يعيش سكان مدينة رأس العين شمالي سوريا ظروفًا صعبة نتيجة الحصار الذي تفرضه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والنظام السوري على المنطقة، وإغلاق تركيا لحدودها نحو المدينة من الجهة الشمالية، ما يجعل الدخول والخروج من المنطقة أمر بالغ الصعوبة.
وينعكس الحصار على المنطقة على الإمدادات الضرورية للسكان، بما في ذلك الأدوية والمواد الطبية، إذ يعاني السكان من نقص حاد في الأدوية المهمة منها أدوية الأمراض المزمنة.
التأثيرات الصحية للحصار بدأت تظهر بوضوح، حيث يشعر الأفراد بتدهور حالاتهم الصحية جراء عدم توفر العلاج اللازم، ما فاقم مشكلات صحية أخرى.
ويزيد ارتفاع تكاليف العلاج من تعقيد وضع السكان إلى جانب نقص الأدوية، إذ يجد الأفراد أنفسهم مضطرين للبحث عن العلاج عن طريق أشخاص قادمين من مناطق “قسد” والنظام، حيث تكون أسعار الأدوية مرتفعة للغاية، ما يشكل عبئًا إضافيًا على السكان، بحسب ما قاله مدنيون من المنطقة لعنب بلدي.
الأدوية التركية لا تعوض النقص
أحمد زيدو، قال إنه يُعاني من مرض الغدة الدرقية، ويواجه تحديات كبيرة نتيجة انقطاع الدواء الضروري لهذا المرض، وقد تعرض لحالات إغماء متعددة نتيجة فقدانه للدواء الخاص به.
ذكر أحمد لعنب بلدي، أن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وهو أحدهم، من حقهم الحصول على العلاج اللازم والأدوية التي يحتاجونها، داعيًا إلى تحسين الوضع الطبي في المنطقة.
عدنان المعيوف، وهو الآخر بين من يعانون نتيجة نقص في الأدوية، إذ قال لعنب بلدي إنه يواجه تحديات كبيرة بسبب وضع ابنه ذو الـ15 عامًا الصحي.
ويعاني طفله من “اضطراب نوبات الصرع” (الصرع) منذ طفولته، ويعتمد الصبي على أدوية خاصة لحالته بهدف الحفاظ على استقراره وتجنب الاغماء المتكرر، بحسب ما قاله عدنان.
وأضاف، أن دواء ابنه ضروري للغاية لتهدئته، لكنه غير متوفر منذ أكثر من عام بسبب الحصار المفروض على المنطقة، إذ حاول استبدال الدواء الأساسي بآخر قادم من تركيا، لكن الأخير لم يحدث أي فر ق بحالة الصبي الصحية.
الصيدلاني عبد المجيد كرمو، مالك صيدلية في رأس العين، يشهد يوميًا عشرات الباحثين عن الأدوية الضرورية، دون أن يجدوها.
وذكر الصيدلاني لعنب بلدي، أن طريقة توفير الأدوية تعتمد أساسًا على الحصول عليها من مناطق “قسد” ومستودعات الأدوية في الرقة، ولكن الوصول إليها أصبح صعبًا للغاية بسبب انقطاع الطرق بالكامل إثر جبهات القتال المنتشرة بمحيط المنطقة.
وتابع الصيدلاني، أن الأوقات التي تتوفر فيها بعض أصناف الأدوية، فإن كمياتها تكون قليلة جدًا وبأسعار مرتفعة للغاية.
وفي الوقت الحالي، يواجه السكان نقصًا حادًا في الأدوية المهمة مثل “الأنسولين” وأدوية مرضى القلب، والسكر، نتيجة الحصار.
ما حلول سلطات المنطقة
مدير الصحة في رأس العين، قال لعنب بلدي، إن نقص الأدوية في المنطقة ناتج عن الحصار الذي فرضه النظام السوري و”قسد” على رأس العين وتل أبيض.
وأضاف، أن نقصًا حادًا في الأدوية المحلية تعاني منه المنطقة، إذ يلجأ الكثير من السكان للحصول عليها بـ”وسائل غير قانونية وبأسعار مرتفعة” (عبر طرق التهريب)، وغالبًا ما تكون منتهية الصلاحية.
وتابع، أن مديرية الصحة تسعى جاهدة لتوفير الأدوية التركية في المنطقة، ولكن هناك تحدٍ في تكيّف المرضى مع هذه الأدوية نظرًا لاعتيادهم على الأدوية السورية، وأن هذا التغيير في النمط الدوائي يؤثر على بعض المرضى من أصحاب الأمراض المزمنة.
يشعر المريض بحالة من عدم الراحة عند التحول إلى الأدوية التركية، وتركز المديرية على تجاوز تلك الصعوبات وتقديم الدعم اللازم للمرضى للتأقلم مع الأدوية التركية، وذلك من أجل ضمان استمرارية توفير الرعاية الصحية اللازمة والدواء للمرضى في المنطقة.
المتحدث الرسمي لمجلس المدينة زياد ملكي قال لعنب بلدي، إن المجلس يسعى باستمرار لإيجاد حل لمشكلة نقص الأدوية في المنطقة من خلال التعاون والتنسيق مع مديرية الصحة، إذ بدأوا مؤخرًا بتوفير الدواء التركي في الصيدليات.
أوضح ملكي أن بعض الأدوية تتوفر في المنطقة، لكنها غالبًا ما تكون منتهية الصلاحية وبأسعار مرتفعة، مايجعل من تأمين الدواء أمرًا صعبًا.
سوء عام في الخدمات الطبية
لا تعتبر مشكلة نقص الأدوية هي الوحيدة التي يعاني منها سكان المنطقة على صعيد القطاع الطبي، إذ يعاني مستشفى رأس العين “الوطني” قلة الكوادر الطبية المؤهلة.
وتعتبر قلة المعدات الطبية الحديثة عائقًا بالنسبة لمراجعي المستشفى، إذ لا يشير كثير من السكان إلى عجزه عن تقديم خدمات صحية بجودة عالية.
ومقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا حادًا في الدعم، إذ تعيش حالة تشبه الحصار، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي.
تقع مدينة رأس العين شمالي محافظة الحسكة، بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تسيطر “قسد” على جميع المناطق المحيطة بها، ما يجعل منفذها الوحيد هو الحدود التركية، التي لا تقدم التسهيلات الكافية للدعم المطلوب.