عوامل تزيد من الإصابة بالتجفاف.. تجنبها
د. أكرم خولاني
الماء هو المكون الأساسي لجسم الإنسان، إذ يشكل حوالي 70% من وزنه، فهو يدخل في تكوين الخلايا والأنسجة، كما يدخل في تكوين بلازما الدم والإفرازات المختلفة كاللعاب والدموع والبول وغيرها من السوائل، وهو ضروري أيضًا من أجل قيام أعضاء الجسم بوظائفها المختلفة من هضم وامتصاص واستقلاب وعمليات كيماوية، لذلك فإن نقص كمية الماء في الجسم يؤدي إلى مشكلات صحية عديدة تُعرف بجفاف الجسم أو التجفاف.
ما المقصود بالتجفاف؟
يُعرف التجفاف أو الجفاف (Dehydration) بأنه عدم وجود كمية ماء كافية أو سوائل أخرى كافية في الجسم لأداء وظائفه الحيوية الطبيعية، ما يؤدي إلى أعراض وعلامات قد تهدد الحياة إذا لم تعوّض السوائل الناقصة.
في الأحوال العادية يفقد الشخص البالغ أكثر من 2.5 ليتر من الماء يوميًا، نحو 0.5 ليتر في أثناء التنفس، و0.5 ليتر عند التعرق في بيئة معتدلة، ونحو 1- 1.5 ليتر خلال التبول والتبرز، أي أن الحاجة اليومية للجسم من الماء تتراوح بين 2.5 و3 ليترات.
ولكن كمية الماء المفقودة عند التعرق تزيد بشكل كبير بالطقس الحار أو في الغرف الساخنة أو عند التمرين، كما أن الإسهال والإقياء يؤديان إلى فقدان مزيد من سوائل الجسم، ما يجعل الحاجة إلى الماء أكبر من المعتاد، وإذا لم تعوّض الكمية اللازمة يصاب الجسم بالتجفاف.
ومع أن أي شخص مُعرض للإصابة بالتجفاف في ظروف معيّنة، لا تكون الحالة خطيرة إلا لدى الرضع والأطفال الصغار وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة كداء السكري وأمراض الكلى.
ما أسباب الإصابة بالتجفاف؟
يُعزى حدوث التجفاف إلى عاملين هما:
1- عدم الحصول على كمية كافية من الماء تغطي احتياجات الجسم.
2- التعرض لظروف أو مشكلة صحية تتسبب في فقدان الجسم كميات كبيرة من الماء.
وتشمل الأسباب الشائعة ما يلي:
الإسهال: يعد الإسهال أكثر أسباب التجفاف شيوعًا، حيث يفقد الجسم كثيرًا من السوائل والأملاح والمعادن من خلاله، كما أن حدوث الإسهال يحول دون امتصاص الماء الموجود في الطعام من القولون.
القيء: قد يحدث التجفاف أيضًا نتيجة الإصابة بالقيء المتكرر، فيفقد الجسم الماء والكهارل، وتكون هناك صعوبة في شرب السوائل للإعاضة، وما يزيد الأمر سوءًا هو ترافق الإقياء مع الإسهال.
الحمى: بشكل عام كلما ارتفعت درجة الحمى زادت حالة الجفاف، وتتفاقم المشكلة في حالة الإصابة بالحمى بالإضافة إلى الإسهال والإقياء.
فرط التعرق: قد يؤدي فرط التعرق جراء الإصابة بالحمى، أو القيام بأعمال شاقة، أو ممارسة الرياضة الخارجية في جو حار، أو المكوث في مكان حار، دون تعويض ذلك بشرب كميات كافية من الماء إلى جفاف الجسم، ويزداد التعرق في الجو الحار مع الرطوبة.
عدم شرب كمية كافية من الماء: ربما يحدث الجفاف ببساطة نتيجة عدم شرب قدر كافٍ من الماء يوميًا بسبب الانشغال وعدم الاهتمام، أو بسبب صعوبة الحصول على مياه آمنة للشرب عند السفر أو التجول خارج البيت، أو بسبب المرض كصعوبة البلع كما في التهاب الحلق.
كثرة التبول: يمكن أن تنجم زيادة التبول عن بعض الحالات الطبية، مثل داء السكري غير المعالج بشكل جيد، أو تناول بعض الأدوية كمدرات البول، ما يؤدي إلى زيادة فقد الماء وحدوث جفاف في الجسم.
الحروق: قد تسبب الحروق تسرب السوائل إلى الأنسجة المحيطة نتيجة تلف الأوعية الدموية ما يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من السوائل، خاصة في حال حدوث الحروق على مساحة كبيرة من الجسم.
ما أعراض التجفاف؟
تختلف أعراض التجفاف من حالة لأخرى وفقًا لدرجة جفاف الجسم، فقد يكون الجفاف خفيفًا أو متوسطًا أو شديدًا تبعًا لكمية السوائل المفقودة من الجسم.
في البداية يُحفز جفاف الجسم مركز العطش في الدماغ ما يؤدي إلى الشعور بالعطش، وهذا ما يدفع الإنسان للشرب.
ولكن إذا لم يستطع الشخص الشرب أو إذا لم تكفِ كميات المياه المتناولة ولم تعوّض عن الكميات المفقودة منها، يصبح التجفاف أكثر شدة، وعندها يتناقص التعرق، وتتراجع كميات البول المطروحة، وينتقل الماء من داخل الخلايا إلى مجرى الدم للحفاظ على كمية الدم (حجم الدم) وضغط الدم المطلوبين، وتتضمن الأعراض الأخرى للتجفاف الخفيف إلى المعتدل كلًا مما يلي:
رائحة الفم الكريهة، زيادة اشتهاء تناول الحلويات، الصداع، جفاف الفم، نقص مرونة الجلد، ألم أسفل الظهر، الشعور بالإرهاق، سوء المزاج وصعوبة التركيز.
وإذا استمر التجفاف ووصل إلى الحالات الشديدة تبدأ أنسجة الجسم بالجفاف، وتبدأ الخلايا بالانكماش وتضطرب وظائفها، فقد يتراجع الإحساس بالعطش، وينخفض ضغط الدم، ما يؤدي إلى الشعور بخفة في الرأس أو الإغماء، وخاصة عند الوقوف (انخفاض ضغط الدم الانتصابي)، وإذا استمر التجفاف قد يصاب المريض بما يُعرف بالصدمة (انخفاض ضغط الدم، زيادة معدل ضربات القلب، سرعة التنفس، اضطراب الوعي)، وهنا تحدث أضرار جسيمة في الأعضاء الداخلية مثل الكليتين والكبد والدماغ، ويعد التخليط الذهني واحدًا من أهم المؤشرات على حالات التجفاف الشديد، ويمكن للتجفاف الشديد جدًا أن يسبب الغيبوبة وربما يصل الأمر إلى الوفاة.
وتختلف أعراض التجفاف عند الرضع عنها عند الأكبر سنًا، وقد تتضمن الآتي:
- جفاف الفم واللسان.
- غؤور اليافوخ الأمامي (المنطقة الرخوة في أعلى رأس الرضيع).
- غؤور العينين.
- قلة الدموع عند البكاء أو انعدامها.
- بقاء الحفاظ جافًا مدة تزيد على ثلاث ساعات.
- الخمول، أو كثرة البكاء والهياج.
- نقص مرونة الجلد.
ما مضاعفات الإصابة بالتجفاف؟
يمكن أن يؤدي التجفاف إلى مضاعفات خطيرة، تشمل:
الإصابة الحرارية: عند الوجود في جو حار مع نقص السوائل قد تحدث الإصابة الحرارية، وتتراوح في شدتها بين التشنجات الحرارية البسيطة وحتى الإنهاك الحراري أو ضربة الحر (ضربة الشمس) التي قد تهدد الحياة.
المشكلات البولية والكلوية: يمكن أن تسبب النوبات الطويلة أو المتكررة من الجفاف التهابات الجهاز البولي وحصوات الكلى، ويمكن أن تتسبب في فشل كلوي.
النوبات: إذا أصبحت الكهارل في الجسم غير متوازنة، فقد تصبح الرسائل الكهربائية الطبيعية بين الخلايا مختلطة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انقباضات لاإرادية للعضلات وأحيانًا فقدان للوعي.
الصدمة (صدمة نقص حجم الدم): تحدث عندما يتسبب انخفاض كمية الدم بانخفاض ضغط الدم وانخفاض كمية الأكسجين الواصلة إلى الأنسجة والأعضاء، وتعد الصدمة أحد أكثر مضاعفات التجفاف خطورة، وفي بعض الأحيان تكون مهددة للحياة.
متى يجب طلب الرعاية الصحية؟
يجب زيارة الطبيب أو المستشفى في الحالات التالية:
- الإقياء المتكرر خلال 24 ساعة أو أكثر.
- الإسهال المستمر لـ48 ساعة أو أكثر.
- الشعور بالخمول الشديد والنعاس.
- الشعور بالتيهان أو الهياج.
- ظهور علامات التجفاف عند الرضيع.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :