” بعد أن ظهرت تسريبات نقلها منشقون عن “الهيئة” تفيد باعتقال “القحطاني” استجابة لضغوط كبيرة وتهديدات من قيادات داخل “الهيئة”، وحديث عن تعليق عمل عدد من الكتل والقطاعات داخل صفوفها.
اختراق يطال رأس الهرم
تصدّرت قضية وجود “اختراقات” في صفوف “تحرير الشام”، ومتعاملين لمصلحة التحالف الدولي وروسيا والنظام السوري، الواجهة الإعلامية، وأثارت جدلًا واسعًا في المنطقة.
من بين المعتقلين شخصيات تشغل مناصب حساسة في “الهيئة” على مستوى الإدارة والعسكرة، ومقربون من قيادات الصف الأول ومن الشرعيين في “الهيئة”، وتأكدت عنب بلدي من اعتقال بعض الأسماء التي أوردتها وسائل إعلام وقياديون منشقون عن “تحرير الشام”.
القيادي السابق في “تحرير الشام” والمنشق عنها صالح الحموي، وحسابه المعروف بـ”أس الصراع في الشام“، ذكر أن عدد معتقلي “خلايا التحالف وروسيا” في صفوف “الهيئة” وصل إلى 220 معتقلًا، لافتًا إلى أنه ليس كل معتقل متورطًا، إنما هناك تصفيات وخصومات داخلية.
وفي منشور آخر قال الحموي، إنه تم تسريب حوالي 72 ألف ملف بطاقة شخصية من البطاقات الجديدة التي تصدرها حكومة “الإنقاذ” إلى النظام السوري.
“القحطاني”: الاختراق ليس معيبًا
في الوقت الذي غاب فيه تعليق “الهيئة” أو قياديون فيها أو إعلامها الرديف على ما تم تداوله حول الاختراق، وبعد أن أثارت القضية جدلًا واسعًا في الشمال السوري، علّق “أبو ماريا” عن القضية.
وقال “أبو ماريا القحطاني” في 10 من تموز الماضي، عبر “تلجرام” إن الأخبار المتداولة عن اتهامات مرة بـ”الإرهاب” ومرة بـ”العمالة” هي محاولة لـ”تقويض البناء وهدم الثقة وتشكيك الناس بحملة المشروع الإسلامي”، حسب قوله.
واعتبر “القحطاني” أنه ليس من المعيب أن “يكشف أهل الإيمان في أحد جيوشهم عينًا للأعداء، وأن تطهير أي جماعة لصفها من فرد تدور حوله شبهات لهو دليل طهر وصدق”.
“الهيئة” تكذب نفسها
تجميد مهام وصلاحيات “أبو ماريا القحطاني” يثبت عكس رواية “تحرير الشام” بأن “العملاء” ضمن صفوفها” هم عناصر جدد انتسبوا إلى صفوفها.
وفي 16 من تموز الماضي، قال المتحدث باسم “جهاز الأمن العام” العامل في إدلب، ضياء العمر، إن أجهزة استخبارات (لم يسمِّ تبعيتها)، وخدمة لأجنداتها الخاصة، لجأت إلى استدراج وتوريط من أسماهم “ضعاف النفوس”، والتغرير بهم لجمع المعلومات منهم.
وأضاف أن “الأمن العام” اعتقل “خلية جاسوسية” تعمل لمصلحة جهات “معادية”، وأن عمليات الرصد والتحقيق في “تواصلات مريبة” جارية منذ ستة أشهر، وبعد انتهاء التحقيق سيتم تقديم “المتورطين” إلى القضاء، وفق العمر.
وفي 30 من تموز الماضي، قال ضياء العمر، إن النظام السوري استغل فتح “الأمن العام” باب الانتساب إلى صفوفه من أجل اختراق “هيئة تحرير الشام” ومكوناتها، وزرع عملاء في صفوفها.
وذكر العمر أن “خلية العملاء” التي اعتقلها “الأمن العام”، هي عناصر منتسبون بينهم شخصيات تتبع لـ”تحرير الشام”، وشخصيات مدنية وفي فصائل عسكرية وبحكومة “الإنقاذ”.
وذكر العمر أن المتورطين يتبعون للمخابرات الروسية وأفرع النظام، ويتلقون الأوامر بشكل مباشر منهم، وبعضهم لديه تواصل مع جهات خارجية (لم يسمِّها)، لافتًا إلى أن التحقيق لا يزال مستمرًا.
ولم يقدم العمر أي توضيحات عن عدد المعتقلين ولا عن أسمائهم رغم ثبوت التهمة بحسب التحقيق، ولا عن كون بعضهم من قيادات الصف الأول، ولا عن تهمة تعامل بعضهم مع التحالف.
من “القحطاني”؟
“أبو ماريا” و”أبو الحمزة” هو ميسر بن علي الجبوري القحطاني، والملقب بـ”الهراري”، نسبة إلى قرية هرارة العراقية، التي انتقل إليها من قرية الرصيف بعد ولادته فيها عام 1976.
عمل القحطاني شرعيًا في “جبهة النصرة” (تحرير الشام حاليًا)، وأميرًا للمنطقة الشرقية من سوريا مع بداية العمل المسلّح عام 2012.
ويعرف “القحطاني” الحاصل على دبلوم إدارة من جامعة بغداد، وبكالوريوس في الشريعة، بعدائه للتنظيم الذي يُهاجمه باستمرار.
هو أحد مؤسسي “النصرة”، تتلمذ على يد مشايخ أبرزهم أبو عبد الله المياحي والشيخ فارس فالح الموصلي، كما أجازه الشيخ عبد الرزاق المهدي، الذي انشق عن “تحرير الشام”، ثم عمل مستقلًا في كانون الثاني 2017.
وينظر إلى القحطاني أنه أبرز المنظرين الذين يوصفون بـ “الإصلاحيين” في “النصرة”، وكذّب مرارًا تركه الفصيل لخلافات معه، ويراه بعض دعاة الشام معتدلًا في طرحه، وانتقاده الفصائلية في سوريا، إلا أن آخرين يؤكدون أن صفة “الاعتدال” اكتسبها بالمقارنة مع الشرعيين البقية في المنهج السلفي الجهادي.
بعد درعا توجه القحطاني إلى إدلب، في عملية انتقال غامضة أثارت استغراب كثيرين، لأنه لا طريق بين المحافظتين إلا بالمرور من مناطق سيطرة النظام السوري.
وقال ناشطون حينها إن الطريق كان مرورًا بإزرع ثم درعا إلى إدلب، بصفقة توسط فيها أشخاص من دير الزور ودمشق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :