الحسكة – ريتا أحمد
تتفاوت أسعار الأدوية في صيدليات محافظة الحسكة شمالي شرقي سوريا بنسب “كبيرة”، وسط غياب رقيب يضبطها رغم وجود “صندوق شكاوى” لاستقبال أي شكوى متعلقة بالصيدليات والأطباء والمخابر.
تفاوت كبير في أسعار الأدوية يرهق الأهالي، ويضاف إليه غلاء الثمن، بسبب تأثرها بأسعار الأدوية في مناطق سيطرة النظام السوري، وانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي.
وتلجأ الصيدليات في الحسكة ومدنها حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” إلى تأمين الأدوية من مناطق سيطرة النظام (حلب أو دمشق)، وقد يضطر بعض السكان إلى استخدام أدوية أجنبية بديلة، وتحمّل أخطار “كونها مجهولة المصدر”.
سعر متفاوت ومرتفع
توجد في مدينة القامشلي أكثر من 200 صيدلية، وفق مصدر في “هيئة الصحة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، وتتفاوت الأسعار بينها بشكل واضح، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في المنطقة.
سلام أحمد، وهي أم لطفلة ذات إعاقة (خمس سنوات)، قالت لعنب بلدي، إنها تشتري الأدوية بشكل مستمر لابنتها، وتصل تكلفة الدواء إلى أكثر من 100 ألف ليرة سورية أسبوعيًا، وهو غالٍ رغم أنها تشتريه من مستودع في شارع “الوحدة” بالقامشلي.
وذكرت أنها تضطر أحيانًا إلى شراء أدوية من صيدليات كثيرة موجودة في الشارع نفسه، لعدم توفرها في المستودع، لافتة إلى أن التفاوت في الأسعار بات أمرًا واضحًا للجميع.
ويصل الفرق في سعر الدواء الذي اشترته بين صيدلية وأخرى إلى ستة آلاف ليرة سورية.
أما عبد الباسط (68 عامًا)، وهو نازح من مدينة رأس العين ويسكن في حي حلكو بالقامشلي، فقال لعنب بلدي، إنه يواجه صعوبة في تأمين ثمن الدواء اللازم لعلاج مرض القلب، بسبب ارتفاع السعر “بشكل جنوني”.
وأضاف أن ابنه يشتري الأدوية له بشكل شهري، ولا يمكنه التوقف عن تناولها، ويبلغ سعر أحد الأصناف 25 ألف ليرة سورية، ويحتاج إلى ثلاث علب منه شهريًا.
يشتكي عبد الباسط ارتفاع السعر، متسائلًا هل صار الدواء من “الكماليات”.
انخفاض الليرة وتكلفة شحن عالية
صيدلاني في حي الخليج بالقامشلي، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع سعر الأدوية وعدم استقراره مرتبط بانخفاض وتخبط قيمة الليرة أمام الدولار.
وتجاوزت قيمة الدولار 13 ألف ليرة سورية في 9 من آب الحالي، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.
وذكر الصيدلاني، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن شحن أي مواد إلى المدينة ومنها الأدوية بات مكلفًا جدًا، ما انعكس على سعر الدواء.
وارتفعت أجرة السفر بالباصات بين محافظة دمشق والحسكة، إذ بلغت قيمة التذكرة للراكب الواحد 66 ألف ليرة سورية، بعدما كانت 44 ألفًا، وبلغ ثمن تذكرة رجال الأعمال 85 ألف ليرة سورية بعدما كانت 55 ألفًا.
وأضاف الصيدلاني أن غلاء الأسعار وتفاوتها أدى إلى تراجع المبيعات، واقتصار الطلب على الأدوية المُلحة، وهي أدوية الضغط والقلب والسكري، وبكميات أقل من السابق.
وفي حديث سابق لعنب بلدي مع محاسب لدى أحد المستودعات في القامشلي، قال إن مستودعات الأدوية تضيف إلى ثمن الدواء الذي يباع في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” أجور شحنه من مناطق النظام، التي تحدد بالدولار الأمريكي حصرًا، فضلًا عن أجرة المستودعات وتكاليف عملها من رواتب عمال ومحروقات وغيرها.
وتضاف إلى ذلك الضرائب والرسوم التي تُدفع إلى ثلاث جهات، هي حكومة النظام، و”الفرقة الرابعة” التي تأخذ رسومًا على شحنات الأدوية بالدولار حصرًا، حتى لو كانت لدى المستودع أوراق وفواتير نظامية لشحنة الأدوية تُظهر دفع كل ما يترتب عليه لـ”الدولة”، والجهة الأخيرة هي “الإدارة الذاتية”، وفق المحاسب.
“صندوق شكاوى” بشروط
حالة التفاوت في سعر الأدوية مستمرة على الرغم من أن “هيئة الإدارة المحلية” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” قالت، في 6 من تموز الماضي، إنه يمكن تقديم شكوى في حال وجودها على الصيدليات أو الأطباء أو المخابر أو أطباء الأسنان.
وذكرت أنه يمكن للمواطنين تقديم شكوى في “صندوق الشكاوى” الخاص الذي وُضع في شارع “الأطباء”، من خلال ورقة يكتب فيها الاسم الثلاثي لمقدم الشكوى، ورقم الهاتف، وتاريخ الشكوى وموضوعها.
ويمنع تقديم الشكوى دون ذكر التفاصيل السابقة، كما لا تُستقبل الشكاوى الشخصية غير المتعلقة بالمهنة، وفق “هيئة الإدارة المحلية”.
مصدر في “هيئة الصحة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” قال، إن الرقابة موجودة على الأدوية والصيدليات، عبر إجراء جولات مستمرة، وعند ضبط أي مخالفة يتم إغلاق الصيدلية وتغريم صاحبها.
وأضاف المصدر أنه في الوقت الحالي وسط اضطراب قيمة الليرة، بات من الصعب السيطرة على جميع الصيدليات، وللحد من التلاعب بالأسعار، اجتمعت “هيئة الصحة” مع “اتحاد الصيادلة”، وتقرر وضع “صندوق للشكاوى”.